الأربعاء، 11 أبريل 2012

موسم الحج الي دولة قطر العظمي

تفاصيل موسم الحج الي دولة قطر العظمي


زيارة راشد الغنوشي الي الدوحة بعد اكتساح حزبه الانتخابات في تونس وزيارة خيرت الشاطر بعد ذلك وماتبعها من اعلان الجماعة ترشيحه لرئاسة مصر تدعو للتساؤل هل أصبح مستقبل الدول العربية يتحدد في قصر الشيخ حمد والشيخة موزة؟ وهل أصبحت قطر مجرد المقاول المكلف بإقامة الشرق الاوسط الجديد الذي اعلنت عنه ادارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن؟

أليس غريبا ان تتظاهر قطر بدعم الديمقراطية في العالم العربي بينما يقوم الحكم فيها علي الانقلابات العائلية حتي وصل الامر الي تحديد الامير إقامة ابنه مشعل واتهام ابنه فهد بالجنون وتعيين ابنه جاسم من زوجته الثالثة الشيخة موزة وليا للعهد متجاوزا ابنائه من زوجتيه الآخريين

رئيس وزراء قطر يقوم بدور المخلب في علاقات بلاده الخارجية ويتصرف كممثل لدولة عظمي حتي إن مندوب روسيا في الأمم المتحدة لم يعجبه اسلوبه المتعالي فهدده قائلا: لو كررت حديثك معي بهذا الأسلوب سأمحو قطر من خريطة العالم

لم يتوقف الاعلاميون طويلا امام زيارة خيرت الشاطر السرية في الأسبوع الأول من مارس الماضي الي قطر .. وان كان البعض بادر بتحليل الزيارة وماتضمنته من مفاوضات مع امير قطر وولي عهده ورئيس وزرائه وبالطبع الرمز الاخواني المصري الاصل الشيخ يوسف القرضاوي. ودارت التحليلات حول مناقشة خيرت المسئولين القطريين بأهمية رفع الحظر علي المساعدات التي وعدوا مصر بها والتي تصل 10 مليارات دولار وعدم تأخيرها الي مابعد انتخابات الرئاسة حيث اصبح الوضع الاقتصادي بالغ السوء في مصر وانعكس ذلك في تراجع شعبية الاخوان حتي ان الناس اصبحت تقول: إن الاخوان لايختلفون علي الحزب الوطني

واكد الشاطر وفقا للتحليلات الاخبارية التي تناولت الزيارة ان الدعم القطري عاملا محوريا في نجاح المشروع الاسلامي الذي يقوده الاخوان في مصروتسربت انباء عن اتفاق بين الشاطر وقطر علي تنفيذ مشروع ضخم يتكلف مابين 80-100 مليار دولار علي جانبي قناة السويس.


وما إن عاد الشاطر الذي كان يشغل منصب نائب مرشد الاخوان آنذاك الا وقد تغيرت لهجة الاخوان من رفض ترشيخ أي اخواني لرئاسة الجمهورية الي تفكير الجماعة في ترشيح احد كوادرها بعد ان فشلت في اقناع بعض الشخصيات التي تتمتع برضا شعبي مثل المستشارين حسام الغرياني ومحمود مكي وطارق البشري في الترشح



وماهي الا ايام قليلة حتي عقد مجلس شوري الجماعة اجتماعا انتهي الي ترشيح الشاطر رئيسا لمصر، ألا يحق لنا ان نتساءل لماذا جاء هذا التغيير الكبير في موقف الاخوان من الترشح للرئاسة بعد زيارة الشاطر الي قطر ولماذا تم اختيار الشاطر بالذات رغم وجود كوادر تحظي باحترام وتقدير ورضا العديد من القوي غير الاسلامية مثل الدكتور محمد البلتاجي

وحتي لا يتهمنا احد بالتجني تعالوا نرجع الي الوراء قليلا واعني الزيارة التي قام بها راشد الغنوشي زغيم اخوان تونس بعد اكتساح حزب النهضة الاخواني الانتخابات في أول البلدان التي ثارت ضد الحكم المستبدلقد صور الغنوشي نفسه وكأنه زعيم الثورة رغم انه كان في الخارج يتابع الثورة التونسية عبر التليفزيون في مسكنه الفاخر بالعاصمة البريطانية ويعلم القاصي والداني ان مفجر الثورة التونسية ضد الرئيس السابق بن علي هو بائع متجول اسمه محمد البوعزيزي الذي سبب صدمة للتونسيين بإشعاله النار في نفسه بعد ان داست السلطة كرامته وحرمته من كسب قوت يومه ولطمته امرأة تنتسب لجهاز الشرطة علي وجهه
ثار التونسيون ليس للبوعزيزي وانما لانفسهم المكبلة بنظام فاسد مستبد نهب خيرات البلاد وسمح لحفنة من الاقارب والمنافقين بالفساد والسيطرة كيفما شاءوا دون ان يضعوا في الاعتبار ان تونس للتونسيين وليس لفئة تمثل بطانة حاكم فاسد وزوجة لاتشبع اسمها ليلي الطرابلسي
ركب الغنوشي ورجاله الثورة التونسية مثلما فعل الاخوان في مصر وسيطر علي البرلمان والحكومة وترك منصب الرئيس مؤقتا لمنصف المرزوقي وماهي إلا شهور قليلة وسوف ينقضون علي هذا المنصب ايضاً
لقد حظيت زيارة الغنوشي بتغطية واسعة من جانب الصحافة وغيرها من وسائل الاعلام القطرية حيث نشرت تحقيقات تناولت سيرته الذاتية والنضالية ومن ضمنها أن الغنوشي كان في بداية ممارسة نشاطه السياسي مولعا بالزعيم المصري جمال عبد الناصر ومتحمسا لافكاره الداعية الي تطبيق الاشتراكية العربية وتحقيق الوحدة العربية وتحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني- نفس بداية الشاطر الذي كان يساريا - ولهذا فقد انخرط في التيار الناصري لفترة طويلة ولكنه ما لبث ان تخلي عن الاشتراكية والناصرية وانضم الي جماعة الاخوان المسلمين مجاهدا في صفوفها من اجل اعلاء راية دين الحق في تونس وفي العالم اجمعين . كما سلطت الصحف الاضواء حول الاسباب التي أدت الي فوز حزب النهضة بأغلب مقاعد البرلمان التونسي فذكرت في سياق مقالات مطولة نشرتها لكبار الكتاب القطريين والعرب ان شعبية الغنوشي وفوز حزبه الكاسح بمقاعد البرلمان تعود الي معارضته الشرسة للنظام الاستبدادي وهو مايخالف الحقيقة وفقا لتحليلات الصحافة التونسية غير التابعة للإخوان حيث تري ان ما تحقق كما هو معروف في الاوساط الحزبية والثقافية نتيجة الحملة الدينية التي نظمها دعاة وداعيات الحزب وأنصاره من الوعاظ الدينيين في آلاف المساجد التي تكتظ في كل جمعة بالبسطاء والفقراء الذين افتقدوا العدالة الاجتماعية علي الأرض فراحوا ينشدونها في جنات النعيم وحيث تمكن جيش الدعاة والوعاظ من استقطابهم الي جانب حزب النهضة ومن كسب أصواتهم لصالح هذا الحزب في الانتخابات التشريعية بعد ان منحوهم «صكوك غفران» لقاء التصويت لحزب النهضة الذي يرفع راية الاسلام وبعد ان اقسموا يمينا مغلظة امامهم بأن نواب الحزب في البرلمان والحكومة الاخوانية التي سيشكلها سيعملون علي تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وسيجعلون منها مصدرا رئيسيا للتشريع وسيقومون تبعا لذلك بإلغاء جميع البنود الدستورية وجميع قوانين الاحوال المدنية التي تتعارض مع تعاليم الشريعة أو تقف عائقا امام إقامة شرع الله علي الارض التونسية، ولم يكن غريبا بعد ذلك ان يصوت رواد المساجد لحزب يتبني برنامجا دينيا يسمح بتعدد الزوجات ويعطي للرجل حقوقا اكثر من الحقوق التي يمنحها للمرأة في الميراث وفي العمل وفي الطلاق واحتلال المناصب الرفيعة كما يبيح له التسلط علي المرأة بالتحكم في لباسها وتنقلاتها وحتي في حركاتها وسكناتها درءا للفتنة النسائية وحفاظا علي مجتمع الفضيلة وتفاديا للكوارث الربانية
الأهم في الحج المبرور للشيخ الغنوشي هوتخليه عن تقيته ثم تأكيده في تصريحاته لوسائل الاعلام القطرية بأنه سيعمل علي تعديل الدستور وقوانين الاحوال المدنية بحيث تكون أحكام الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي لصياغة الدستور والقوانين لان لا نهوض بنظره لتونس ولا التحاق لها بركب الحضارة إلا بتطبيق تعاليم الشريعة وأسلمة المجتمع التونسي وذلك خلافا للبيانات والتصريحات التي صدرت عنه وعن حزبه الاخواني والتي ظل يؤكد فيها بأن الحزب سيحافظ علي مكتسبات وحقوق المرأة التي كفلها لها قانون الاحوال المدنية كما سيعمل من اجل قيام دولة مدنية تضمن التعددية السياسية وتداول السلطة والحريات العامة

انني علي يقين ان وعود حزب الغنوشي في تونس بإقامة دولة مدنية ماهي الا وعود موقتة سوف تتغير عندما يأتي الوقت المناسب لذلك وماقاله في قطر هو عين الحقيقة وهو نفس الاسلوب الذي يتبعه اخوان مصر واقرب مثل علي ذلك تراجعهم عن قرارهم السابق بعدم ترشيح أي اخواني لمنصب رئيس الجمهورية بدعوي ان الظروف تغيرت وعندما تسأل عن التغيير الذي يقصدون تسمع كلاما متضاربا يثير الضحك فمرة يقولون: إن المجلس العسكري يرفض إقالة حكومة الجنزوري فكان الترشح للرئاسة الرد المناسب علي ذلك حتي يستطيع الاخوان القيام بدور تنفيذي يحقق اهداف الثورة .. كلام يثير العجب من أناس يفترض انهم يمثلون تيارا دينيا يحث علي مكارم الاخلاق والصدق في القول والعمل
إن أي متابع لتطورات وسلوكيات الاخوان في الشهر الماضي بدءا من زيارة الشاطر لقطر ثم اصرار مجلس الشعب علي سحب الثقة من الحكومة رغم انه لم يمض علي تكليفها اكثر من شهرين وعدم صبرهم المدة القليلة المتبقية علي الفترة الانتقالية .. كل ذلك يجعلنا ننظر بعين الريبة الي قطر .. اقولها والحسرة تملأ نفسي والمرارة تمسك لساني .. قطر التي اصبحت تتصدر المشهد السياسي العربي سواء باطلاقها قناة الجزيرة لتشعل الفتن في كل مكان من ارض العرب الي التدخل السافر في شئون الدول العربية لدرجة الدعوة الي التدخل العسكري لاسقاط الرئيس السوري بشار الاسد رغم معارضة كل عربي لما يرتكبه بشار من مجازر في حق شعبه لكن ان يصل الامر الي قيام جيوش عربية بالهجوم علي سوريا بدلا من اسرائيل فهو مايرفضه أي عربي مخلص لكن حكام قطر يرون في حكم بشار خطرا اشد من جرائم الاحتلال الاسرائيلي في ارض فلسطين المحتلة
ولم يقف الامر عند حد سوريا بل طال كل دول مايسمي بالربيع العربي تونس ومصر وليبيا واليمن ولم تسلم من التدخل القطري سوي البحرين ربما بحكم التشابه بين البلدين في نظام الحكم العائلي
لقد جندت قطر ثروتها الطائلة التي جنتها من حقول النفط والغاز لفرض رؤيتها علي دول عريقة رغم انها ليست سوي جزيرة لاتكاد تظهر علي خريطة العالم ولاتملك من القوة البشرية أو العسكرية مايجعلها تحلم بدور الدولة العظمي حتي ان وزير خارجيتها أخذه الغرور في مجلس الامن عند مناقشة قرار خاص بسوريا وتحدث بطريقة متعالية من مندوب روسيا فما كان من الأخير إلا ان عنفه بأسلوب هادئ وذكره بحقيقة نفسه وقيمة بلده الحقيقية في العالم حيث قال له بأسلوب روسي واثق من نفسه: لو كررت التحدث معي بهذا الاسلوب مرة ثانية لن يكون لقطر وجود علي خريطة العالم
اغترت قطر بالمال وبدلا من ان تنفقه علي تعليم وتثقيف شعبها وتطبيق الديمقراطية في ربوعها ثم إقامة استثمارات في الدول العربية والاسلامية الاخري تعود بالخير عليها وعلي شعوب هذه الدول نصبت من نفسها وصيا علي هذه الدول التي تتمتع بميراث حضاري يمتد لآلاف السنين لكن يبدو ان قطر الدولة الصغيرة التي لايتجاوز عدد سكانها سكان مدينة صغيرة في مصر او حي وربما شارع في القاهرة مثل شارع شبرا او شارع رمسيس تسعي لاقامة امبراطورية تمتد من المحيط الي الخليج عاصمتها الدوحة وامبراطورها هو حمد بن خليفة الذي فعل في والده الشيخ خليفة ما سبق ان فعله الوالد في ابن عمه في اوائل السبعينيات بعد استقلال الامارة عن بريطانيا
لقد عاشت قطر منذ تأسيسها علي سياسة الانقلابات بين أهل العائلة وبعضهم البعض لكن دخول الشيخة موزة المسند الزوجة الثالثة لأمير قطر العائلة الحاكمة يمثل نقطة تحول حيث سعي قطر منذ منتصف التسعينيات الي اقامة علاقة ذات طابع خاص مع الولايات المتحدة تضمنت اقامة اكبر قاعدتين امريكيتين في الخارج هما العديد والسيلية علي ارض الجزيرة الصغيرة مقابل ضمان الحماية الأمريكية لقطر بدلا من الحماية البريطانية التي انتهت عام 1971
وزاد التعاون تطورا بتولي قطر فيما يبدو المقاول الرئيسي لتنفيذ مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي دعا اليه الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الابن
أياً كان الامر فما يهمنا في مصر هو تنسيق الاخوان المسلمين مع حكام قطر وظهورهم امام الرأي العام المصري في صورة التابع الذي يأتمر بأمر الشيخ حمد والشيخة موزة وهو مايرفضه أي مصري
إننا نرحب بأي استثمارات عربية في مصر ونرحب بأي تعاون عربي مشترك لكن مانرفضه علي أنفسنا وغيرنا هو استخدام السلاح الاقتصادي لتحقيق مؤامرات واجندات خارجية تعود بالشعوب العربية مئات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق