الأحد، 20 فبراير 2011

مليادير أمريكي يهاجم مبارك ويشير إلى تقارير ثروته

هاجم الملياردير الأمريكي، دونالد ترامب، بقسوة الرئيس المصري، حسني مبارك، قائلاً إنه ليس من نوع القادة الذين يجب أن يحكموا دول الشرق الأوسط، خاصة مع اتهامات الفساد التي تحيط بنظامه، وأعرب عن أمله في ألا يكون للأحداث الجارية في مصر تأثير على الأوضاع الاقتصادية العالمية.

وقال ترامب، موجهاً حديثه إلى مجموعة من الصحفيين الذين تحلقوا حوله لمعرفة رؤيته للتطورات العالمية قبل إلقاء كلمة له في اجتماع للحزب الجمهوري: "لقد قام مبارك بنقل صلاحياته لنائبه (عمر سليمان) ولكنه لم يتنازل عن السلطة."

وأضاف ترامب، متحدثاً عن مبارك: "يعيش في ممتلكات عقارية فخمة حول العالم، ولنفترض أنه أخذ 50 أو 70 مليار دولار (في إشارة إلى تقارير الفساد التي أثارتها صحف حول مبارك ولم تؤكدها CNN بشكل مستقل) فهل هذا هو نوع القادة الذي يرغبون به؟ لا أظن ذلك."

وعن كيفية تعامل الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع التطورات المصرية، قال ترامب إن الأمر خرج من يده رافضاً التعليق على أداء الإدارة الأمريكية سلباً أو إيجاباً.

يشار إلى أن ترامب كان قد استغل ظهور كلمته أمام الاجتماع الجمهوري للتطرق إلى احتمال تفكيره في ترشيح نفسه للرئاسة، فقال إنه سيعلن موقفه من سباق عام 2012 الرئاسي في يونيو المقبل.



بالورقة والقلم
أكثر من سبب يجعل البحث عن ثروة آل مبارك ـ الآن ـ أمراً ضروريا وواجبا وملحا.

أول هذه الأسباب أن جهات إعلامية غربية عديدة، أثارت هذه القضية مؤخراً، وذكرت أرقاما فلكية عن ثروة رئيس مصر وأسرته، ولا يليق أن تظل هذه القضية المصرية الخالصة حكرا علي وسائل الإعلام الغربية فقط.. كما لا يليق أن يذكر الاعلام الغربي أن مبارك وأسرته حققوا ثروات تتراوح ما بين 40 مليار دولار و70 مليار دولار، وفي المقابل لا يبحث الاعلام المصري في مدي صدق هذه الأرقام الخيالية، ويقول لمبارك: قف .. من أين لك هذا؟!

السبب الثاني هو أن الرئيس مبارك علي وشك أن يترك منصبه، سواء اليوم أو غدا، أو بعد شهر ، أو حتي بعد 7 شهور ـ حينما تنقضي أيام ولايته في سبتمبر القادم.. وطبقا للقانون فإن »مبارك« يجب عليه قبل مغادرة منصبه، أن يقدم إخلاء طرف من وظيفته ـ باعتباره موظفا عاما، وأهم ورقة في هذا الإخلاء هي الخاصة بحجم ثروته هو وأسرته عندما تولي رئاسة مصر عام 1981 وحجم ذات الثروة الآن.

والسبب الثالث الذي يجعل السؤال عن ثروة مبارك الآن ضرورة فهو ان الرئيس مبارك كان يجب عليه بأمر القانون ان يقدم إقرار ذمة مالية لجهاز الكسب غير المشروع، في شهر أكتوبر الماضي، حيث ينص القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع أن يقدم رئيس الدولة إقرارا بذمته المالية كل 5 سنوات، ولأن آخر إقرار قدمه الرئيس لجهاز الكسب غير المشروع كان بتاريخ سبتمبر 2005، كان يجب عليه ـ طبقا للقانون ـ أن يقدم إقرارا بذمته المالية في أكتوبر الماضي ولكن مبارك وحسب مصدر بجهاز الكسب غير المشروع لم يقدم هذا الإقرار حتي الآن!

والسبب الرابع الذي يجعل إعلان مبارك لثروته وأسرته الآن ضرورة هو أن ثورة المصريين الهادرة في كل محافظات مصر من حق ثوارها ـ بل حق كل مصري ـ أن يعرف هل تربح آل مبارك من تولي مبارك رئاسة مصر لمدة 30 عاما متواصلة، أم أن الرجل وأسرته صانوا الأمانة وحافظوا علي المال العام ولم يقربوه؟


الأغني في العالم
الباحث عن حقيقة ثروة آل مبارك لابد وأن يصطدم بالكم الهائل من التقارير الإعلامية الغربية التي تتحدث عن ثروة الرئيس وأسرته.

صحف ومحطات فضائية وإذاعات مختلفة ـ اللغات واللهجات ، وتصدر في دول مختلفة ، ولكنها جميعا اتفقت علي أن ثروة آل مبارك تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.

قالت صحيفة الجارديان البريطانية، وهي صحيفة تتمتع بمصداقية عالمية كبيرة، إن ثروة مبارك وأسرته تتراوح ما بين 40 و70 مليار دولار.

بينما أكدت صحيفة "الصن" الإنجليزية قبل أيام ان مبارك جمع ثروة تقدر بنحو 25 مليار جنيه إسترليني أي ما يعادل 40 مليار دولار في الفترة الممتدة منذ وصوله إلي قمة السلطة عام 1981 . كما ذكرت محطة "إيه بي سي نيوز" الأمريكية أرقاما قريبة من تلك الارقام فقالت في تقرير بثته قبل أيام أن ثروة عائلة مبارك تبلغ 40 مليار دولار وانها تشمل عقارات وأصولاً في بنوك ومؤسسات استثمارية أمريكية وبنوك سويسرية وبريطانية. وقالت المحطة إن ثروة جمال مبارك وحده تبلغ 17 مليار دولار موزعة علي عدة مؤسسات مصرفية في سويسرا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وأنه يملك حسابا جاريا سريا في بنك "يو بي إس" السويسري وحساباً ثانياً في بنك "أي س أم" السويسري أيضا.

أما ثروة سوزان مبارك، حسب ما ذكرته المحطة فيتراوح ما بين 3 و5 مليارات دولار، وقالت المحطة إن زوجة رئيس مصر جنت تلك الثروة من تدخلاتها الشخصية لصالح مستثمرين ورجال أعمال.

أما علاء مبارك فقدرت المحطة الأمريكية قيمة ممتلكاته وأمواله الشخصية داخل مصر وخارجها بحوالي 8 مليارات دولار منها ممتلكات عقارية في لوس أنجلوس وواشنطن ونيويورك ـ بالولايات المتحدة قيمتها حوالي 1.2 مليار دولار بالاضافة إلي امتلاكه طائرتين خاصتين ويختاً ملكياً تفوق قيمته 60 مليون يورو. نفس الأرقام ذكرتها محطة تليفزيون بلومبرج ـ الألمانية ـ التي أكدت ان آل مبارك يمتلكون ثروة تبلغ 40 مليار دولار وأن جمال مبارك يوزع ثروته عبر صناديق استثمارية عديدة في الولايات المتحدة منها مؤسسة بريستول آندويست العقارية البريطانية ومؤسسة فاينا نشال داتا سيرفس التي تدير صناديق الاستثمار المشترك، كما يوزع عدة مليارات علي عدد من المؤسسات المصرفية في سويسرا وألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا.

وقالت المحطة الألمانية إن سوزان مبارك ـ حسب تقرير سري تداولته جهات أجنبية عليا دخلت نادي المليارديرات منذ عام 2000 حين تجاوزت ثروتها الشخصية مليار دولار تحتفظ بأغلبها في بنوك أمريكية كما أنها تملك عقارات في عدة عواصم أوروبية مثل لندن وفرانكفورت ومدريد وباريس وفي إمارة دبي، وتتراوح ثروتها الآن مابين 3 و5 مليارات دولار.. وهي ذات الأرقام التي ذكرتها المحطة الأمريكية.

ونتوقف ـ للحظات ـ عند ثروة حرم الرئيس وننتقل إلي حديث أجرته قبل نحو ثلاثة أعوام مع قناة العربية روت فيه جانبا كبيرا من حياتها وصفتها بأنها "مش سهلة جداً، وقالت: عشنا حياة زوجية يعني فترة صعبة في تاريخ مصر وتاريخ المنطقة من حرب للثانية للثالثه وكنت صغيرة برضه لسه في السن، وزوجي مش موجود دائما، ودائما فيه يا إما طوارئ يا إما بيبات في الأشلاق، يا إما في حرب، يا إما طاير، يا إما نازل.. صعب.. كانت حياة صعبة، وربيت الأولاد لوحدي بدون يعني .. ما ييجي زيارات كده يقضي معانا بعض الساعات.. يقضي يوم أو يومين".

وكشفت زوجة الرئيس أنها عملت كمدرسة في مدرسة ابتدائية وأن أول سيارة اشتراها الرئيس كانت فيات موديل 1963 وظلت معهم سنوات طويلة، وان عائلة مبارك كان تسكن شقة صغيرة حتي السبعينيات.. وقالت زوجة الرئيس إنها خلال سنوات الحرب كانت تلصق البلاستر الأزرق علي زجاج شبابيك تلك الشقة حتي لا يتطاير إذا حدثت غارة إسرائيلية فيؤذي الأولاد ـ تقصد جمال وعلاء. ولابد لمن استمع لهذا الكلام أن تتسع حدقه عينيه من الدهشة وأن يغرق في بحور التعجب حينما يسمع وسائل الإعلام الغربية تؤكد ان ذات الأسرة .. أسرة مبارك التي كانت تعيش حياتها كملايين الأسر من ابناء الطبقة المتوسطة في مصر صارت الآن واحدة من أغني أغنياء العالم.

والمؤكد أن الرئيس مبارك وأيا من أفراد أسرته لم يعثروا علي خاتم سليمان أو مصباح علاء الدين.. والمؤكد أيضا أن الرئيس لم يرث عن والده عقارات أو أراضي أو أموالاً .. المؤكد للمرة الثالثة أنه لم يكن له مصدر رزق سوي راتبه كضابط في القوات المسلحة أو نائب لرئيس الجمهورية أو حتي عندما صار رئيسا للدولة عام 1981 وجميعها لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يجعل صاحبها مليارديرا ولا حتي مليوينرا.

فما يتقاضاه رئيس الجمهورية حسب القانون رقم 47 لسنة 1978 يزيد قليلا علي 5 آلاف جنيه شهريا.. والدليل ماجاء في دراسة متخصصة أعدها عبدالفتاح الجبالي رئيس وحدة الدراسات الاقتصادية بمركز الدراسات السياسية والاسترايتجية بالأهرام، تضمنت مفردات رواتب العاملين بالدرجات الوظيفية المختلفة في العام المالي 2008/2007 ، جاء فيها أن الأجر الأساسي لرئيس الجمهورية يبلغ ألف جنيه، يحصل فوقها علي 200٪ علاوة منضمة ليصل راتبه إلي 3 آلاف جنيه إلي جانب علاوات خاصة غير منظمة تبلغ 65٪ من الراتب الاساسي أي 650 جنيها فضلا عن علاوة أول مايو 2008 التي بلغت 30٪ من الاساسي أي 330 جنيها ليصل إجمالي العلاوات الخاصة غير المنضمة إلي 980 جنيها تضاف إليها حوافز ثابتة 750 جنيها و10 جنيهات علاوات اجتماعية ومثلها منحة عيد العمال ليصل إجمالي الأجر المتغير إلي 1750 جنيها، وبالاضافة إلي الأجر الثابت يصبح جملة ما يتقاضاه رئيس الجمهورية حسب القانون 4750 جنيها. كان هذا في عام 2008 أي أنه زاد بقيمة علاوتي مايو 2009 ومايو 2010 والبالغة 20٪ من الراتب الاساسي أي 200 جنيه والتالي فإن إجمالي ما يتقاضاه الرئيس يبلغ 4950 جنيها شهريا وهذا هو أعلي راتب تقاضاه الرئيس في حياته أما أقل راتب فهو بالطبع راتب شهر أكتوبر 1981 وهو الشهر الأول الذي يتولي فيه رئاسة مصر، ولم يكن وقتها يتجاوز 3 آلاف جنيه.

إذن أعلي راتب شهري للرئيس حوالي 5 آلاف جنيه واقل 3 آلاف جنيه ، أي أن متوسط الراتب الشهري للرئيس حوالي 4 آلاف جنيه ، وبالتالي فإن إجمالي ما حصل عليه طوال 30 عاما حوالي مليون و440 ألف جنيه فقط لاغير !

والطبيعي أن يكون الرئيس مبارك قد أنفق جزءا غير قليل من هذا المبلغ لتلبية المتطلبات الحياتية له ولأسرته ولكن دعونا نفترض ـ جدلا ـ أن الرئيس مبارك كان ينفق علي أسرته من مخصصات رئاسة الجمهورية البالغة 168 مليون جنيه سنويا، وانه كان يدخر كل راتبه وصل في هذه الحالة فإن مدخرات الرئيس لن تتجاوز 2 مليون جنيه أما أن تصل إلي مليار جنيه فهذا أمر غير مفهوم والكارثة ان وسائل الاعلام العالمية تقدر ثروة أسرة الرئيس مبارك بما يتراوح بين 40 مليار دولار »240 مليار جنيه« و70 مليار دولار »420 مليار جنيه« وهي مبالغ لا يتخيل أحد أن يمتلكها آل مبارك إلا إذا كانوا قد عثروا علي كنز علي بابا أو مصباح علاء الدين أو خاتم سليمان!

ورغم أن الارقام التي تعلنها وسائل الاعلام العالمية عن ثروة الرئيس مبارك ضخمة ومخيفة وتفوق الخيال، ورغم ان أثاره مثل هذه الأرقام الآن يزيد من غضب الشعب المصري الثائر ضد النظام وضد رأس النظام علي وجه التحديد الرئيس حسني مبارك كل ذلك إلتزمت رئاسة الجمهورية بالصمت وأيضا صمتت كل الأجهزة الرقابية والحكومية فهل سكوتها علامة رضا أو اقتناع بصحتها ؟.. ثم متي يتم فتح ملف ثروة آل مبارك؟

عضو البرلمان الشعبي سعد عبود وكان صاحب تجربة رائدة في اختراق ملف ثروة أسرة الرئيس .. ففي يونيو 2006 قدم عبود بياناً عاجلاً في مجلس الشعب ـ وكان وقتها نائبا بالبرلمان ـ طالبا إعلان تفاصيل الذمة المالية للرئيس مبارك، وذلك عقب إعلان رئاسة الجمهورية بأن الرئيس مبارك تبرع بأجهزة طبية لـ 4 مستشفيات عامة قيمتها 20 مليون جنيه.. وقال عبود كيف يتبرع الرئيس بمثل هذا المبلغ رغم ان راتبه السنوي يبلغ حوالي 25 ألف جنيه فقط والتالي فإن كل ما حصل عليه خلال عمله ـ آنذاك ـ لا يتجاوز 600 ألف جنيه .

ويروي عبود ماحدث معه في تلك الفترة قائلا: تعرضت لهجوم لا مثيل له من كل أعضاء مجلس الشعب وعلي رأسهم الدكتور فتحي سرور نفسه ، والذي رفض ان يعطيني الكلمة لعرض البيان، ولكني وبالقوة أخذت الكلمة وعرضت القضية فهاج نواب الوطني بالمجلس وقاطعوني وقال الدكتور سرور إن توجيه البيان للرئيس مبارك مباشرة يخالف الدستور وينبغي توجيه البيان لرئيس الوزراء. ويضيف »عبود« وهكذا تم إجهاض البيان رغم أن الحكومة تراجعت وقالت إن الرئيس لم يتبرع بالأجهزة الطبية وانما طلب توفيرها في المستشفيات. ويؤكد »عبود« ان الارقام التي نشرتها وسائل الاعلام الغربية لم تكن كلاما مرسلا ويقول »الارقام التي نشرتها وسائل الاعلام الغربية تستند إلي معلومات مؤكدة وربما أخرجوها الآن ككارت لإحراق مبارك نفسه امام شعبه، ولكن السلطات الممنوحة لمبارك وإطلاق يده وأسرته في الاقتصاد المصري وحصوله علي عمولة سلاح وبترول طوال 30 عاما تجعله قادرا علي تحقيق 420 مليار جنيه كما تقول الصحف الغربية.

سألت الدكتور عبدالخالق فاروق الخبير الاقتصادي الاستراتيجي ومؤلف ـ أكثر من كتاب يفضح الفساد في مصر ـ هل من المعقول ان يحقق آل مبارك الثروات المليارية التي تتحدث عنها وسائل الاعلام العالمية . فقالت : نعم ، إنها 30 عاما علي قمة السلطة في مصر.

* عدت أسأله : ومن أين لهم تحقيق كل هذه المليارات؟

** فقال: كل شئ يمكن حسابه .. ولنبدأ بالمعونة العسكرية التي تحصل عليها مصر، وهذه المعونة بلغت حتي الآن حوالي 35 مليار دولار، وكما هو معروف فإن مبارك حصل علي عمولة تتراوح ما بين 5٪ و15٪ منها أي انه حصل علي عمولة من هذا البند وحده ما يعادل 3.5 مليار دولار إذا كان يحصل علي 10٪ وحتي لو كانت النسبة 5٪ فإنه يكون قد حصل علي 150 مليون دولار.

وواصل د. عبدالخالق بالاضافة إلي ذلك هناك جرائم استغلال نفوذ وتربح مالي ووظيفي وأنشطة متعددة قام بها مبارك ونجلاه علاء وجمال ، فمبارك الأب نجح علي مدي 30 عاما في تكوين شبكة بعضها له صفة سرية لإدارة أنشطة مالية وتجارية محلية وإقليمية ودولية لصالح الرئيس مبارك نفسه .

* كيف ؟

** خذ مثلا رجل الأعمال حسين سالم ، فهذا الرجل ليس سوي واجهة علنية لانشطة مالية وتجارية للرئيس مبارك شخصيا، في مجال البترول والغاز والأنشطة السياحية في سيناء والغردقة، وبدا هذا الأمر جليا في قضية تصدير الغاز المصري لإسرائيل، حيث تم التصدير بأسعار أقل من 20٪ من أسعارها الدولية واستمر التصدير رغم معارضة ملايين المصريين ورغم صدور حكم قضائي بوقف عمليات التصدير.

* هذا عن مبارك؟

** لسه فيه .. حيث يحصل علي نسبة من مبيعات الأسلحة والذخيرة التي تنتجها وزارة الانتاج الحربي ، فهذه الوزارة تنتج في المتوسط حوالي مليار ونصف المليار دولار سنويا، ربعها انتاج مدني والباقي عسكري، وجزء من الانتاج العسكري يوزع علي وزارة الداخلية والجيش والباقي يتم تصديره ويحصل »مبارك« علي عمولة عن كل ما يتم تصديره.

* معني ذلك أن مبارك يحصل علي مبالغ كبيرة كعمولات فمن أين حصل جمال وعلاء علي ثرواتيهما؟

** آل مبارك جميعا كونوا تحالفا تجاريا وماليا مع عدد من رجال الاعمال العرب منهم الوليد بن طلال بالسعودية وآل زايد في الإمارات وآل مكتوم وفي الداخل حقق جمال وعلاء ثروات ضخمة من عمولات بيع القطاع العام.

* عمولات بيع القطاع العام؟!

** نعم وخاصة في عهد عاطف عبيد، حيث كان يتم بيع شركات القطاع العام في شكل أسهم، وهذا الأمر حقق دخلا هائلا لنجلي الرئيس حيث كانا يشتريان أسهم الشركات بملاليم وبعد أسابيع يبيعونها بمبالغ كبيرة حدث هذا في شركات مصر لتصدير القطن والشوربجي للتريكو والأعمال الهندسية ، بخلاف الأراضي التي باعها محمد إبراهيم سليمان والبالغ مساحتها 400 مليون متر مربع ، وجميعها تم بيعها بأسعار زهيدة وكان علاء وجمال يحصلان علي عمولات ممن اشتروا هذه الأراضي، كما أن جمال تاجر في ديون مصر، فكان يشتري سندات الديون المصرية بما يعادل 35٪ من قيمتها ثم يحصل من الحكومة المصرية علي 100٪ من قيمتها وهكذا حقق ثروات خيالية، وفي مقابل هذا لم يترك علاء مبارك شركة في مصر إلا وكان يحصل علي نسبة من أرباحها.

* مش معقول!

** هذا كان يحدث بالفعل وهو ما اعترف به رجل الاعمال الراحل وجيه أباظة الذي طلب منه علاء ان يحصل علي نسبة من أرباح شركاته فشكا إلي الرئيس مبارك فقال له اعط له ما طلب ماهو زي ابنك، فمات الرجل مقهوراً.

* هذه الواقعة تقال علي سبيل النكته

** لا نكتة مين هذه واقعة حدثت بالفعل وقال وجيه أباظة لبعض المقربين منه قبل ان يموت مقهوراً.

* بصفتك باحثاً جاداً في كل ما يخص الفساد بمصر هل تتفق مع ما ذكرته وسائل الاعلام العالمية حول ثروة آل مبارك مؤكدة انها تتراوح بين 40 مليار و70 مليار دولار .

** الرقم الحقيقي أقل من ذلك ويقترب من 30 مليار دولار بالمناسبة علاء مبارك هو أغني أفراد العائلة وتتراوح ثروته ما بين 10 مليارات دولار و12 ملياراً أما مبارك الأب فثروته 3 مليارات دولار، أما جمال فثروته ما بين مليار وملياري دولار وأعلي هذه الثروات في صورة أصول عقارية وسياحية بمصر وعقارات في بريطانيا وأمريكا ومنتجعات سياحية بشرم الشيخ والغردقة.

* إذن آل مبارك كونوا ثروات بالمليارات؟

** ياسيد لو انفتح ملف ثروة آل مبارك فستكتشف أن الخديو إسماعيل كان ملاكا مقارنة بمبارك وأسرته.

هكذا اتفقت التقارير الاعلامية الغربية مع آراء خبراء مصريين علي أن آل مبارك حققوا ثروات طائلة تتجاوز بملايين المرات الراتب الذي حدده القانون للرئيس .

المقارنة بين ما تركه الرئيس عبدالناصر لورثته وما تركه الرئيس السادات لأبنائه وبين ثروة مبارك تكشف ان ما فعله آل مبارك بمصر يفوق كل تصور فالرئيس عبدالناصر الذي حكم مصر لمدة 16 عاما كانت ثروته يوم وفاته في سبتمبر 1970 تبلع 3718 جنيها و273 قرشا في حسابه ببنك مصر اضافة إلي 200 سهم بشركة كيما و5 أسهم بشركة مصر للألبان وسند واحد بالبنك العقاري و600 جنيه شهادات استثمار و10 أسهم في بنك الاتحاد التجاري و100 سهم في الشركة القومية للأسمنت و30 سند تأمين وشهادات استثمار بمبلغ 600 جنيه في شركة الحديد والصلب اضافة إلي 5 وثائق تأمين علي الحياة قيمتها 8500 جنيه فضلا عن ثمانية أزواج أحذية وآلة سينما و10 بدل ومجموعة كرافتات.

وكان قد استلف 3500 جنيه من رصيد معاشه لزيجات بناته ولم يكن له أي حسابات بنكية في الخارج.

هذه هي تركة عبدالناصر بعد 16 عاما من الحكم .

أما الرئيس السادات الذي حكم مصر 11 عاما فلم يترك سوي 126 ألف جنيه من عوائد بيع كتاب "البحث عن الذات" وحوالي 20 ألف جنيه قيمة استراحته وفدانين علي المشاع ولم يكن في حسابه ببنك مصر سوي ألف جنيه أما نجله جمال وزوجته جيهان السادات فلم يمتلكا سوي ٧ أفدنة هذا ما تركه السادات بعد ١١ عاما في الحكم.. أما آل مبارك فجمعوا ثروة بلغت 420 مليار جنيه يعني 420 ألف مليون جنيه وهو رقم يزيد علي ضعف حجم ديون مصر الخارجية!

وهذا المبلغ يجعل مبارك أغني رئيس في العالم بل أغني من كل ملوك الأرض حاليا.. حسب مجلة فوربس الاقتصادية الأمريكية فإن أغني ملوك العالم هو ملك تايلاند وثروته 30 مليار دولار أما ثروة مبارك وأسرته فتتراوح بين 40 مليار و70 مليار دولار في حين ملك السعودية عبدالله بن عبدالعزيز فلا تتجاوز ثروته 18 مليار دولار أما خليفة بن زايد آل نهيان فثروته 15.6 مليار دولار وأمير قطر ثروته 2.4 مليار دولار والسلطان قابوس سلطان عمان ثروته 700 مليون دولار، أما الملكة إليزابيت ملكة بريطانيا فثروتها 450 مليون دولار أما ملكة هولندا فثروتها 200 مليون دولار، في حين أن أمير الكويت صباح الأحمد الجابر فثروته 35 مليون دولار فقط لاغير.

هكذا صار مبارك أغني ملوك ورؤساء العالم بينما 40٪ من شعب مصر تحت خط الفقر وكان إذا طلب منه شخص هنا أو هناك بأن يرفع العلاوة الاجتماعية أو يقيم مشروعا خدميا ما .. كان يسرع بالرد » ها أجيب لكو منين« .. صحيح هيجيب منين؟!


الدستور لا يسمح بمحاسبته إلا في حالة واحدة
وبين رئيس الجمهورية - أي رئيس - والشعب في مصر علاقة معقدة أشبه بالمعادلة الكيميائية التي تعطي نتائج مختلفة رغم أن المعطيات واحدة، فكل منهما له سلطة علي الآخر بحكم الميثاق الذي ينظم العلاقة بينهما ولكنها سلطة مشروطة ومحددة بقواعد غير متكافئة تعطي الرئيس 20 سلاحاً يستطيع أن يستخدم احدها في أي وقت وتعطي المواطن سلاحا واحداً فقط لا يمكنه ان يستخدمه في أي وقت إلا إذا شاء الرئيس نفسه، فيستطيع الرئيس أن يفعل ما شاء في أي مواطن داخل نطاق دولته ولكن أي مواطن لا يستطيع الاقتراب من الرئيس ولديه قائمة طويلة من الاجراءات يمكن ان يفني عمره فيها حتي يحاسبه مادام يحتمي بسلطته ويختبئ خلف نظامه وقوانينه.

فجهابذة النظام الذين وضعوا الدستور الحالي وصاغوا مواده بطريقة شيطانية وضعوا الدولة والشعب كله تحت قدم رئيس الجمهورية ليتلاعب بهما كما شاء وتصدوا لكل المحاولات التي بذلها البعض لوضع قانون محدد لمحاسبة رئيس الجمهورية كما ينص الدستور، بل انهم وضعوا تعديلات تطلق سلطات الرئيس علي الشعب، ولكن لأن لكل جريمة ثغرات تؤدي الي العدالة فقد تسرب من تحت ايدي ترزية القوانين بعض المواد في الدستور لم ينتبهوا اليها لمحاسبة رئيس الجمهورية إذا ما كان يتمتع بصلاحياته، وهو ما يؤكد ان الدستور متصادم مع نفسه كما أكد بعض الفقهاء.

والغريب أن أحداً من نواب البرلمان أو المواطنين لم يجاهد من أجل وضع قانون محدد لمحاسبة رئيس الجمهورية ولم ينتبه إلي خطورة ما يحدث، لعدة اعتبارات أهمها: أنه كان هناك إيمان كامل قبل ثورة ٥٢ يناير بأن أي رئيس يحكم ما دام القلب ينبض، وبالتالي فإن محاسبته أشبه بمحاولة الانتحار من برج عال علي قطع صخرية، مما علق أمر محاسبة أي رئيس علي التدخلات القدرية في حين تمسك البعض بحبل أمل "دايب" في أن يقدم النظام علي وضع قانون محدد لمحاسبة رئيس الدولة.

حتي عندما خرج علينا كهنة النظام بتعديلات دستورية تصور البعض أنها يمكن أن تغذي فكرة المحاسبة جاءت التعديلات مشوهة وقطعت حبال الأمل بل قتلت عند الجميع فكرة التحول الي النظام الديمقراطي الذي يستطيع فيه الشعب أن يحاكم رئيسه اذا تجاوز في حقهم.

فالدستور الحالي الذي وضع عام 1971 علي أيدي الرئيس السادات وضع كافة السلطات في جعبة الرئيس يحاسب الكل دون أن يحاسبه أحد ويتصرف في شئون الحكم كما شاء حتي التعديلات التي ادخلت عليه اعوام 1980 و2005 و2007 جعلت أمر اختيار الرئيس وانتخابه في يد النظام القادم فقط.

وخصص لرئيس الدولة الفصل الأول في الباب الخامس وحدد وظائفه في 12 مادة وتحدث عن مادة واحدة للمحاسبة طبقاً للمواد من 73 الي 85 وأعطاه صلاحيات وسلطات في الفصل الثالث من نفس الباب في 15 مادة اخري طبقاً للمواد من 137 إلي 152.

أي أن هناك 27 مادة تتحدث عن مهام الرئيس وسلطاته ومادة واحدة فقط للمحاسبة منحت له 6 وظائف أخري بجانب مهمته كرئيس للجمهورية و20 سلطة مطلقة يستخدمها في وجه أي شخص وهي مهام تجعل كل شيء في الدولة تحت تصرفه.

فهو الراعي للحدود بين السلطات ولرئيس الدولة ايضا وظيفة تعيين اعضاء مجلسي الشعب والشوري الذي من المفترض أن يحاسبوه وهو أيضا الذي يتولي رئاسة السلطة التنفيذية وهو رئيس المجلس الأعلي للهيئات القضائية الذي يقوم علي شئونها، وهو القائد الأعلي للقوات المسلحة وهو الذي يعلن الحرب ويبرم المعاهدات واتفاقيات الهدنة فضلاً عن أنه رئيس مجلس الدفاع الوطني الذي يختص بالنظر في الشئون الخاصة بتأمين البلاد وسلامتها وهو رئيس هيئة الشرطة.

وبحسب الدستور فإن هناك 20 سلطة لرئيس الدولة في مصر، فهو الحكم بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ويمثل الدولة في الداخل والخارج ويعين اعضاء مجلس الشعب لايزيد عددهم علي عشرة ويعين ثلث أعضاء مجلس الشوري ويستفتي الشعب في المسائل العامة ويدعو مجلسي الشعب والشوري للانعقاد ويفض دورتهما البرلمانية ويعين نائباً أو اكثر له ويعفيهم من مناصبهم ويضع السياسة العامة للدولة ويحق له رئاسة جلسات مجلس الشعب ويعين الموظفين المدنيين والعسكريين.

ويملك رئيس الدولة ايضا سلطة إصدار اللوائح التنفيذية للقوانين وإصدار القرارات اللازمة لإنشاء وتنظيم المرافق العامة والمصالح العامة وحق العفو من أي عقوبة قانونية أو تخفيفها، وإعلان حالة الحرب، وله الحق في إبرام المعاهدات وصفقات السلاح واصدار قوانين بناءً علي تفويض من مجلس الشعب وإصدار قرارات لها قوة القانون في غيبة مجلس الشعب واقتراح مشروعات القوانين مع الاعتراض علي مشروعات القوانين التي أقرها مجلس الشعب.

ولم يتحدث الدستور صراحة سوي عن مادة واحدة لمحاسبة رئيس الجمهورية وهي المادة 85 من الدستور التي تنص صراحة علي: "يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمي أو بارتكاب جريمة جنائية بناء علي اقتراح مقدم من ثلث اعضاء مجلس، الشعب علي الاقل ولم يصدر قرار الاتهام الا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس ويقف رئيس الجمهورية عن عمله بمجرد صدور قرار الاتهام ويتولي الرئاسة مؤقتا نائب رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء عند عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية أو تعذر نيابته عنه مع التقيد بالحظر المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 82 وذلك لحين الفصل في الاتهام، وتكون محاكمة رئيس الجمهورية امام محكمة خاصة ينظم القانون تشكيلها واجراءات المحاكمة امامها ويحدد العقاب وإذا حكم بادانته أعفي من منصبه مع عدم الاخلال بالعقوبات الاخري.

وبتأكيدات مصادر مطلعة فإن الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب عطل صدور قانون محاكمة الوزراء الذي تقدم به النائبان جمال زهران وعلاء عبد المنعم في الدورة قبل الماضية من المجلس الماضي وذلك لاحتوائه علي بعض المواد التي تنظم محاسبة الرئيس مبارك حتي أنه اضطر تحت ضغط النواب الي إحالة مشروع القانون الي ثلاجة مجلس الشوري بدعوي عدم امكانية مناقشة قانون الا بعد موافقة مجلس الشوري.. فنص القانون يؤكد علي أن يكون اتهام رئيس الجمهورية أو نائبه بالخيانة العظمي أو خرق الدستور او بأي عمل يمس استقلال وسيادة البلاد بناء علي طلب يقدم من نصف اعضاء مجلس الشعب الي رئيس المجلس مشفوعاً بأدلة تؤيد الاتهام وأن تكون احالته الي التحقيق او المحاكمة بناء علي اقتراح من 5 أعضاء بمجلس الشعب وموافقة ثلثي أعضاء المجلس.

وقال القانون إذا صدر قرار الاتهام ضد رئيس الجمهورية يوقف عن مزاولة مهام عمله كرئيس للجمهورية حتي يبت في أمره علي أن يقوم نائبه بعمله لمدة لا تتجاوز 60 يوماً ويقدم الي محاكمة خاصة مكونة من ثلاثة قضاة من محكمة النقض وبموجب قانون العقوبات.

ولكن بالقراءة الدقيقة لمواد الدستور نجد أن هناك بعض المواد التي تمكن الشعب من محاسبة رئيسه إذا أراد ولكنها تظل فكرة مرتبطة بكونها رغبة عامة للشعب او إرادة من النظام السياسي القائم او بعد سقوط النظام او ان يفقد الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس الأغلبية في مجلس الشعب او ان يفقد الرئيس المطلوب محاسبته سلطته سواء بالاستقالة أو أن يأتي رئيس جمهورية آخر.

فإذا كانت فكرة المحاسبة مرتبطة برغبة شعبية كما يؤكد الدكتور امين حجازي - أستاذ القانون الدستوري - فإن المادة 3 من الدستور تتحدث عن ان السيادة للشعب وحده فهو مصدر السلطات ويمارس هذه السيادة ويحميها ويصون الوحدة الوطنية علي الوجه المبين في الدستور أي أن الشعب إذا رفض استمرار أي رئيس في منصبه أسقطت عنه شرعيته في الحكم لأن شرعية الحاكم تأتي من رضا المحكوم وبالتالي إذا اراد الشعب محاكمته سيحاكم كمواطن عادي بموجب قانون العقوبات وبالجرائم التي ارتكبها وتكون امام محكمة عادية وليس محكمة خاصة كما ينص الدستور، لأن شرعيته كرئيس أُسقطت فإذا واجه تهمة السرقة والاختلاس مثلاً وتم اثباتها واجه الحبس من 3 سنوات الي 6 سنوات والرشوة واستغلال النفوذ من 5 إلي 10 سنوات وإذا تم اتهامه بالقتل او التحريض علي القتل يدين بأحكام تتراوح من 15 عاماً الي الاعدام.

باختصار: يتحول الي مواطن عادي ويحاكم كفرد من الشعب وليس كرئيس جمهورية فاقد لشرعيته بل إن الاحكام التي سوف يحصل عليها ستكون مضاعفة لأنه مسئول ويجب ردعه ليكون عبرة لغيره.

وبحسب الدكتور حجازي فإن اي رئيس متمتع بالشرعية لا يمكن محاسبته إلا إذا كانت هناك رغبة من النظام السياسي القائم بمعني أن يكون هناك اتجاه عام لمحاسبته من قبل نواب مجلس الشعب فيتقدمون بطلب لمحاسبته من 170 نائبا من المجلس وأن يتم طرحه للمناقشة وأن يوافق عليه 340 نائباً وأن يتم طرح تشكيل المحكمة الخاصة به وبعد موافقة المجلس تترك مهام الرئيس الي النائب او رئيس مجلس الشعب حتي تسير اجراءات المحاكمة وإذا حكم عليه بالادانة عزل من منصبه وينفذ الحكم.

ويمكن محاكمة رئيس الجمهورية ايضا اذا سقط نظامه السياسي الذي ينتمي إليه وفي هذه الحالة يسقط الدستور والرئيس ومجلس الشعب أي أن قواعد المحاسبة الموجودة حالياً تتغير بمجيء نظام آخر وإذا اراد محاكمة الرئيس السابق يستطيع ونفس الحالة أيضا تطبق في حالة مجيء رئيس آخر دون اسقاط النظام القائم فيمكنه أن يغير قواعد المحاسبة أو ان يجبر مجلس الشعب علي محاكمته.

ولأن مجلس الشعب هو الوحيد الذي يملك محاسبة رئيس الدولة فيحرص رئيس الجمهورية دائما علي أن يحتفظ بأغلبية داخله من خلال الحزب الذي ينتمي إليه لأنه اذا فقد الحزب الحاكم الذي ينتمي له الرئيس الأغلبية داخل المجلس وسيطرت قوي معارضة اخري يمكن أن تحاسب الرئيس مائة مرة إذا ارادت وإذا حكم عليه بالإدانة فسوف يعزل من منصبه وذلك يفسر حرص الحزب الحاكم علي احتكار مقاعد البرلمان حتي ولو بالتزوير اذا فقد شرعيته ليبقي دائما علي الرئيس بدون محاسبة.

ويمكن لأي مواطن محاسبة الرئيس بالدستور في حالة واحدة فقط هي الامتناع عن تنفيذ احكام القانون وهو ما تنص عليه المادة 72 من الدستور التي تؤكد الأحكام تصدر وتنفذ باسم الشعب، ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون، وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوي الجنائية مباشرة في المحاكم المختصة.

وبما أن الرئيس موظف عام يتقاضي راتبه من الدولة يمكن محاسبته اذا امتنع عن تنفيذ احكام القضاء برفع جنحة مباشرة ضده ويحكم عليه بالحبس لمدة عام ويعزل من وظيفته ولكن يبقي ايضا تنفيذ الحكم مرهون بارادة سياسية من النظام القائم فكم من الأحكام صدرت ضد مسئولين ووزراء ومحافظين ولم تنفذ.

سألت المستشار فتحي رجب - وكيل مجلس الدولة الأسبق ووكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشوري - كيف يمكن محاسبة رئيس الجمهورية إذا ارتكب جرائم وأخطاء في حق الشعب؟

اجاب بلغة ساخرة قائلا: رئيس الدولة في مصر عنده حصانة من أية محاسبة لأن الدستور الحالي بمثابة صمام أمان يمنع أي شخص من محاسبة رئيس الجمهورية وذلك من الناحية النظرية اللهم إذا ارتكب الجرائم التي حددها الدستور وهي: الخيانة أو جريمة جنائية، ومجلس الشعب هو صاحب الحق الوحيد في ذلك مادام الرئيس في السلطة. أما اذا ترك السلطة فمن السهل محاسبته وتقديمه الي محاكمة خاصة يحددها مجلس الشعب وغالباً تكون من 3 قضاة من محكمة النقض او إذا رأي المجلس غير ذلك.

سألته مرة اخري ما أوجه الخيانة وهل يمكن محاسبة الرئيس سياسياً؟

أوجه الخيانة عديدة - مجيبا - منها: أن يسلم قطعة من أرض مصر للغزاة والمعتدين أو أن يهدي ثروات البلد الي الاعداء او يصدر أوامر من شأنها الاضرار بصالح الوطن والمواطنين او التسبب في اشاعة الفوضي وهناك جرائم جنائية اخري مثل: السرقة والقتل او التحريض عليه او الاستفادة بشكل مباشر من منصبه بما يخالف القانون وتحدد العقوبات طبقاً للقانون الجنائي.

وأضاف: لا يمكن محاسبة الرئيس سياسياً بنص الدستور لكن خروج المظاهرات الغاضبة ضد سياسات الرئيس هي محاكمة سياسية في الأصل وفي هذه الحالة يجب علي الرئيس التنحي أو ترك الحكم، ولكن كان لابد فور اقرار الدستور عمل قانون لمحاكمة رئيس الجمهورية مثلما ينص في مواده ينظم المحاكمة وأوجه الخلاف لكن بدون هذا القانون فإن امر المحاكمة كلها في يد مجلس الشعب.

وبتأكيدات المستشار رجب فإن الرئيس وحده يمكن أن يحاكم أي شخص أو يسجنه دون محاكمة او يصدر أوامر اعتقال ويدير البلد كلها مثل قطع الشطرنج، ولكن من المستحيل ان يحاسب أي مواطن في مصر رئيساً يحكم ويمارس سلطاته اللهم إذا فقد الاغلبية في مجلس الشعب أو تنحي قبل انتهاء مدته.

الفقيه الدستوري ابراهيم درويش يذهب الي سيناريو يبدو صعباً لمحاسبة رئيس الجمهورية وهو أن يسقط النظام كله ويسقط معه الدستور القائم ويحل مجلس الشعب وساعتها يمكن محاسبة الرئيس جنائياً.

والتفسيرات التي يعطيها درويش لذلك عديدة منها: أن الدستور يعطي جميع السلطات في يد الرئيس والنظام الحاكم ونواب البرلمان هم جزء من النظام الحاكم ولا يجرؤ أحد منهم أن يقدم رئيس، للمحاكمة وهذا هو الأمر الواقع كما أن الرئيس ليس مسئولاً عن أي أخطاء، فهناك وزراء ومحافظون يمكن أن يقدمهم للمحاكمة في أي جريمة ترتكب ليغسل يده منها، فحيث توجد السلطة يوجد الفساد وتتلاشي المصالح الوطنية وإذا كان النظام الحاكم استطاع ان يقدم كل وزير ارتكب اخطاء للمحاكمة لقدم الرئيس بعد ذلك للمحاكمة.

سألت الفقيه الدستوري ابراهيم درويش كنت احد من وضعوا الدستور الحالي فلماذا لم تضع مواد كافية لمحاسبة رئيس الدولة ولماذا مادة واحدة فقط؟

أجاب: الدستور الذي وضعته تم تغييره ولم يلتزم احد بما وضعته من مواد وبالطبع كانت هناك مواد اخري تحدد اوجه محاسبة الرئيس وتقيده من سلطات عديدة، ولكن لا أعلم من الذي صاغ الدستور بصياغته الحالية ايام الرئيس السادات وكان هناك مواد تحاسب الرئيس، لكن الدستور الذي وضعته تم نسفه ولم يؤخذ به.

الدكتور عادل عواض - أستاذ القانون الجنائي - يرسم سيناريو آخر لمحاسبة رئيس الجمهورية جنائيا علي اعتبار أنه موظف عام في الدولة ويتقاضي راتباً منها اذا تجاوز أو ارتكب اخطاء واخّل بواجبات وظيفته التي حددها له الدستور فمثلاً وظيفة الرئيس ان يحافظ علي الأمن والأمان للمواطن ولكن اذا اتخذ قراراً يروع من امنهم او اطلق الرصاص عليهم لتخويفهم جريمة، واذا تربح من وظيفته جريمة، واذا انخفضت معدلات التنمية في عهده، وازداد عدد الفقراء جريمة، واذا ابرم صفقات لصالحه وتربح من ورائها جريمة، وإذا عين اقاربه في وظائف وحرم منها المواطن جريمة، ولكن تبقي المشكلة في نقطتين في غاية الخطورة تجعل تحقيق هذا السيناريو وسط مناخ غير ديمقراطي امراً صعباً الأولي: في السلطة القضائية، فأي قاض لا يمكن أن يصدر حكما بادانة رئيس جمهورية مازال في السلطة فهذا يمكن ان يحدث مع محافظ او وزير لكن من الصعب أن يصدره قاض في حق رئيس دولته، فالنظام في مصر اطلق يده علي كل شيء ولم يترك مؤسسة إلا واخترقها والأمر يحتاج الي ثقافة جديدة في المجتمع حتي تتم محاسبة رئيس الجمهورية.

النقطة الثانية هي من يقدم بلاغاً ضد الرئيس لمحاسبته فلا يستطيع مواطن عادي ان يقدم بلاغ ضد رئيس الدولة الا في حالة عدم تنفيذ حكم قضائي صدر لصالحه في هذه الحالة يقدم دعوي ضده فقط ولكن مهمة تقديم الرئيس للمحاسبة هي في الأصل من مهام الأجهزة الرقابية مثل الرقابية الادارية وجهاز المحاسبات أو أي جهاز رقابي.

سألته: هل يمكن محاسبة الرئيس علي تضخم ثروته بشكل مبالغ فيه جريمة في الوقت الذي يعاني فيه الشعب من الفقر بفضل سياسات اتخذها مثلاً وما هي العقوبة في تلك الحالة؟

أجاب: يمكن محاسبته عن طريق الأجهزة الرقابية أيضا، فاما ان يتقدم ثلث اعضاء مجلس الشعب بطلب محاكمته، وفي هذه الحالة علي الرئيس أن يقدم كل ما يدل علي صحة املاكه وثروته وأن تتحرك الأجهزة الرقابية لاثبات مدي صحة دلائله او ان يتقدم عدد من النواب ببلاغ الي النائب العام اذا كان عددهم أقل من الثلثين وفي هذه الحالة ايضا تتم دراسة البلاغ علي اعتبار ان الرئيس هو موظف عام وفي حالة الادانة يرفع الامر الي مجلس الشعب ايضا أو يحال الي المحاكمة مباشرة وإذا ثبتت جريمة التربح من المال العام يعزل من وظيفته وتصادر كافة امواله ويعاقب بالسجن المشدد ايضا.

وبعيداً عن الدستور يمكن محاكمة رئيس الجمهورية بدون النظر الي مواده فوثيقة اعلان الدستور التي وضع عام 1971 في عهد الرئيس الراحل انور السادات والتي تنص علي عدة نقاط يجب الحفاظ عليها عند تطبيقه لضمان سريانه اهمها: ان السلام لا يقوم الا علي العدل وبأن التقدم السياسي والاجتماعي لكل الشعوب لا يمكن ان يجري أو يتم الا بحرية هذه الشعوب وبارادتها المستقلة وبأن اي حضارة لا يمكن ان تستحق اسماً الا مبرأة من نظام الاستغلال مهما كانت صوره وألوانه، كما تؤكد الوثيقة ان سيادة القانون ليست ضماناً مطلوباً لحرية الفرد فحسب، لكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة في نفس الوقت.

معني ذلك ان سلطة اي رئيس تسقط عن شعبه ويزول نظامه اذا مارس اي نوع من أنواع استغلال المناصب ومنها مثلاً أن يتربح من وظيفته او يعين اقاربه في وظائف كما ان السلطة تزول اذا لم يحترم رئيس الدولة سيادة القانون ومنها عدم تنفيذ أحكامه او منع تطبيقه وبالتالي اذا سقطت شرعية الرئيس يمكن ان يقدم للمحاكمة كمواطن فقط اذا مارس تجاوزات أثناء عمله وارتكب اخطاء.

كما أن اساتذة القانون الدولي يذهبون الي فرضية اخري لمحاسبة رئيس الجمهورية الذي يرتكب جريمة ضد الانسانية وهي محاكمته امام محكمة العدل الدولية في "لاهاي" فالدكتور احمد بيومي خضر - أستاذ القانون الدولي - يؤكد ان رئيس الجمهورية الذي يرتكب جرائم ضد الانسانية مثل جرائم الابادة والقتل الجماعي للمتظاهرين ضده واغتيال معارضيه وارتكاب جرائم حرب يجوز محاكمته من أي مواطن امام المحكمة الدولية التي سوف تعقد له محاكمة حتي لو لم يعترف بها وتصدر احكاما عنيفة في حالة ثبوت التهمة التي يمكن أن تصل الي الاعدام.

آليات محاسبة رئيس الجمهورية وان كانت ضعيفة لكنها ممكنة، وفي هذا الوقت الذي يتم فيه تعديل مواد الدستور حالياً مطلوب ان توضع مواد محددة لمحاسبته في الدستور او علي اقل تقدير ان يتم عمل قانون خاص لمحاسبته في حالة الاكتفاء بنص المادة 85 من الدستور.

والسؤال الذي يفرض نفسه الآن: ماذا لو هرب رئيس الجمهورية الي الخارج قبل أن يحاكم؟

بتأكيدات أساتذة القانون فإن هروب الرئيس يجعله صيداً سهلا للمحاكمات ووقوعه فريسة في شباك من يريدون محاكمته لأنه يعني تخليه عن مسئولياته وفقدانه لشرعية الحكم وبالتالي يمكن أن يحاكم داخل مصر، وأن تصدر مذكرة تطالب بتسليمه الي مصر من قبل الانتربول الدولي ولا يحتاج هذا الأمر الي موافقة مجلس الشعب ولكن تصدر مذكرة اتهام من جانب النائب العام وتحول الي المحاكمة التي يمكن أن تحكم عليه غيابيا ويطارد بأحكامه في الخارج وتسقط مع هروبه جميع التحصيانات التي تحيطه والحصانات التي يمنحها له الدستور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق