الثلاثاء، 18 يونيو 2013

وما مصر إلا «سوق سلاح» كبير

وما مصر إلا «سوق سلاح» كبير

سوق المفرقعات و«السيلف ديفنس» تنتعش مع اقتراب تظاهرات 30 يونيو

"صورة أرشيفية" 

أسلحة مات بشفراتها ورصاصها «الجندى وجيكا وأبوضيف» فى معارك شهدها ميدان التحرير وأخرى وقعت أمام أسوار «الاتحادية»، وفى العباسية تحت صلبان الكاتدرائية، ورغم ما تبذله الأجهزة الأمنية لضبط كميات منها، فإن سوق صناعة وبيع الأسلحة تلقى رواجاً منذ اندلاع الثورة فى يناير 2011، باختلاف أنواعها بين مفرقعات منزلية الصنع وأسلحة بيضاء ونارية.. حتى سقط جرَّاء استخدامها العشرات بين القتيل والجريح فى أحداث عنف، وأخرى سياسية تأخذ منحى العنف.
«الوطن» تفتح ملف صناعة الأسلحة وبيعها ونحن «قاب أسبوعين أو أدنى» من 30 يونيو، التاريخ الذى دعت حركات وأحزاب سياسية المصريين للتظاهر فيه للمطالبة بإقالة الرئيس محمد مرسى والتعجيل بانتخابات رئاسية.. وسط توقعات خبراء أمن بأن تشهد الفعاليات نشوب عنف بين معارضى الرئيس ومؤيديه. فى ظل انتشار السلاح.. دخلت «الوطن» العديد من أوكار صناعة وبيع الأسلحة لتكشف عالماً من الحديد والنار وجد لنفسه بيئة خصبة للنمو بينما يتراجع الأمن خطوات إلى الخلف. 
  المواطنون استعدوا للمظاهرات "بتورتة" الصواريخ المواطنون استعدوا للمظاهرات "بتورتة" الصواريخ
لن تستغرق كثيرا فى البحث عن مكان لشراء أدوات الدفاع عن النفس فى تلك الفترة؛ فما بين إعلانات تفرض نفسها عليك عبر صفحات موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» أو المواقع الإلكترونية المختلفة وبين باعة جائلين يفترشون الأرصفة لبيع ما لديهم من منتجات للدفاع عن النفس تبدأ بالصاعق الكهربائى الذى ارتفع سعره للضعف بعد تزايد الإقبال عليه وبين «اسبراى سيلف ديفنس» الأمريكى محلى الصنع وبين هذا وتلك تتراوح الأسعار كل على حسب إرادته فى الشراء.
رغم صغر سنه ونحافة جسده فإنه يدرك الكثير عن أدوات الدفاع عن النفس ويتبارى بين الباعة الجائلين بسلعته التى يروج لها؛ فبها تكمن قوة المعارك والمشاجرات، ما بين مفرقعات تدوى بصوتها وأخرى تشعل النيران وثالثة تصيب من يقترب منها يدرك خبايا هذا العالم بطفولته التى لم تكتمل بعدُ، لكن هناك ما يعلنه للمارة فى سلعته وهناك ما يبيعه فى الخفاء، عالم المفرقعات ملىء بالأسرار؛ فهناك ما يمكن أن يشعل النيران لمدة نصف ساعة بالكامل وهناك ما يمكن أن ينطلق كطلقات الرصاص لتصل فى أقصاها إلى 48 طلقة مرة واحدة بصورة تجعل ما يواجهها يواجه خطر الإصابة بها.
أحد الباعة الجائلين: فلسطينى اشترى منى كميات كبيرة وأخبرنى أنها لـ«غزة».. والغالبية يأخذون المنتجات استعداداً للتظاهرات المقبلة
يقف «محمد»، ذو العشر سنوات، وسط عالم المفرقعات يبيع تجارته بهدوء تام، يعرف أن هذا هو موسم الإقبال على تلك السلعة؛ فمع اقتراب تظاهرات 30 يونيو بدأ الكثيرون من الذين يرغبون فى المشاركة فى المظاهرات فى اللجوء إليه للتجهيز إلى ذلك اليوم، أحدهم اشترى كرتونة كاملة مما يسمى «التورتة» وأخرى بها ما يعرف بـ«العصا ثمانية» وكلاهما يطلق بنيرانه على الواقفين بصورة أشبه بطلقات الرصاص لدرجة أن الصغير يخبر من حوله بأنه أقوى من الرشاش فى رجمه الآخرين، يزداد الأمر تعقيدا حين يبدأ الصغير فى مواجهة أحد الزبائن لشراء «السيلف ديفنس»؛ فبعض هذه الأدوات قد تعرضه للمساءلة القانونية؛ لذا يتحسس الصغير كلماته حين يتحدث عنها مع أحد ويروج لها بأن لديه الأنواع الأصلية وليست المضروبة، وحين يتأكد من حسن نية زبائنه ورغبتهم الأكيدة فى الشراء يذهب بنفسه بحثا عن الطلب المخصوص لهؤلاء داخل مخزنه بحى الموسكى، ينطلق بسرعة اعتادها فى فترة عمله ليجلب لزبائنه ما يريدون، يعود حاملا فى يديه زجاجات صغيرة من «اسبراى سيلف ديفنس» ويحاول إقناعهم به، خاصة أن الزجاجة غير مدون عليها أى بيانات يخبرهم بأنها تدمع العين، وهذا يدل على قوة تأثيرها، يندفع «محمد» نحو زميل له على نفس الرصيف، يتبادلان الحديث حول عدد الكميات المطلوبة استعدادا للتظاهرات ليقول إن «التورتة» بها نحو 12 صاروخا يطلق الواحد فيها نحو 48 طلقة دفعة واحدة وهذه الميزة جعلتها من الأكثر طلبا هى والشماريخ التى يتراوح سعرها بين 25 و35 جنيها، بينما يصل سعر التورتة إلى 50 جنيها، وتتراوح أسعار الصاعق الكهربائى بين 100 و130 جنيها، وأسعار الـ«اسبراى» بين 60 و90 جنيها.
«محمد» واحد من عشرات الباعة الجائلين فى منطقة العتبة يحصلون على منتجاتهم من حى الموسكى، بعد أمتار قليلة منه يوجد بائع آخر يجلس هادئا ليس بحاجة لينادى على سلعته؛ فالجميع يعرف وجهته يتكئ آخر على مقعد بلاستيكى فى ظل أتاه من كوبرى يعلوه ويعلو بضاعته، هو دائم التغيير فى استعراض نوع البضاعة التى يبيعها، دائما يلجأ لحدسه تجاه السوق ورغبتها، وهو ما دعاه لشراء المفرقعات وأدوات الدفاع عن النفس؛ فتلك هى السلعة التى يسعى الكثيرون إليها بداية من احتجاجات يونيو وانتهاءً بشهر رمضان الذى تفصلنا عنه أسابيع قليلة، يظن أحمد، ذو العشرين ربيعا، أن المفرقعات هى أفضل المنتجات رواجا فى المرحلة الحالية ويصف زبائنه بأن لديهم مصالح خاصة تدفعهم لشراء كميات، يقول: «من يومين جالى واحد فلسطينى واشترى منى كمية كبيرة جدا وأغلبها مفرقعات طويلة المدى زى التورتة اللى بتفضل مولعة لمدة نص ساعة كاملة والشماريخ المستوردة عالية الجودة»، وحين سألته: لماذا كل هذه الكميات؟ قال إنه سينقلها إلى غزة.
رغم ما يقوله أحمد فإن زبائنه لا يتدافعون عليه؛ فالذى يرغب فى شراء تلك الأنواع من المفرقعات يأتيه من الحين للآخر ويشترى كميات كبيرة دفعة واحدة. 

«أبوحشيش» قلعة صناعة صواريخ المعارك

 "صورة أرشيفية" 

شارع متسع تنتشر على جوانبه ورش ومحلات الثلاجات والغسالات المستعملة والأخشاب والألومنيوم تتوسطه قضبان سكك حديدية لم يسِر عليه أى قطار منذ ثورة يناير، ويقسم المنطقة إلى نصفين وفيها ترى الشىء ونقيضه؛ حيث تجاور العمارات العالية العشش الفقيرة. لا تمر 5 دقائق فى المنطقة دون سماع صوت انفجار أحد الصواريخ أو الألعاب النارية. وهو ما اعتاد عليه الأهالى لأنهم تعودوا على ما هو أخطر من ذلك وهو صوت الرصاص الذى يستخدم بكثافة خلال أى «عاركة»، حسب وصف بعض سكان المنطقة، يشكو سكانها من السمعة السيئة التى اقترنت بالمكان منذ عقود؛ حيث لا تذكر الجريمة أو البلطجة أو تجارة المخدرات دون ذكر المكان، وتعد «أبوحشيش» أكبر مصدر فى مصر لتصنيع الألعاب النارية منذ أيام الاحتلال الإنجليزى، هذه الخبرة جعلت البلطجية بالعزبة والمناطق المجاورة يطورون من أدواتهم المستخدمة فى «الخناقات» ولم تكتفِ العزبة بما تنتجه من «البومب» أو حتى «المونة» التى يستخدمها البلطجية، بل تقوم الآن بإعادة تصنيع الألعاب النارية والصواريخ وتفريغها من محتواها وتجميعها مرة أخرى فى أشكال مختلفة.
بمجرد زيارتك للعزبة تتجه كل أنظار السكان إليك لأنك الغريب الوحيد وتقرأ فى أعينهم أسئلة تمنوا أن تجيب عنها: من أنت؟ وماذا تفعل هنا؟ وماذا تريد؟
محمد عبدالمولى، 50 سنة، مقاول بناء من عزبة أبوحشيش، يقول: بعض شباب المنطقة يقومون بشراء صواريخ من أنواع «بكار» وصواريخ على شكل «تورتة» ثم يفرغون محتواها ويضيفون عليها مواد أخرى مثل مسحوق البارود الأبيض ومادة الكبريت، وأحيانا يضيفون عليها مادة الجبس الأبيض والفحم بجانب مسامير وحجر أحمر يأتون به من عطار بشارع بورسعيد خلف مديرية أمن القاهرة ثم يطحنونه فى بيوتهم، كل هذه المواد المتفجرة تركب بنسب معينة وتوضع فى علب كرتونية ويخرج منها خيط أو فتيل يتم إشعاله عند الاستخدام لتحدث هالة نيران كبيرة وصوت مرتفع جدا وتصيب العشرات.
مسجلون خطر يصنعون مواد شديدة الانفجار بمنازلهم.. وإصابة بعضهم بعاهات مستديمة
الغريب أن عددا كبيرا من سكان المنطقة أصيب إصابات بالغة وصلت إلى حد العاهات المستديمة. ليس على مستوى بعض الأشقياء فقط، بل على مستوى الناس العادية التى تتكسب وتعيش من وراء مهنة صناعة الألعاب النارية التى تنتعش فقط فى الأعياد. ليس هذا فحسب بل تقوم بعض سيدات المنطقة بتجميع تلك المواد شديدة الخطورة فى الغرف الضيقة التى يعشن فيها ويصنعنها ويبعنها إلى تاجر أكبر وهكذا.
بينما يقول محمد أحمد، صاحب ورشة ألوميتال بمدخل عزبة أبوحشيش من ناحية شارع السكة: انخفض عدد البلطجية فى العزبة بصورة ملحوظة منذ 10 سنوات بعد أن رحلوا عن المكان إلى محافظات أخرى، ويوجد عدد محدود منهم الآن، مجرد عشرات عبارة عن تجار مخدرات وبلطجية. أجهزة الشرطة تعرفهم بالاسم وقبضت على بعضهم وأفرجت عنهم مرة أخرى. وعندما تقوم الشرطة بعمل حملات أمنية إلى هنا يقوم الأهالى بمساندتها للقبض على المجرمين والمسجلين خطر؛ لأن عدد قوات الحملة قليل. ومنذ أسبوعين قامت المباحث بإلقاء القبض على أحد البلطجية فى مسكنه وفى حوزته صواريخ ومواد شديدة الانفجار. و«المكان اللى بيناموا فيه بيصنعوا فيه»، عزبة أبوحشيش هى المكان الوحيد بجانب الفيوم الذى يصنع به مثل هذه الصواريخ بعد أن يتم شراء بعضها من الموسكى.
الأهالى: خناقات يومية بين البلطجية بجميع الأسلحة وأدمنّا صوت الانفجارات
ويضيف: أغلب سكان المنطقة يعملون فى التجارة، خصوصا «الخردة والروبابيكيا والأدوات الصحية والأخشاب»، وفيه ناس هنا «مليونيرات» وفيه ناس حالتها تحت الصفر (أكتر من 80% من سكان المنطقة يعيشون تحت خط الفقر). أسر كاملة تعيش فى غرف ضيقة جدا.. هما شوية بلطجية وتجار مخدرات فى الحتة مشوهين سمعتنا لو مشيوا فى أى حتة هنستريح منهم، لأنه لا يمر يوم دون حدوث خناقات تُستخدم فيها الأسلحة النارية وقنابل المولوتوف. نحن وأطفالنا تعودنا على ذلك وهذا بالنسبة لنا عادى جدا

العكرشة».. خرطوش «صُنع فى مصر»

 "صورة أرشيفية" 

مكانها المعزول حوّلها لبؤرة إجرامية يقبع فيها المسجلون خطر والخارجون على القانون، بعيدا عن رجال الأمن وكمائنهم الثابتة والمتحركة، التى تخشى دخول المنطقة، رغم معرفتهم بكل ما يدور فيها.
«العكرشة» منطقة صناعية صغيرة فى أبوزعبل بمحافظة القليوبية، تبعد عن القاهرة حوالى 20 كيلومترا، طبيعتها الجغرافية المنحرفة عن المناطق السكنية جعلتها مأوى لأصحاب الصناعات المحرمة، وعلى رأسها صناعة الأسلحة العشوائية، فى مصانع «بير السلم»، التى لا تقل عشوائية عن الأسلحة التى يتم تصنيعها.
يتنوع إنتاج هذه البؤرة، التى تخصصت فى تسليح البلطجية والمطلوبين أمنيا، بين فرد الخرطوش، بنوعيه 12 و16، والمقروطة والكباس، وتعتبر المنطقة المصدر الأول لبيع الأسلحة اليدوية فى القاهرة والقليوبية.
وتنتشر الورش التى تخصصت فى تصنيع الأسلحة اليدوية داخل المناطق السكنية، وتحديدا فى منطقة أرض الجمعية، التى يرصد أبناؤها محاولات أى شخص غريب يدخل إلى المنطقة؛ فطلقات الخرطوش معهم بلا حساب، والموت عندهم أيضا بلا ثمن، ما قد يكلف أى شخص غريب يدخل إلى المنطقة حياته؛ فمبررات الوجود داخل هذه المنطقة لا بد أن تقنع كل من يسألك عن سبب وجودك فى هذا المكان.
الصانع مسجل خطر.. والبائع خارج عن القانون.. والمشترى بلطجى
عماد السيد، صاحب ورشة خراطة من سكان المنطقة، كان يعمل فى تصنيع السلاح اليدوى، ترك هذه الصناعة المحرمة بسبب إصابة أبنائه الثلاثة أثناء العمل على المخرطة، يقول «عماد»: تصنيع الأسلحة «بيكسب دهب»؛ فسعر الفرد الخرطوش 12 مللى يصل إلى 1300 جنيه، بينما 16 مللى يباع بـ1500 جنيه، وتكلفة تصنيعه لا تتجاوز 150 جنيها، وهو عبارة عن الهيكل وماسورة السلاح وقطعة حديد مطوية تستخدم كجسم للفرد، وقطعة ثانية مطوية تستخدم لتثبيت الماسورة فى جسم الفرد، إضافة إلى قطعة حديدية ثالثة أسطوانية الشكل، مصمتة يتوسطها سن بارز من الجانبين، تستخدم كإبرة ضرب نار، وأخيرا المقبض الخشبى أو البلاستيكى، بالإضافة إلى مسامير تثبيت ليصبح الفرد جاهزا للاستخدام.
لا يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ حيث ابتكرت العقلية الإجرامية المتخصصة فى صناعة أسلحة البلطجة تطويرا جديدا لفرد الخرطوش (بروحين)، ويقول شعبان، أحد العاملين فى ورشة «عماد»: هذه النوعيات لا تضرب «بلحة» واحدة، إنما «بلحتين»، أى طلقتين، والطلقة بداخلها كمية كبيرة من البلى الحديدى صغير الحجم، يضاف إليه بارود يمكن أن يقضى على الشخص المستهدف على مسافة أربعة أمتار، بينما يتسبب البلى المتطاير فى اختراق الجسم وإحداث تشوهات قد تدمر العين فى المسافات الأبعد، مضيفا: خطورتها ترجع إلى أنها يمكن أن تصيب من 10 إلى 20 شخصا، بسبب انتشار البلى المندفع منها، ويطلق عليها البلطجية طلقة «بتفرش»، ويصل سعرها إلى 20 جنيها.
فرد الخرطوش بـ1500.. والمقروطة بـ1300.. والكباس بـ500 جنيه
وهناك «المقروطة» ويطلق عليها أيضا «المخروطة»، وهى نوع آخر من السلاح العشوائى الذى تنتجه ورش بير السلم بالعكرشة إلى تصنيعه، وهى عبارة عن سلاح نارى أطول قليلا من فرد الخرطوش، لكنها بروحين وتستخدم طلقات الخرطوش، ويصل سعرها إلى 1500 جنيه.
ولا تتوقف سوق السلاح العشوائى عند حد معين، فهناك دائما الجديد من الأسلحة، التى تنضم إلى ترسانة أسلحة البلطجية، وأحدثها «الكباس»، وفكرته مأخوذة من السلاح الآلى، الذى يعمل بفعل ضغط الهواء، وهو يصنع من مواسير البترول، أو مياه الشرب، كما يقول سيد كنكة، من الخانكة؛ حيث يجرى خرط المواسير لتكون على مقاس الطلقة، وفى نهاية الماسورة، يثبت شداد يعمل بسوستة ضغط شديدة، وعند الاستخدام يجرى وضع الطلقة داخل الماسورة، ثم جذب الشداد للخارج وتركه، وعندها يضغط على الطلقة، فتنطلق للخارج لتصيب الهدف، ويتميز الكباس بإصابته هدفا أبعد من خمسة أمتار، على عكس فرد الخرطوش والمقروطة، اللذين لا يتجاوز مداهما الفعلى 5 أمتار، ويتراوح ثمنه بين 300 و500 جينه، حسب المساحة المستخدمة فيه. 

المولوتوف.. قنابل المعارك

 "صورة أرشيفية" 

لا يحتاج إلى مصانع بير سلم لتصنيعه، لا يباع جاهزا، يتقن البلطجية والمسجلون خطر وأتباعهم من الخارجين على القانون صناعته بحرفية واستخدامه بفاعلية.
صناعة المولوتوف من وجهة نظر مصطفى جيزة، مسجل خطر، عملية بسيطة، يستطيع أى شخص تنفيذها؛ فهى لا تخرج عن زجاجة فارغة، يتم ملؤها بالبنزين الأطول والأكثر اشتعالا من باقى المواد البترولية، وربط عنق الزجاجة بقطعة قماش مبلل بالبنزين. يرى «جيزة» أن «الحرفنة»، على حد تعبيره، تكمن فى قذف المولوتوف فى اللحظة المناسبة، قبل أن تنفجر الزجاجة أو تنطفئ شعلتها، لتنال هدفها المنشود.
يبتكر الخارجون على القانون دائما الجديد من أجل استخدامه فى عملياتهم الإجرامية؛ فقاموا بتطوير الزجاجات الحارقة، كى تصبح لاصقة وأكثر حرقا، كما يقول «جيزة»؛ حيث يتم خلط البنزين بالمازوت أو الشحم أو بقطع بلاستيكية أو بـ«بوية»، ليلتصق بالجسم المراد حرقه، فيكون تأثيره أكثر تدميرا.
جدير بالذكر أن استخدام المولوتوف لأول مرة جرى فى الحرب الأهلية الإسبانية، كما استخدمه الروس بعد ذلك فى الحرب العالمية الثانية، ولجأ إليه البلطجية أثناء أحداث ثورة يناير، لإرهاب الثوار فى موقعة الجمل

باعة «قرن الغزال» يهتفون فى العتبة والأزهر: «السلاح الأبيض بينفع فى اليوم الأسود» 

 "صورة أرشيفية" 

«إحمى نفسك بنفسك، لا شرطة ولا جيش»، «السلاح الأبيض بينفع فى اليوم الأسود».. بهذه الهتافات ينادى بائعو المطاوى «قرن الغزال» و«السنج» على بضاعتهم التى انتشرت فى منطقة العتبة وفى ممرات «سور الأزبكية» للكتب وشارعى الموسكى والأزهر، بشكل مخيف، حيث تباع الأسلحة البيضاء المحظورة علناً فى وضح النهار أمام الجميع، كأنها «لعب أطفال».
ينتشر هؤلاء الباعة بكثافة ويفترشون بضاعتهم وسط الباعة الجائلين المنتشرين فى هذه الأسواق التجارية التى يقصدها المواطنون من كل حدب وصوب، ويعرضون سلاحاً أبيض مختلفاً ألوانه وأشكاله، وأسعاره التى تبدأ من 30 جنيهاً لمطواة «قرن الغزال» المصنوع يدها من الخشب الأبيض، بينما ذات اليد المصنوعة من الخشب الزان يتراوح ثمنها من 50 إلى 70 جنيهاً، حسب الإقبال عليها.
وبينما يرتفع سعر المطواة «السـوستة» صناعة صينية إلى 100 جنيه، يبدأ سعر «الخنجر» من 70 جنيهاً ويصل إلى 270 جنيهاً حسب نوعه وحجمه، وهناك أنواع أخرى من السلاح الأبيض أشد خطورة وفتكاً، منها «السنج» بأنواعها وأحجامها المختلفة، وهى مثل السكين لكنها أطول وأعرض، وأشبه بالسيف، ويبدأ سعرها من 80 وحتى 160 جنيهاً، كما تباع أيضاً «السفوريات» وهى أقصر من السنجة لكنها «مسنونه» من الجانبين كالخناجر.
وبما أن البضاعة سلاح، والباعة معظمهم بلطجية ومسجلون خطر، والمشترى يسعى لحمل السلاح، فمن الطبيعى أن تسيل الدماء بمجرد الاختلاف على السعر أو فشل محاولات «الفصال» أو رجوع المشترى فى عملية الشراء، فتندلع مشاجرة تكون نتيجتها «غزة مطواة» ودماً يسيل، ولا يستطيع أحد الاعتراض أو وقف هذه الدماء التى تنزف ولا حتى نقل الضحية المصاب إلى أقرب مستشفى يمكن إسعافه فيه، فقط إذا شعر البائع بالخطر بعد إصابة أحد زبائنه، فإن البائع يلجأ إلى الاختفاء ببضاعته حتى تهدأ الأمور، ثم يعود ليعرض السلاح على المارة من جديد.
ويوضح شلبى الصباغ حداد بقرية «الخرقانية» بالقليوبية أن «السنج» التى تباع فى العتبة والأزهر صناعة محلية، وهى تُصنع من نوع معين من الحديد، أفضله حديد «سوستة السيارات» التى يتم تسخينها حتى تصل إلى درجة الاحمرار ثم الطرق عليها بمطرقة حديدية ضخمة، حتى يمكن «سلبها» وتشكيلها على الشكل الذى يريده الزبون، ثم توضع فى النار مره أخرى حتى الاحمرار ثانية، ويجرى الطرق عليها من جديد حتى تصل إلى شكلها النهائى، ثم يتم سن سلاحها وتصبح جاهزة ليحملها البلطجى فى مشاجراته ومعاركه.
«السنج» والمطاوى تُباع بالجملة فى «حارة اليهود» تحت شعار «إحمى نفسك بنفسك لا شرطة ولا جيش».. وأغلب زبائنها من طلبة المدارس
ويبرر حداد «الكور» اضطراره إلى صناعة هذه الأسلحة التى يستخدمها البلطجية بأن «السوق نايمة ولم يعد هناك شغل زى زمان، والمهنة فى طريقها إلى الانقراض».
ويتراوح ثمن مصنعية «السنجة» كما يقدّرها «الصباغ» من 50 إلى 80 جنيهاً حسب نوعية الحديد المستخدم، على أن يشترى الزبون الحديد بمعرفته أو يدفع ثمنه منفصلاً مقدماً، وهو يصل إلى 100 جنيه، فيشترى الحداد بنفسه الحديد لصناعة السنجة حسب المواصفات المطلوبة.
ويقول محمد الصعيدى، صاحب محل، إن «حارة اليهود» هى المصدر الرئيسى لبيع السلاح الأبيض لهؤلاء المسجلين، موضحاً أن هذه النوعية من البضائع توضع فى المخازن، ولا يتم عرضها فى المحال لعدم قانونية بيعها، وهى تباع لزبائن يعرفهم التاجر ويثق بهم، أما الباعة أنفسهم فيبيعونها لأى شخص.
وأضاف «الصعيدى» أنه تم إغراق السوق بأكثر من 10 ملايين قطعة سلاح، حسب قوله، مشيراً إلى أن هذه النوعيات من السلاح الأبيض تدخل مصر مهرّبة عن طريق منفذ السلوم قادمة من جنوب أفريقيا لحساب أحد أكبر تجار السلاح الشرعيين فى مصر، الذى يرفض بيعها فى سلسلة محلاته، حتى لا تؤثر على سمعته.
ويكشف «ح. أ» أحد الباعة الجائلين بشارع الأزهر، أن السلاح الأبيض يأتى فى كراتين تخلو من أى بيانات تبين الجهة المصدّرة أو بلد المنشأ، وتحتوى كل كرتونة على 24 مطواة، لافتاً إلى أن عملية بيع السلاح تشهد رواجاً كبيراً بعد الثورة، وأن أغلب زبائنها من الشباب وطلاب المدارس.
ومن جهته، يقول سامر فتحى، بائع لعب أطفال بميدان العتبة: «إن من يدخل هذه الأسلحة إلى البلد يريد تدميرها وإشاعة الفوضى فى البلاد، بينما البلطجية الذين يقومون ببيعها على الرصيف لا يهمهم غير الفلوس التى يسعون للحصول عليها بأى شكل».
أما جمعة صالح، بائع بشارع الأزهر، فيقول: «إن أمناء الشرطة يخافون التعرُّض لهؤلاء المسجلين خطر الذين لا يرهبهم غير الحملات المكبّرة بقيادة بعض الضباط الكبار، وأنه يتم القبض على العديد منهم بالفعل، ولكننا نجدهم بعد يومين فى الشارع ويعرضون بضاعتهم على المارة، ولا يستطيع أحد منا اعتراضهم حتى لو احتلوا أماكننا التى نفرش فيها بضاعتنا».

الجمعة، 14 يونيو 2013

مصر والنيل

مصر والنيل

1
ارتبطت مصر بنهر النيل منذ منذ القدم فهي تعتمد عليه في الشرب والزراعة وفي العصر الحديث أضيف توليد الكهرباء والسياحة
    
2
حاليا يشعر المواطن المصري بالخوف بسبب بناء إثيوبيا لسد يعتبر الأكبر في أفريقيا والذي سيتسبب في تخفيض حصة مصر من مياه النيل
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40

الاثنين، 10 يونيو 2013

شارع النبي دانيال درب العالم القديم في قلب الإسكندرية عروس البحر المتوسط

شارع النبي دانيال درب العالم القديم في قلب عروس البحر المتوسط 
اشتهر بمقبرة الإسكندر وضريح النبي دانيال...
 


على الرغم من تمتع مدينة الإسكندرية عروس البحر المتوسط بشواطئها الزرقاء ورمالها الناعمة، وتفردها بلقب المدينة «الكوزموبوليتنانية» عن باقي المدن المصرية والساحلية؛ نظراً إلى تعدد الثقافات والجنسيات المتعايشة بداخلها، إلا أنك ستتعجب كثيراً عندما تعلم أنها كانت المحطة الأولى لقيام الحضارة اليونانية والرومانية، وكانت ملتقى الديانات السماوية الثلاث الإسلامية والمسيحية واليهودية، وأنها تشع إلى اليوم نورا ثقافيا وحضاريا نابعا من أصول حضارتها تلك، لتضيء العالم بأسره.
شارع النبي دانيال هو احد شوارع مدينة الإسكندرية التاريخية، يعتبر شارع النبي دانيال بالإسكندرية أحد أهم وأشهر شوارع المدينة، يمتد من محطة الرمل حتي محطة مصر، يعود تاريخه إلي بداية بناء المدينة ذاتها.
 شارع النبي دانيال في الاسكندرية سموة المصرين بشارع الوحدة الوطنية لانة في اولة مسجد النبي دانيال اقدم مسجد في مصر وفي وسطة الكنيسة المرقسية اول كنيسة في افريقيا كلها وفي اخرة معبد النبي دانيال اليهودى اقدم معبد يهودى...وهوة الشارع الذي جمع المسلمين والمسيحيون واليهود في مكان واحد على مر العصور
«كانت تسير مع خطيبها في وسط الشارع وفجأة إنشق الشارع الى نصفين وابتلع الفتاة شديدة الجمال من دون خطيبها وما هي الا لحظات حتى عاد الشارع مرة أخرى الى حاله القديم. ولم يتمكن أحد من العثور على الفتاة مرة أخرى». تلك هي الحكاية التي يراها البعض مجرد شائعة منحها أهالي الإسكندرية مصداقيتهم لتتحول الى أشهر مايروى عن شارع النبي دانيال الذي يعد من أطول شوارع المدينة اليونانية الطراز. ويعود تاريخ الحكاية أو الشائعة الى منتصف الخمسينيات من القرن الماضي ولكنها ما تزال تتردد كإحدى غرائب الشارع ومبعث الغموض فيه.
 
يشق شارع النبي دانيال وسط مدينة عروس البحر من ميدان محطة مصر إلى ميدان محطة الرمل، ويعود تاريخه كما يقول علماء الاثار الى تاريخ نشأة المدينة عندما عهد الإسكندر الأكبر إلى مهندسه اليوناني «دينو قراطيس» بتخطيط هذه المدينة حيث وضع لها تخطيطا أشبه بقطعة الشطرنج
 دينوقراطيس من رودس ( كذلك ديانوقراطيس و ديموقراطيس , شيروقراطيس ,و ستاسيقراطيس وباليونانية : Δεινοκράτης ο Ρόδιος , عاش فى الربع الأخير من القرن الرابع قبل الميلادى .) كان مهندس معمارى ومستشار فنى لدى الأسكندر الأكبر , هو مشهور بتخطيطه لمدينة الأسكندرية , و محرقة جنازة هيفاستيون الأثرية و إعادة بناء معبد أرتميس فى إفسس , وكذلك أعمال أخرى .
 وهو عبارة عن شارعين رئيسيين متقاطعين بزاوية قائمة تحيط بهما شوارع أخرى فرعية تتوازى مع كل من الشارعين. وكان شارع النبي دانيال يحده من الشمال بوابة القمر ومن الجنوب بوابة الشمس. 
 
ويقول الدكتور عزت قادوس أستاذ الأثار اليونانية الرومانية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية  كان شارع النبي دانيال هو الطريق الرئيسي بالإسكندرية القديمة وكان يطلق عليه اسم «الكاردو دي كومانوس» وكان يضم العديد من المعابد الرومانية ومن بعدها المعابد اليهودية واستمرت أهميته حتى العصور الإسلامية ثم تغير إسمه بعد بناء مسجد النبي دانيال الذي كان في الأصل معبدا يهوديا سمي على إسم النبي دانيال أحد المبشرين باليهودية. وقد أدى وجود العديد من الآثار الرومانية تحت المسجد الى الاعتقاد بأن مقبرة الإسكندر الأكبر موجودة أسفله ودعم هذه الفكرة وجود الجبانة الملكية في تقاطع شارع النبي دانيال مع شارع فؤاد إلا أنه بعد البحث والتنقيب لم يكتشف أي شيء يخص الاسكندر ولكن تم اكتشاف أنفاق كبيرة من العصر الروماني متصلة ببعضها وكانت مصممة لهروب الملك عند قيام الثورات التي كان يقوم بها أهل الاسكندرية القديمة بحيث يهرب الى خارج البلاد وكان منها ما يؤدي الى البحر المتوسط مباشرة. وقد وصف المؤرخ الإسلامي المقريزي هذه الأنفاق بأنها من الاتساع والارتفاع أن يسير فيها الفارس ممتطيا جواده رافعا سيفه وهو ما يقدر بثلاثة أمتار.
ويعد مسجد النبي دانيال من أشهر وأقدم المساجد بالإسكندرية. وهو مزار للعديد من السائحين خاصة الآسيويين الذين يحرصون على زيارة الضريح الموجود أسفل المسجد الذي يقال إنه للنبي دانيال. وهناك رواية تقول إنه عندما فتحت الاسكندرية على يد عمرو بن العاص في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، عثر الجنود على المكان وعليه أقفال من حديد تحيط بحوض من الرخام الأخضر. وعند فتحه وجدوا فيه هيكل لرجل ليس على هيئة أهل العصر، فأنفه طويل ويده طويلة وعليه أكفان مرصعة بالذهب. فأبلغوا عمر بن الخطاب بذلك فسأل علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، فقال له: هذا نبي الله دانيال. فأمر عمر بتحصين قبره حتى لا يمسه اللصوص.
 النبي دانيال هو أحد أنبياء بني إسرائيل ربما يعود تاريخه إلي القرن السادس قبل الميلاد، ولذلك يسمي المعبد اليهودي الموجود بالشارع بمعبد النبي دانيال علي اسم هذا النبي، أما بالنسبة لمسجد النبي دانيال فالمرجح أن الضريح الموجود به علي عمق 5 أمتار هو لعالم عراقي قدم من الموصل إلي الإسكندرية في القرن الثامن الهجري اسمه محمد بن دانيال الموصلي وهو أحد شيوخ المذهب الشافعي.
 File:StMarkCathAlex.jpg
 إلا أن عددا من الاثريين يشككون في هذه الرواية ويؤكدون أن الضريح الموجود بالمسجد على عمق حوالي خمسة أمتار هو للشيخ محمد دانيال الموصلي وهو رجل صالح جاء إلى الإسكندرية في نهاية القرن الثامن الهجري وقام بتدريس أصول الدين وعلم الفرائض على النهج الشافعي وظل بها حتى وفاته سنة 810 هـ ودفن بالمسجد، الذي يعود تاريخ بناؤه الى القرن الثاني عشر الهجري. ولعل أكثر ما يميز شارع النبي دانيال هو احتواؤه للأديان السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والاسلام في سماحة حتى أن البعض يرى أنه احد شهود حرية العقيدة في عروس البحر المتوسط. فإلى جانب مسجد النبي دانيال ومسجد سيدي عبد الرازق وهو ولي من أولياء الله الصالحين وكان يعطي دروسا في الدين، يوجد أيضا المعبد اليهودي الذي تتردد عليه الجالية اليهودية بالاسكندرية. وعلى الجانب الآخر من الشارع توجد الكنيسة المرقسية أقدم كنيسة في مصر وأفريقيا والتي بناها القديس مرقس في القرن الأول الميلادي عام 43م وتوجد بها رأسه. وقد بات هذا الشارع من أكثر الشوارع حيوية في الإسكندرية بسبب وجود المحال التجارية التي تبيع كل شيء على جانبيه بدءا من الملابس والاحذية انتهاء بالكتب والاجهزة الكهربائية. كما يوجد به بعض الابنية الهامة من بينها مبنى جريدة «الاهرام» في الاسكندرية والمعبد اليهودي الذي يتوسط الشارع والمركز الثقافي الفرنسي الذي أنشيء عام 1886. وبالرغم من إزدحام الشارع الشديد الا انه كان دائما محط إهتمام السفراء الاجانب والكتاب الفرنسيين والمصريين ومن أشهرهم ميشال تورنيه وبرنارد نويل وجمال الغيطاني ومحمد سلماوي وادوارد خراط وصنع الله ابراهيم وعلاء الأسواني .
ويستمد شارع النبي دانيال أهميته أيضا من وجوده في غرب منطقة كوم الدكة بما فيها من حمامات رومانية والمسرح الروماني الذي كان بمثابة قاعة استماع كبرى تعقد به أهم الخطب والاجتماعات السياسية والمناقشات العلمية ويعود تاريخه الى القرن الثاني الميلادي وهو الوحيد من نوعه في مصر. وقد تم الكشف حديثا عن أكثر من 10 مدرجات أصغر حجما حول هذا المدرج تعد بمثابة قاعات للدروس العلمية وهي عبارة عن 3 صفوف من المقاعد علي شكل حرف «U» بالانجليزية وعند حافة الانحناء يوجد مقعد المدرس.  ويعتبر شارع النبي دانيال من أشهر المحطات الثقافية في الاسكندرية ليس بسبب كثرة عدد المكتبات فيه فقط، ولكن أيضا بسبب باعة الكتب الذين يصطفون على جوانب الشارع في أكشاك خصصتها لهم المحافظة بعد أن كانوا يتناثرون على الارصفة يبيعون كل أنواع الكتب العربية والاجنبية وفي مختلف التخصصات إلى جانب المجلات والمجلدات القديمة والحديثة. ساعدهم على ذلك وجود العديد من الجنسيات في المدينة ولهذا فقد ذاعت شهرة الشارع في مجال بيع الكتب في كل أنحاء العالم وعرف بـ«شارع الكتب».
ويقول «عم عبد العال» أكبر باعة الكتب سنا لـ«الشرق الأوسط»: زبائننا من كل لون، حيث يأتي الينا السائحون فيجدون ضالتهم بأسعار زهيدة جدا، الى جانب عدد من العلماء والمثقفين وكان أشهرهم الاديب الراحل نجيب محفوظ الذي كان يأتي الينا في كل مرة يزور فيها الاسكندرية في فصل الصيف، ويرى عم عبد العال أن كل ما يتردد من أن الشارع يبتلع الفتيات الجميلات مجرد خرافات صدقها الناس بعد أن رددوها وكل ما يحدث هو انهيارات متكررة في الشارع وهي ظاهرة تتكرر في العديد من شوارع الاسكندرية. ويضيف: «لقد عايشت قصة اختفاء العروس التي كانت تسير بجوار خطيبها ثم اختفت فجأة وفشلت كل محاولات البحث عنها بواسطة الضفادع البشرية. والسبب أن الشارع حدث به إنهيار فسقطت الفتاة في أعماقه وبسبب وجود أنفاق الصرف الصحي جرفها التيار إلى البحر ولم نجد لها أي أثر، لكنها كانت الحادثة الوحيدة من نوعها، أما ما عدا ذلك من حوادث فهي مجرد شائعات