الجمعة، 11 مايو 2012

تفاصيل عملية اصطياد ابو اسماعيل


: تفاصيل عملية اصطياد ابو اسماعيل
 دعا المصريين جميعا إلي الصلاة خلفه في ميدان التحرير الجمعة القادمة لم يكتف حازم صلاح أبوإسماعيل بكل ما فعله، لم يشبع من الدماء التي كان سببا مباشرا أو علي الأقل سببا قويا من أسبابها في إراقتها علي أسفلت العباسية. كان يمكن للمرشح الرئاسي المستبعد أن يحتمي بالحكمة التي يدعي أنه يملكها، أن يقدم مصلحة الوطن علي مصلحته الخاصة...ودعوني لا أكون طموحا وأتحدث عن مصلحة الوطن...كان يجب أن يغلب مصلحة أتباعه ومريديه ومن وثوقوا فيه واطمأنوا إليه علي مصلحته الشخصية الضيقة...فلا يوردهم موارد التهلكة،بل يحافظ علي أرواحهم ومستقبلهم. لكن الشيخ الذي يبدو أن ذاته تورمت بما يكفي،عندما ينظر إلي المرآة لا يري إلا نفسه، صدق أنه زعيم الأمة المنتظر.. الذي سيأتي ليملأ الدنيا عدلا ورحمة بعد أن ملأت جورا وقسوة.. فاستهان بأرواح من ساروا خلفه، واعتبرهم ثمنا بخسا من أجل وصوله إلي منصب الرئاسة،الذي أوهمهم أنه يريده من أجل تطبيق شرع الله. لقد دفع حازم أبو اسماعيل بأنصاره إلي الاعتصام من أجل نصرته،ولي ذراع المجلس العسكري لتغيير أعضاء اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية،أو تغيير المادة 28 من الإعلان الدستوي،كل ذلك من أجل عيون مرشحهم فقط،لقد رفعوا شعار "لازم حازم" ...ومن أجل ذلك تركوا بيوتهم واصطحبوا نساءهم وأولادهم في غزوة اللجنة،عازمين علي ألا يعودوا إلا بعد تحقيق هدفهم...وهو أن يصبح الشيخ حازم الرئيس. لكن ولأن أحدا لم يستجب لهم،لأن الرجل لم يكن صاحب حق من قريب أو بعيد،فلم يسأل أحد فيمن اعتصم أو من هتف أو من هدد وغضب.. فالقانون قانون ولابد أن يطبق علي الجميع..وليس معني أن الشيخ حازم يسير وفي ركابه مئات الآلاف أن يخضع القانون. وصل أنصار حازم أبواسماعيل إلي درجة اليأس التام،فكانوا أن تركوا مقاعدهم التي بوأها لهم في ميدان التحرير إلي مقر وزارة الدفاع في العباسية من أجل إجبار المجلس العسكري علي ما يريدون،معتقدين أن لحاهم الطويلة وعيونهم الغاضبة وملامح وجوههم المتجهمة يمكن أن تخيف جنرالات المجلس، فيسارعون لإعادة الشيخ حازم إلي السباق الرئاسي بأي حيلة قانونية...حتي يتفادوا غضبة أولاد أبو اسماعيل الذين أصبحوا ماركة مسجلة للتعصب والتطرف والإرهاب والكذب والافتراء علي الله والناس. كان يمكن للشيخ حازم أن يسحب أنصاره، لو أنه نزل إليهم من عليائه، خطب فيهم كما كان يفعل دائما، كان يمكن أن يعترف لهم بأن ما تعرض له لا ظلم فيه علي الإطلاق، وأنه سيعمل من أجل الوطن في أي مكان يتواجد فيه،وأن المنصب ليس من حقه. كان يمكن له أن يظل بينهم حتي يصرفهم جميعا،ولا ينصرف هو إلا بعد أن يطمئن علي رجوعهم جميعا إلي بيوتهم...فهم رعاياه الذين يجب أن يحسن رعايتهم،وإلا يكون مقصرا أمام الله وأمام الناس،فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته. أتباع الشيخ حازم أبو اسماعيل هم الخاسرون،فقد تعرض للضرب والتنكيل...ثم وهذا هو الأهم لقد لحق بهم الاتهام بأنهم متطرفون وقتلة ومتعصبون.. وأنهم لا يخدمون دينهم بقدر ما يخدمون شخصا لا يستحق...ثم إنهم من الآن سيكونون مطاردين ومطلوبين للعدالة، فقد ارتكبوا جرائم محددة يعاقب عليها القانون، ولن ينفعهم فيها أن الشيخ حازم محام ويمكن أن يدافع عنهم، فقد أثبتت التجربة أن الشيخ ليس إلا محاميا متواضع القيمة والقدرات القانونية. لم يقل حازم أبو اسماعيل الحق مرة ثانية، عندما ادعي أنه مريض ملازم لفراشه، مرة يقولون: إنه أصيب بكسر في ساقه، وأنه لا يستطيع أن يتحرك،ومرة يقولون: إنه مصاب بانزلاق غضروفي،ومرة يقولون: إنه أصيب بعرق النسا،وأنه لا يستطيع أن يطل علي أتباعه ليتحدث إليهم. كل هذا في ظل أخبار تواترت عن سفر الشيخ حازم إلي الولايات المتحدة الأمريكية،قال لأهله: إنه سيسافر إلي وكر الشيطان ذاته من أجل البحث عن براءته، وأنه سيعود بمفاجأة للجميع،ولم يتوقع أحد خيرا من الشيخ حازم الذي كان يعد بمفاجآت كثيرة وكل مرة لا تسفر مفاجآته عن أي شيء ذي بال.. ولذلك رجح من يعرفونه أنه يمكن أن يكون هرب بعد أن تأكد أن اللجنة العليا للانتخابات لن تتركه،بل ستتعقبه بتهمة التزوير وأن السجن في انتظاره من ثلاث إلي سبع سنوات. مساء السبت الماضي أطل الشيخ أبو اسماعيل ليس علي أتباعه فقط، ولكن علي الرأي العام المصري كله، لم يظهر بنفسه ولا بصوته، ولكن من خلال بيان يمكن بسهولة أن نشكك فيه،ونعتبره مجرد مناورة من مناوراته الكثيرة التي يلجأ إليها من أجل إنقاذ رقبته. حازم دعا أتباعه بل المصريين جميعا إلي النزول إلي ميدان التحرير،أن يجتمعوا علي قلب رجل واحد من أجل التصدي لمحاولات من يريدون سرقة الثورة والتدليس علي المصريين...كان البيان حماسيا وساخنا،استخدم الشيخ فيه بلاغته التي يبدو أنها لن تسعفه هذه المرة أبدا،فقد تأكد للجميع أن حازم ليس إلا ظاهرة صوتية لا خير فيها ولا رجاء يرتجي من خلفها. لكن لماذا ظهر حازم مرة أخري؟ أغلب الظن أن المرشح الرئاسي المستبعد أدرك تماما أنه دخل مرحلة الخطر،بعد أن كان واحدا من الأسباب المباشرة لما يمكن أن نسميه مذبحة العباسية،فصحيح أن الشرطة العسكرية هي التي فضت اعتصام التحرير،وصحيح أنها لجأت إلي القوة التي يمكن أن نعتبرها مفرطة،لكن يظل السؤال هو:من الذي أخرج هؤلاء المعتصمين؟...من الذي جاء بهم إلي العباسية وأجلسهم يهتفون ضد المجلس العسكري. لقد قتلهم وشردهم وأساء إليهم من أخرجهم دون أن يكلف خاطره بتوجيه كلمة لهم من أجل أن ينفضوا،اكتفي أبو اسماعيل وبعد أن خربت مالطة بنداء قال فيه: إن من خرج من أجل حازم فليس عليه إلا أن يعود. حازم أبو اسماعيل قولا واحدا وفاصلا وحاسما واحد من الذين صنعوا مذبحة العباسية...هناك من حرض ...وهناك من مول ...وهناك من أشعل النار،وهناك من تورط في المأساة،لكن يظل هو الصانع الأول والراعي الأول لها. وليس خافيا علي أحد أن هناك من تقدم ببلاغات واضحة لا لبس فيها إلي النيابة العسكرية يتهم حازم أبو اسماعيل بالتحريض علي اعتصام العباسية وما لحق به من أحداث،ولذلك سيكون من الطبيعي أن يتم التحقيق معه،ولن يكون بعيدا أن توجه اتهامات واضحة ومحددة لحازم يجد نفسه بعدهامسجونا،أو علي الأقل متهما في قضية منظورة أمام القضاء العسكري. بلاغات النيابة العسكرية ليست إلا حلقة واحدة مما يمكن أن نعتبره حلقات تعد وبشكل قانونية لاصطياد الشيخ حازم، وجعله يدفع ثمن ما اقترفته يداه، فهناك بلاغات أخري أمام النائب العام تتهم حازم بأنه كان وراء ما جري،ويمكن أن تضم بلاغات النيابة العسكرية إلي بلاغات النيابة العامة في قضية واحدة...فالجرم كبير والشهود كثيرون والشواهد أكثر. تبقي حلقة ربما لن يستطيع حازم أن يفلت منها،وهي حلقة اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية،فهناك مستند تحت يد اللجنة مزور تماما، وهو إقرار بخط حازم بأن والدته ليست أمريكية، وهو ما يعتبر تزويرا في محرر رسمي، وقد أحالت اللجنة الواقعة إلي النيابة العامة للتحقيق فيها تمهيدا لاستدعاء الشيخ حازم.. ولن ينتهي التحقيق إلا بإدانته، لأنه حتي الآن لم يقدم دليلا واحدا علي صدق كلامه إلا بعض الترهات التي يرددها دون أن يكون له سند واحد معقول أو منطقي. معني ذلك أن حازم لو حتي استطاع أن ينفذ من اتهامه بالتحرض علي أحداث العباسية، وأنه لم يثبت عنه أن دفع أحد للاعتصام أو الإشتباك مع الشرطة العسكرية، فإنه لن يستطيع أن ينفذ من الجريمة الثابتة والتزوير في محرر رسمي. لقد تساءل الكثيرون عن صمت الجهات الأمنية والأجهزة المسئولة عن كل ما نسب لحازم أبو اسماعيل خلال الأيام الماضية، ومنها مثلا أنه حصل علي سبعة ملايين دولار من إحدي الدول العربية لتمويل حملته الرئاسية وهو اتهام يمكن أن يكون أيضا محل تحرٍ وتحقيق. والإجابة الواضحة أن الأجهزة لم ترغب في التعامل مع حازم تعاملا سطحيا وأنها صمتت عليه حتي يخنق نفسه تماماً بالحبل الطويل الذي كان يتحرك به...حتي إذا سقط لا يستطيع أن يقوم من وقعته مرة أخري. إن حازم أبو اسماعيل في العرف الأمني والسياسي يعتبر مثل «الديك الرومي»، خصم ضخم ومنفوش وله أتباع كثيرون يمكن أن ينهضوا وينتفضوا من أجله،فكان لابد من تكسير هؤلاء قبل كسره حتي لايتحول الأمر إلي ما يشبه الحرب الأهلية من أجله. لقد اقترب الديك الرومي من نهايته بالفعل، وكما خرج حازم صلاح أبواسماعيل من سباق الانتخابات الرئاسية بالقانون الذي لا يحتمل جدلا أو تأويلا أو تحويرا.. فإنه سيعاقب أيضا بالقانون، وهذه المرة لن يعترض أحد أو يدافع عنه أحد.. لقد فقد الشيخ تعاطف الشارع معه.. هذا الشارع الصامت الذي يمنح تعاطفه مع كل من يتحدث بالدين حتي لو كان كاذبا، ثم إنه وهذا المهم فقد الكثيرين من أنصاره، هؤلاء الذين وقفوا ذات مرة علي منبر مسجد أسد بن الفرات ليبايعوه علي الموت في مشهد أقل ما يمكن أن يقال عنه: إنه كان انتهاكا كاملا للإسلام ولبيوت الله التي لم يعطها حازم حقها.. ولذلك فإن كل ما سيجري له مما جنته يداه،فلم يجن عليه أحد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق