السبت، 12 مايو 2012

تاريخ ميدان العباسية من صحراء "الريدانية" إلى معركة الجمل الثانية


تاريخ ميدان العباسية من صحراء "الريدانية" إلى معركة الجمل الثانية
جموع المصريين قرأوا فى كتب التاريخ عن موقعة "الريدانية"، التى وقعت أحداثها عام 1517 بين جيش المماليك الذين كانوا يحكمون مصر منذ العام 1260، حتى تمكن السلطان العثمانى سليم الأول من فتح مصر وهزيمة المماليك بقيادة السلطان طومان باى، لكن الذى قد لا يعلمه الكثيرون أن الريدانية هذه هى نفسها منطقة العباسية، التى سميت بهذا الاسم نسبة إلى "ريدان الصقلى" أحد أفراد حاشية الخليفة الفاطمى العزيز بالله، الذى يعد أول من أصلح صحراءها وأنشأ فيها بستانًا كبيرًا، فسميت المنطقة التى كانت حتى ذاك الحين مجرد صحراء جرداء باسم "الريدانية" نسبة إلى ريدان هذا، وبعد هزيمة المماليك فيها ودخول العثمانيين منها للقاهرة، أهملت هذه المنطقة، ثم تغير اسمها إلى"الحصوة"، حتى أعاد اكتشافها "عباس الأول" ثالث حكام الأسرة العلوية.

عباس حلمى الأول، هو ابن "أحمد طوسون" ابن محمد على باشا، مؤسس الأسرة العلوية، وتولى حكم مصر بعد وفاة عمه إبراهيم باشا فى 14 نوفمبر عام 1848، وكان مقر إقامته بالقلعة، وكثيرًا ما كان ينزل من القلعة إلى صحراء الريدانية، فأعجب بتلك المنطقة، وأمر بتشييد قصر له فيها، وحكى المهندس فرديناند ديليسبس عن هذا القصر فقال: إن نوافذه بلغت ألفى نافذة، وقال عن هذا القصر إنه مثل مدينة فى الصحراء، ثم أمر ببناء ثكنات الجيش فى تلك المنطقة، وفى عام 1851 أصدر عباس الأول إرادة سنية تقضى بأن تسمى هذه المنطقة باسم "العباسية".

كانت السراى، التى بناها عباس تعرف باسم "الخمس سرايات"، وأقيمت حولها القشلاقات فوق ربوة عالية لا تصل إليها مياه الفيضان، ثم أقام عددًا من المدارس العسكرية، وشق طريقًا ممهدًا بين العباسية والقاهرة.

وبعد مقتل عباس باشا فى 14 يوليو سنة 1854 فى بنها، تولى من بعده محمد سعيد باشا (الابن الرابع لمحمد على باشا)، فتوسع فى إنشاء ثكنات الجيش بالحى الجديد، وأقام المدرسة التجهيزية عام 1863 التى نقلت عام 1868 (فى عهد الخديو إسماعيل) إلى درب الجماميز وعرفت باسم "المدرسة الخديوية".

وبعد وفاة سعيد باشا، تولى حكم مصر إسماعيل ابن إبراهيم باشا فى 18 يناير 1863، وهو أول من حاز لقب "خديو"، وأدرك موقع حى العباسية فى تسكين الجيش، لقربها من الصحراء حيث يتمكن الجنود من التدريب، وأنشأ بها مدرسة البيادة (المشاة) عام 1864، وكان عدد تلاميذها 490 تلميذًا، ثم مدرسة السوارى (الفرسان) عام 1865، ثم مدرسة الطوبجية (المدفعية) ثم الهندسة الحربية، ثم مدرسة أركان الحرب، فمدرسة الرى والعمارة عام 1866 بسراى الزعفران، وهو الذى أنشأ قصر الزعفران، ويسمى بهذا الاسم نسبة إلى المنطقة التى كان يكثر بها زراعة نبات الزعفران الطيب الرائحة.

وفى عام 1865 مد الخديو إسماعيل السكك الحديدية من القاهرة إلى العباسية، ثم من العباسية إلى منطقة القبة (خط المرج فيما بعد)، وأنشأ ميدانًا لمسابقات الخيول بالعباسية، وكانت السباقات تجرى فيه وسط حشد كبير، وتنشر الوقائع أخبارها، وتحولت العباسية إلى ميدان للرماية والاحتفالات الشعبية.

ويرتبط حى العباسية بالثورة العرابية، التى وقعت أحداثها عام 1881 فى عهد الخديو توفيق ابن إسماعيل، ففى 18 فبراير 1879 اجتمع 600 ضابط ثم خرجوا فى مظاهرة عسكرية إلى شوارع القاهرة، ثم توجهوا إلى مقر وزارة المالية فى قصر إسماعيل المفتش، وأمسكوا بنوبار باشا، رئيس النظار (الوزراء) والوزير الأجنبى "ويلسون"، وأوسعوهم ضربًا، احتجاجًا على التدخل الأجنبى فى شئون البلاد، وفى اليوم التالى سقطت وزارة نوبار، أول رئيس للوزراء فى مصر الحديثة.

وبعد احتلال الإنجليز لمصر، استولت سلطات الاحتلال على العباسية، وحولتها إلى ثكنة عسكرية بريطانية، وانتشرت قشلاقات الجيش الإنجليزى بالعباسية، وأقاموا بها نادى الجيش البريطانى.

تحول حى العباسية خلال الاحتلال الإنجليزى إلى مستعمرة إنجليزية، وأطلق الإنجليز أسماء أجنبية على شوارع الحى، وهذه الأسماء تم استبدالها بعد ثورة يوليو 1952.

ويرتبط بحى العباسية مستشفى الأمراض العقلية، الذى أصبح مرادفًا للحى، ويرجع تاريخه إلى عهد الخديو إسماعيل، حيث أنشأت هذه الاستبالية فى جزء من السراى (الصفراء) التى أقامها الخديو إسماعيل، ثم احترقت هذه السراى، وأعاد بناءها الخديو توفيق، وعرفت باسم "سراى المجاذيب"، ولأن تلك المنطقة كانت تتميز بهواء صحى نقى، فقد توالى بناء المستشفيات بها، فأمام مستشفى الأمراض العقلية أقيم مستشفى الحميات، وجنوبًا أقيم المستشفى الإيطالى (أمبرتو الأول)، ثم المستشفى اليونانى بجواره، ثم المستشفى الإسرائيلى فى غمرة، ثم المستشفى القبطى، ثم المستشفى الفرنساوى، الذى أصبح مستشفى مصر للطيران.

فى منطقة السرايات، أقيمت مدرسة الصناعة والزخرفة، التى أصبحت بعد ذلك كلية الهندسة، وبجوارها كثرت البنايات والعمارات الكبيرة التى تهافت عليها الأثرياء لسكنها، وظهر فى تلك الفترة رجل خير من أصل فارسى، هو "عبد الرحيم الدمرداش باشا" الذى تبرع وزوجته من مالهم لبناء مستشفى خيرى عام 1928 مازال يحمل اسمه، تطور فيما بعد ليصبح كلية طب عام 1947، وأمام مستشفى الدمرداش يوجد قبر أحمد ماهر باشا، رئيس وزراء مصر الذى اغتيل فى 24 فبراير 1945، وأيضًا قبر رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى، الذى اغتيل فى 28 ديسمبر 1948.

بعد ثورة يوليو 1952 احتفظت الثورة بمقار الجيش الإنجليزى، وخصصتها لوزارة الحربية (الدفاع) حيث يوجد فى دائرة العباسية مقر وزارة الدفاع، ومبنى الكلية الفنية، والمعهد الفنى للقوات المسلحة، وجميع الهيئات والإدارات والنوادى التابعة للجيش، واختار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الإقامة بها فى منزل كان يخص ناظر المدرسة العسكرية، ثم باتت مقصدًا لآلاف الأسر من كل الطبقات، استوطنوا هذا الحى، الذى تصدر الصحف ونشرات الأخبار فى تلك الأيام.

.............
معركة الريدانية
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
جزء من الدولة العثمانية والمماليك
وقعت معركة الريدانية بتاريخ 29 ذي الحجة سنة 922 الموافق 22 كانون الثاني 1517 م، بين طومان باى والسلطان سليم الأول العثمانى والتي انتهت بهزيمة طومان باى وإعدامه على باب زويلة . وانهاء حكم المماليك وبداية السيطرة العثمانية لمصر.
القادة
السلطان سليم الأول.
الوزير الأعظم سنان باشا خادم.
خاير بك. السلطان طومان باي.
جانبردي الغزالي (استسلم للسلطان سليم بعد ذلك وخدم عنده).
القوى
500 ألف مقاتل[1] 250,000 ألف مقاتل
الخسائر
6000 قتيل 25,000 قتيل

وقعت معركة الريدانية بتاريخ 29 ذي الحجة سنة 922 الموافق 22 كانون الثاني 1517 م، بين طومان باى والسلطان سليم الأول العثمانى والتي انتهت بهزيمة طومان باى وإعدامه على باب زويلة . وانهاء حكم المماليك وبداية السيطرة العثمانية لمصر.
البداية
بعد أن انهى السلطان سليم فتح الشام, والانتصار الذي حققه سنان باشا على جانبردي الغزالي في خان يونس بدأ التقدم باتجاه مصر.
وقبل التوجه لمصر أرسل السلطان سليم رسولا إلى الزعيم الجديد للمماليك طومان باي يطلب منه الخضوع له والطاعة للدولة العثمانية وذكر اسمه بالخطبة وعرض عليه أن تكون مصر له بدءا من غزة ويكون هو واليا عليها من قبل السلطان العثماني على أن يرسل له الخراج السنوي لمصر وحذره من الوقوع فيما وقع فيه سلفه قانصوه الغوري. لكن طومان باي رفض العرض وقتل الرسل بتأثير من أتباعه الجراكسة مما يعني اعلان الحرب على العثمانيين].
التوجه إلى مصر
بعد قتل رسل السلطان سليم الأول قرر التوجه بجيشه صوب مصر بجيش مقداره مئة وخمسون ألفا مقاتل وصحبه كثير من المدافع واجتاز الصحراء مع جيشه ووصل العريش بتاريخ 17 ذي الحجة 922 الموافق 11 يناير 1517 فقطع صحراء فلسطين[4] وقد نزلت الأمطار على أماكن سير الحملة مما يسرت على الجيش العثماني قطع الصحراء الناعمة الرمال وذلك بعد أن جعلتها الأمطار الغزيرة متماسكة مما يسهل اجتيازها[3] ووصل الصالحية مع جيشه بتاريخ 22 ذي الحجة بعد أن عبر الصحراء بخمسة أيام[5] وفي أثناء عبور الجيش العثماني للصحراء تعرض إلى غارات البدو, وكان السلطان المملوكي يحث البدو على القيام بهذا العمل وكان يدفع مقابل كل رأس تركي وزنه ذهبا, وقد اشتدت غارات البدو لدرجة خاف الوزير الأعظم من حدوث معركة كبيرة وقد كادت أن تكلف حياته هو الآخر[6]
المعركة

جمع طومان باي 40 ألف جندي نصفهم من أهالي مصر والنصف الآخر من العسكر المماليك[7] وفي قول آخر كان عدد جيشه 30 ألف مقاتل[6]. وقد استقدم 200 مدفع مع مدفعيين من الفرنجة ووضعها في الريدانية والهدف منها هو مباغتة العثمانيين عند مروره والانقضاض عليه وحفرت الخنادق وأقيمت الدشم لمئة مدفع وكذلك الحواجز المضادة للخيول على غرار ما فعله سليم الأول في معركة مرج دابق ولكن استخبارات العثمانيين تمكنت من اكتشاف خطة الجيش المصري كما فصل ذلك د. فاضل بيات: تمكن والي حلب المملوكي خاير بك والذي دخل بخدمة العثمانيين من تأمين خيانة صديقه القديم جانبردي والذي كان على خلاف مع السلطان طومان باي وهو الذي أشار على السلطان سليم بالالتفاف على جيش المماليك. وقد علم طومان باي بالخيانة بعد فوات الأوان وتردد بمعاقبته خوفا من أن يدب الخلل في صفوف الجند.[8]
قام السلطان العثماني بعملية تمويهية بعيد اكتشافه للخطة المصرية, بأن أظهر نفسه سائرا نحو العادلية ولكنه التف وبسرعة حول جبل المقطم ورمى بكل ثقله على المماليك بالريدانية وكانت تلك حيلة جانبردي الغزالي الذي أبلغ خاير بك ذلك, فوقعت المواجهة بتاريخ 29 ذي الحجة 922 الموافق22 يناير 1517[9].
ماقاله ابن اياس

يقول ابن اياس بكتابه (بدائع الزهور في وقائع الدهور): وصلت طلائع عسكر ابن عثمان عند بركة (الحاج) بضواحي القاهرة, فاضطربت أحوال العسكر المصرية, وأغلق باب الفتوح وباب النصر وباب الشعرية وباب البحر.. وأغلقت الأسواق, وزعق النفير, وصار السلطان طومان باي راكبا بنفسه وهو يرتب الأمراء على قدر منازلهم, ونادى للعسكر بالخروج للقتال, وأقبل جند ابن عثمان كالجراد المنتشر, فتلاقى الجيشان في أوائل الريدانية, فكان بين الفريقين معركة مهولة وقتل من العثمانية ما لا يحصى عددهم). ويستطرد ابن إياس فيقول: (ثم دبت الحياة في العثمانية, فقتلوا من عسكر مصر ما لا يحصى عددهم). انتهى كلام ابن اياس.
استمرت المعركة الضارية بين العثمانيين والمماليك ما بين 7-8 ساعات وانتهت بهزيمة المماليك وفقد العثمانيون خيرة الرجال منهم سنان باشا الخادم وقد قتل بيد طومان باي الذي قاد مجموعة فدائية بنفسه واقتحم معسكر سليم الأول وقبض على وزيره وقتله بيده ظناً منه أنه سليم الأول. وأيضا فقد من القادة العثمانيين وأمراء الجيش بسبب الشجاعة المنقطعة للمماليك ولكنهم لم يستطيعوا مواجهة الجيش العثماني لمدة طويلة فقد خسر المماليك حوالي 25 ألف قتيل, وفر طومان باي من المعركة ودخل العثمانيون العاصمة المصرية وقد استغرق منهم الكثير من الوقت والرجال حتى استكملوا سيطرتهم بالكامل على القاهرة.
أسباب هزيمة المماليك

يرجع الفضل للنصر المؤزر للعثمانيين على المماليك بعقر دارهم مع أن المماليك رجال حرب وشجعان إلى الأسباب التالية:

تحول ولاءات بعض القادة المماليك إلى السلطان سليم كخاير بك وجان بردي الغزالي الذي اعطى معلومات مهمة جدا لخطط المماليك للعثمانيين فكوفئ بحكم دمشق.

تفوق العثمانيين في الأسلحة الحديثة والمدافع والخطط الحربية المستمدة من الغرب:

1- الأتراك اعتمدوا على الأسلحة النارية على عكس المماليك الذين لايزال اعتمادهم على السيف والرمح, ومن الطريف أن المماليك عرفوا الأسلحة النارية قبل العثمانيين[10] بمقدار ستون عاما ومتأخرين عن أوروبا بأكثر من 40 عاما, ولكنهم لم يستغلوا تلك المعرفة بحكم أن ذلك يتطلب تعديلا جذريا بتنظيم الجيش وأساليبه القتالية, مما يحوله إلى جيش مشاة ويلغي الفروسية والسهم والسيف والخيل.
2- سلاح المدفعية العثماني يعتمد على مدافع خفيفة يمكن تحريكها بجميع الإتجاهات على عكس المدفعية المملوكية والتي تعتمد على مدافع ضخمة لاتتحرك. وهذا مما حيَد مدافع المماليك عند التفاف العثمانيين عليهم بتلك المعركة[11].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق