الجمعة، 11 فبراير 2011

العقل العقل يا أهل مصر، اللهم بلغت اللهم فأشهد



العقل العقل يا أهل مصر، اللهم بلغت اللهم فأشهد


الأخوة والأخوات،

أيها الشباب المصري العظيم أما آن الأوان لكي نقف الآن دقيقة واحدة لتحكيم صوت العقل، أما آن الأوان الآن لكي نقول أن مصر أولا وقبل كل شيء، نعم فعلتم الكثير ولن نقول أنكم حركتم المياه الراكدة فقط ولكنكم أثرتم أمواج التغيير في المحيط المصري كله، لقد خلقتكم ثورة عظيمة ستتدارسها الأجيال ما بقيت مصر، وكتبتم شهادة ميلاد جديدة لمصر وشعبها الكريم، ولكني فقط أريد أن أذكركم بمقولة طالما رددناها ونرددها، أن الشيء الذي يزيد عن حده حتما ولابد أن ينقلب إلى ضده، يا قوم تذكروا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال أن خير الأمور أوسطها.
أرجوكم جنبوا هذا العناد، وأعطوا للعقل وللحكمة مساحة، فالقوة والسطوة ليست هي معيار النصر في كل الأحوال، وكم من حروب انتصر فيها العقل وحده، والآن حانت ساعة العقل، وأذكركم بأن جميع عقلاء الأمة الآن وأكثرهم ممن تعرضوا للظلم أو للبطش على يد هذا النظام الفاسد يقفون الآن وقفة رجل واحد ويتنادوا بأعلى صوتهم لا تجعلوا ثمن الحرية هو مصر نفسها، الآن عنادكم قد يصل بهذه البلد إلى حد الانفجار، لقد احترقت كل أوراق اللعبة ولم يتبقى إلا كرت واحد فيه خراب ودمار البلاد والعباد.
أنا أعلم مدى شرفكم ووطنيتكم، وكما لا أرضى ألا يزايد أحدا على ما بلغتموه من نجاح، ولكن عفوا أيها السادة أنتم الآن تكررون خطأ النظام، فلا تستمعون إلا إلى صوتكم، ولا تحتكمون إلا إلى منطق القوة وحدها، فهل تناسيتم دور الحوار والتفاوض في تحقيق النصر الكامل.
جميعنا اتفق على أن مبارك أفسد طوال الثلاثين عاما الماضية، وهو نفسه اعترف بهذا ضمنا بما قدمه من تنازلات، ولا أحد ينكر أن حاشية السوء ساعدته على فساده، ولكني أريد أن أؤكد أنه لا يجوز قطعا أن نخرج من النار إلى الدار فجأة، يجب أن نعطي المجال للتدرج وأن نعطي الفرصة للحوار الذي سيخلق البيئة الآمنة لانتقال سلمي لنظام ديمقراطي، فلم ولن توجد ثورة يمكن أن تغير بلدا بين ليلة وضحاها، والآن الثورة المصرية الحديثة هذه تمتلك فرصة مثالية لخلق حالة متكاملة للثورة الناجحة، فلا تقودوها إلى حتفها دون أن تشعروا.
الحقيقة أن النظام فاسد، والحقيقة أيضا أن النظام يتساقط وتتساقط رموزه إن لم يكن سقط فعليا، والحقيقة أيضا أن الجيش - حتى الآن - يقف موقفا محايدا في محاولة لحماية الحياة السياسية في مصر، ولكن لا تنسوا أن صبر الجيش قد ينفذ قريبا، وأنا لا أقول انه قد يلجأ للعنف طبعا، ولكن الجيش قد يلعب بأخر ورقة تمتلكها الدولة وهو إعلان الأحكام العرفية، بما يعني العودة عشرات السنين إلى الوراء وبما يعني الهزيمة الساحقة للثورة، فأرجوكم أيها الشباب العاقل تلمسوا طريقكم نحو نصر مؤكد خير لكم من الطمع في مطامع أخرى تصور لكم انتصارا زائفا قد لا يتحقق أبدا.
أنا أدعو كل آباء وأمهات الشباب المتواجدون الآن في ميدان التحرير والذين بحكم خبراتهم وبحكم تجاربهم أقدر من أي طرف أخر على أن يتواصلوا مع أبنائهم لإقناعهم أن هذا هو وقت العودة، وأن هذا هو وقت الحوار، إني ائتمنكم جميعا أباءً وأمهات على مصير مصر كلها، وأتوسل إليكم أن تقوموا بدوركم كما قام أبنائكم بدورهم، فعليكم أن تبّصروهم بحقيقة الأمر الواقع بأن الوضع إذا تخطى الحد المسموح فإنه بلا شك سينقلب إلى كارثة تأخذ معها الأخضر واليابس، والى كل شاب وفتاة له أو لها صديقا أو صديقة في ميدان التحرير، الآن مصر تنادي فيكم النخوة والشهامة بأن تقنعوهم بالعودة إلى الديار فميدان التحرير باق، والشباب أنفسهم باقون، والشعب بصحوته وكبرياءه وشموخه وعزته باق، والعودة إلى التحرير هي الضمانة الكبرى والتي لا نحتاج بعدها إلى أي ضمانات إذا ما تلاعب النظام بمطالبكم ومطالبنا.
العقل العقل يا أهل مصر، اللهم بلغت اللهم فأشهد

بقلم: أحمد نبيل فرحات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق