b]ثمانية أعوام من الرمال المتحركه..قصة الجيش المصرى فى اليمن 1962/1970
[/b]
مقدمه عامه:
-------------
*كان عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أغرب عهد مرت به مصر؛فمن جانب
كانت عملية البناء و التشييد الصناعى و التقدم الزراعى فى الاستصلاح و
تطوير الارض المنزرعه سلفاً تسير على قدم و ساق..من جانب آخر شهدت مصر
إنجازات تستحق الاحترام فى الفتره من 1960الى1965 فيما عرف بإسم الخطه
الخمسيه الأولى و شكل هذا سبب للإزعاج الشديد لدى إسرائيل و غيرها..
و من جانب آخر ترسخت الديكتاتوريه و الاستبداد بصوره شامله صنعت ستاراً
حديدياً يشبه ستار السوفييت و باتت مصر رهينة حكم شبه عسكرى يهين أبسط
مبادئ حقوق الانسان و لا يعترف بأى صوره ديموقراطيه للحكم مما صنع كماً
هائلاً من الفساد الإدارى المنعدم الرقابه و كماً من الثغرات التى راحت
تنخر جذور كل نجاح حققته مصر وقتها فما تصنعه الثوره تحطمه سياسات صناع
الثوره..
ووسط هذا كانت مصر أمام ملفين عسكريين بالغى الأثر فى مستقبل مصر الأول هو
ملف حرب اليمن و الثانى ملف حرب عام 1967 و كلاهما مرتبط ببعضه بل أن
الأول من صناع الثانى؛الآن أحاول سبر بعض أغوار هذا الملف الذى بات محيراً
اليوم فى ظل كشف كل ما احاط به بعد 51 عام من بدايته الحقيقيه و 47 عام من
التدخل المصرى المباشر..
اليمن عام 1962:
------------------
مع نهاية الدوله العثمانيه كانت اليمن قد تخلصت من التدخلات العثمانيه فى
سيادتها و بات الامام يحيى بن حميد الدين هو الرجل الأقوى فى الجزء
الشمالى من اليمن المعروف فيما بعد باليمن الشماليه بعيداً عن اليمن
الجنوبى الخاضع لسيطره من انجلترا تجعل الاقتراب منه مستحيلاً؛إلا أنه
كثيراً ما دعم عد محاولات تحرريه لمد نفوذه بالجنوب و لكنها بطبيعة الحال
باءت بالفشل بسبب السيطره الانجليزيه القويه و الفارق الهائل بين كلا
الجيشين..و كان النظام اليمنى شديد القسوه و التخلف مما أدى لعدة محاولات
انقلابيه بدأت بالعام 1948 ثم العام 1955..و مع مجئ العام 1959 حاول ابن
الامام احمد الحاكم القيام بإصلاحات سياسيه على غرار الاصلاحات الغربيه
إلا أن الأمر انتهى بمذبحه بشعه ضد جميع الاصلاحيين بيد ابن الامام
نفسه..إستمر الحكم فى اليمن الشمالى كما هو(و هو محل الموضوع كله) و صحة
الامام أحمد تتدهور الى أن حضرته الوفاه فى 1962 و تولى إبنه الامام البدر
الحكم..و فى سبتمبر من نفس العام كان الانقلاب قد بدأ و استقر بقيادة عبد
الله السلال الناصرى الإتجاه(يلاحظ أن مصر وقتها كانت ملهمه لإنقلابات
عديده و بغرابه شديده كررت نفس الاخطاء)..و مع الاحداث بدأت مصر فى ارسال
قواتها لدعم الانقلاب و تثبيت نظام الحكم الجديد فكانت البدايه منذ العام
1962 فى إرسال قوات مصريه بدأت بكتيبه و إنتهت بتعداد متغير حسب السنوات
من 50الى120الف عبر الاعوام 1962 الى 1970 حين غادر اليمن آخر جندى مصرى
مقاتل رسمياً.
موقف الكبار من حرب اليمن:ناصر،حكيم و السادات:
--------------------------------------------------
هنا سأكون حيادى و أصف الحدث بقدر علمى و ما قرأته عن الأمر بدون ذكر رأيى الخاص الا بالنهايه…
*موقف جمال عبد الناصر:
-1-كانت بداية الموقف لديه التردد فى إتخاذ القرار فى دعم أى شئ باليمن
طوال الفتره من 1958 الى 1962 و بات بعد وفاة الامام احمد أكثر توجساً و
قلقاً.
-2-مع ضغوط عبد الحكيم عامر القابض على الجيش و موافقة الاغلب ممن حوله
مثل محمد انور السادات مع العلم بأنهم كانوا مستشارين للموقف ليس الا ؛
تحول الى الموافقه.
-3-بمرور الوقت تحول الموقف أكثر لديه الى تأييد كامل للأمر مع تبيان مزايا التواجد عند باب المندب.
-4-كان التوسع العسكرى حتى الحدود السعوديه فى 1963 بداية الطوارث لديه؛ و تأكد من أنه يغوص فى مستنقع آسن.
-5-حاول عبد الناصر تقليل الدور المصرى عبر الاعوام 1963 و 1964 و 1966
الى أن خفض تعداد الديش وقتها(رسمياً) الى 35000(الرقم فى الواقع مشكوك فى
صحته إلا أننى أنقل هنا ما قرأته لكن لو كان العدد هكذا لتغير الوضع فى
جبهة سيناء مع العام 1967).
-6-كانت هزيمة 1967 بداية الانسحاب من اليمن الذى إنتهى بالعام 1970.
-7-كانت أهداف عبد الناصر:
أ-التأكد من وجود نظام موالى لمصر عند باب المندب لحصار اسرائيل.
ب –الاقتراب من النظم الملكيه الخليجيه كبدايه لتغيير الوضع بما يتناسب مع صالح مصر.
ج-تصور عبد الناصر*1..أن هذه بدايه جيده للسيطره على الثروه النفطيه او تسييرها فى إتجاه يخدم مصالح مصر بنظامها الجديد.
د-بصوره عامه كان عبد الناصر ينظر للأنظمه الملكيه على انها متخلفه عن
العصر و عبوديه لشعوبها و عميله للغرب مما يجعلها خطر عليه(مهما تكررت
لقاءاته و مؤتمراته معهم كانت الحقيقه التى تساندها الوثائق تؤكد عمل
السعوديه ضده فى حرب اليمن و عمل الاردن كذلك و تواطؤ عربى ملكى كامل مع
اسرائيل فى 1967 )..مما يدلل على اسباب تورط مصر فى مشكلات أخرى مثل حرب
الرمال.
ه-كان جمال عبد الناصر فى حاجه الى بديل يعوض الفشل الذى أصاب تجربة
الوحده مع سوريا1962مما يؤدى للحفاظ على استمرارية مشروعه العربى و يعد
إمتداد بحيث لا تشكل نهاية الوحده ضربه سياسيه للمشروع.
*موقف عبد الحكيم عامر:
-1-كان التأييد للعمليه هو موقف عبد الحكيم عامر منذ البدايه بعد تفكير لم يأخذ الكثير من الوقت.
-2-تولى عبد الحكيم عامر الشق العسكرى من الألف للياء بطبيعة حاله كمسيطر تماماً على الجيش و متحكم فيه.
-3-مثل عبد الحكيم عامر وصلة الضغط الكبرى على موقف جمال عبد الناصر
المتشكك فى الأمر خصوصاً بعد وفاة الإمام و تحول الامر الى ما كان عليه
قبلاً.
-4-مثلت الإداره العسكريه له باليمن نموذج لعدم فهم كامل لطبيعة الأرض و
دللت على إنتشار التراخى بين القيادات فتطورت العمليه العسكريه لمناطق لا
معلومات عنها مطلقاً و تصادمنا مع السعوديه.
-5-رفض عبد الحكيم عامر أى تغيير للموقف باليمن حتى هزيمة1967.
كانت أهداف عبد الحكيم عامر:
أ-تعويض شخصى لما حدث له فى سوريا من طرد مهين له(بالبيجامه)من سوريا عند حل الوحده.
ب-رغبة عبد الحكيم عامر فى حصار سهل لإسرائيل من الجنوب و تأمين باب المندب.
ج-لم يكن عبد الحكيم ليستريح فى مصر مع سلطة ناصر..فكان لا بد أن يكرر تجربة سوريا.
د-إعتبر حكيم أن المسأله مسألة حياه أو موت بالنسبة له فالفشل الثانى فى اليمن ربما يطيح به.
ه-كان نفوذ حكيم بالجيش مرهون باليمن؛و تحول الوضع لهذه الصوره مع الانغماس فى المستنقع اليمنى.
*موقف السادات:
-1-كان محمد أنور السادات من أشد مؤيدى الانطلاق لليمن و مثلت علاقته بالدكتور البيضانى الباب الأكبر لإقناع ناصر .
-2-كان السادات مرتبطاً فى الأمر بموقف حكيم و على مدار الخط عبر 5سنوات
كان موقفه سواء أراد أو لا مرتبط برؤية عبد الحكيم عامر بفعل توليه
مسئولية حرب اليمن سياسياً.
-3-تعرض السادات لموقف يتجاوز قدراته المحدوده؛فهو رسمياً يتولى ملف اليمن
سياسياً لكن الملف فعلياً فى يد عبد الحكيم عامر و أى تحرك فيه لن ينجح
بدون موافقة حكيم.
-4-تسبب الامر فى توتر للعلاقات بين ناصر و السادات إستمر حتى 1967.
دوافع السادات:
أ-كان السادات يشارك الكل فى النظر لباب المندب كوسيله لخنق إسرائيل فى الجنوب وقت الحرب.
ب-كانت وجهة نظر السادات منقوصه؛إذ انه فى الجانب النظرى متميز لكن تنقصه
المعرفه العسكريه التى لم يكن يمتلكها و لا حتى حكيم نفسه كانت قدراته تصل
الى تقييم شامل للموقف و لعل الافتقار الى الخرائط مجرد الخرائط دليل على
هذا فكيف تنشأ حرب و ننغمس فيها و لا توجد خرائط؟
ج-تورط السادات منذ العام 1963 بالأمر فهو فى موقف محرج فأى جهد سياسى
مرهون بالملك فيصل و الاداره الامريكيه و حكيم و ناصر ؛ فكان كأنما ليس
موجوداً أصلاً لأن كل خيوط اللعب خارج أصابعه.
د-ربما تكشف الأيام المزيد لكن الى هنا أنهى جزء السادات و كل هذه النقطه.
الأحداث:
---------
-1-فى 5/10/1962 وصلت لليمن كتبة مصريه مخصصه لحماية السلال و بالتالى حماية النظام الجديد.
-2-بعد فتره وجيزه تبين أن الأمر يحتاج لأكثر من كتيبه على الرغم من أن
الخسائر لم تكن كبيره لكن الوضع اليمنى-السعودى كان فى حاجه لقوات أكبر.
-3-تعاظم حجم الجيش المصرى من 10000الى 35000ثم 55000 و تقدر مصادر عدة ان العدد وصل الى 120000.
-4-بمرور الوقت تعاظمت خسائر الجيش المصرى بسبب الدعم السعودى للملكيين و
الغطاء الأردنى لهم و التأييد الأمريكى خاصةً فى عهد جونسون.
-5-دخل شاه إيران على الخط بتوفير دعم للملكيين نكايةً فى نظام عبد الناصر
و تأييداً لنفوذ إيرانى محتمل(لاحظوا اليوم مشكلة الحوثيين التى هى فى
جانب منها ميراث الخومينى من الشاه).
-6-منذ العام 1963 تم توسيع نطاق عمليات و تواجد الجيش خارج المنطقه
الآمنه فى نقاط:صنعاء/تعز/الجديده و ترتب على هذا طلب المزيد من القوات
كما أسلفت.
-7-مع التدخل السعودى/الأردنى/الأمريكى /الإيرانى لدعم الملكيين و إصرار
عبد الحكيم عامر و تخبط القرارات السياسيه من القاهره بات فشل ملف السياسه
للسادات أمر محتوم.
-8-فى 9/1964 و فى القمه العربيه تم عقد صلح فى محاوله من ناصر للخروج من
الكارثه إلا أن اشتباكات حدثت الغت الفكره و جمدت السير بها(أعتقد أن جهات
غربيه و مصريه تتحمل مسئولية ما حدث فلا الغرب سيرضى بالخروج و لا حكيم
سيرضى بالفشل).
-9-فى 8/1965 إضطر ناصر تحت غطاء العمره للذهاب الى السعوديه لحل المشكله
متنازلاً عن كبرئاؤه المعتاد و تم بالفعل عقد إتفاق جده إلا أنه لم يخرج
القوات المصريه من اليمن و خرج جزء كبير منها دون باقى القوات.
-10-فى 1967 حدثت الهزيمه مما أدى لسحب مباشر لأغلب القوات من اليمن و
كذلك الأسلحه بالذات سلاح الجو ؛و مع العام 1970 /1971 لم يكن باليمن قوات
مصريه رسمياً.
-11-نجحت نظرية النفوذ المصرى باليمن إبان حرب أكتوبر 1937 و تم حصار
إسرائيل من الجنوب و منع أغلب الإمدادات النفطيه لها بناءً على رؤية
الجمهوريه اليمنيه التى تغلبت على الملكيين منذ العام 1967.
-12-تراوحت خسائر مصر فى التقديرات من 10000 جندى الى 15000 و تقصرها بعض التقديرات على 5000 فقط(أعتقد أن الرقم بين 10000 و 15000).
الموقف السعودى:
------------------
كان الموقف السعودى المهيمن عليه الامير فيصل الحاكم الحقيقى للسعوديه
بعيداً عن الملك سعود صاحب اللا سلطه؛كان موقفاً يهدف للحفاظ على المملكه
و حكم آل سعود..إذ شكلت عملية وجود قوات مصريه ناصريه عند الحدود السعوديه
كارثه تهدد النظام الملكى بعلاقاته الغربيه الواضحه المعبره عن مصالح
متراكمه منذ العقد اللأول بالقرن العشرين..هناك كانت السعوديه تتكفل
بالتعاون التام و تسليح مؤيدى الإمام و دعمهم مالياً و كان من دورها تسهيل
إخال المرتزقه الاوروبيين الى مناطق القتال لدعم الملكيين..بإختصار كانت
السعوديه و فيصل معبران عن المصلحه الحاكمه فى هزيمة مصر باليمن و تحطيم
قوتها العسكريه حتى لا تتكرر تلك العمليه فى السعوديه أو غيرها من
الملكيات الأخرى.
الموقف الأمريكى:
------------------
بطبيعة الحال كانت الولايات المتحده داعمه هى و إنجلترا مطلقاً للملكيين
على إعتبارين؛ الأول هو مصالحهم فى هزيمة النظام الناصرى الذى يمثل عقبه
كبرى ووحيده فى طريق التوسع و النفوذ بالشرق الوسط و بعلاقته الوثيقه
بالاتحاد السوفييتى..الثانى هو رغبة الولايات المتحده فى تأمين باب المندب
لصالح اسرائيل و صالحها على أساس تخوف جونسون من وجود نظام مطل على المضيق
و موالى للسوفييت كم أن فكرة تواجد الجيش المصرى هناك كانت مخيفه..و توالت
المساعدات مالياً و بالسلاح فى عهدى كينيدى و جونسون و إن كانت شبه علنيه
فى عهد الأخير..بإختصار عبرت الولايات المتحده عن مصالحها فى استنزاف مصر
حليفة السوفييت و منع وجود نظام معادى باليمن و تامين باب المندب.
الموقف السوفييتى:
-------------------
إن المصلحه هى المعيار الوحيد لعمل الامبراطوريات الكبرى و من هنا بدأ
السوفييت منذ مراحل الانقلاب القديمه النظر لفكرة وجود نظام ناصرى باليمن
مما يشكل ضربه كبرى لها بإنشاء نظام موالى فى الجزيره العربيه قلب نفوذ
الغرب و وضع يد قويه لها عند باب المندب مما يكمل سيطرتها على البحر
الأحمر..و هنا شكل السوفييت مصدر تسليح لقوات المصريه باليمن و الجمهوريين
باليمن معبره فى ذلك عن مصالها؛و لعل السوفييت شكلوا دوراً ضاغطاً و
محركاً طوال الوقت للصراع حيث كانت الفكره غير مكلفه لهم و مربحه
للغايه؛فهن أعتقد من وجهة نظرى ان من أسباب تشجع جمال عبد الناصر منذ
البدايه كانت الموقف السوفييتى الحماسى و المؤيد لفكرة التدخل..بإختصار و
كالمعتاد كان الدور السوفييتى هو الحاسم سواء فى اقناع ناصر بالتدخل و
تسليح الجمهوريين معبره فى ذلك عن مصالحها الخاصه وواضعةً حلقه أخرى
ملتهبه فى سلسلة الصراع السوفييتى الغربى..حلقه اسمها اليمن.
*هناك ادوار أخرى للأردن و إسرائيل باتت معروفه مما سبق فما ينطبق على
السعوديه ينطبق على الاردن و الدور الامريكى/الانجليزى هو نفسه مع
اختلافات بسيطه الدور الإسرائيلى..لذا لا اطيل فى الشرح هنا و أقتصر على
ما ذكرت فقط.
رأيى و تقييمى الخاصين:
------------------------
-1- كان قرار مساعدة الإنقلاب باليمن قرار صائب فى حد ذاته لأن وجود نظام
موالى لمصر فى اليمن يؤمن مضيق باب المندب و هو ما حدث فى حرب 1973 ، و
يحمى مصالح مصر بالبحر الأحمر و يجعل لها نفوذاً بالجزيره العربيه
المحتكره ضدها.
-2- كان قرار إرسال قوات لليمن قرار متسرع و متهور جداً حيث لم تسبقه
دراسه حقيقيه كانت ستشير الى أن الدول المحيطه كالسعوديه ستتدخل لتغير
الواقع و معها دول ذا مصلحه كإنجلترا و امريكا مما سيضع القوات تحت كم من
الخسائر يفوق المتصور و يُفشل المهمه.
-3- كان الصائب إقصار المساعدات على المال و السلاح لتحقيق مصلحة مصر
باليمن دون إرسال أى جندى على غرار ما فعلته مصر فى حرب الرمال لمساعدة
الجزائر حيث لم ترسل جنود مقاتلين بل أسلحه و مال ، و هذا كان الحل
الحقيقى.
-4- يتحمل جمال عبد الناصر و عبد الحكيم عامر المسئوليه عن أزمة مصر
باليمن لأن كلاهما حكام لمصر و متحكمين بلا أى مراجعه أو معارضه؛فعلى قدر
السلطه توجد المسئوليه و هما سلطتهما مطلقه فكلاهما مسئول و يحاسب
تاريخياً.
-5- جمال عبد الناصر له شقين من المسئوليه الأول هو خلقه لظاهرة عبد
الحكيم عامر بترقيات سريعه ليؤمن قياده يثق فيها بالجيش ليؤمن سيطرته عليه
حتى تحول حكيم الى قوه تفوق قوة ناصر و تسيطر على الجيش؛الشق الثانى هو
مسئوليته كرئيس لإرسال القوات المصريه لليمن فهو ديكتاتور يحتكر القرار
فلا بد أن يكون مسئولاً أكثر من غيره.
-6- مسئولية عبد الحكيم عامر أنه دوماً رضى بوضع نفسه فى موضع أقل من
قدراته ففى 1956 لم يكن قادراً على إدارة الأزمه و فى حرب اليمن كان غير
قادر على إدارة الملف و يوسع العمليات العسكريه بما لا يتناسب بالمره مع
القدرات العسكريه المصريه و لا يمتلك المعرفه الكافيه بأى شئ من أرض
عملياته..فالعمليات العسكريه و خسائرها بالكامل مسئوليته لأنه إحتكر
القرار التصرف و لم يكن قادراً على تحمل مسئولياته و مع هذا أصر على
موقفه؛كذلك حكم أغراضه الشخصيه فى تعويض أحداث سوريا 1962 باليمن فهذه
جريمه حقيقيه.
-7- لا احمل السادات اى مسئوليه عما حدث بخلاف رؤيته للتدخل العسكرى فهذه
الرؤيه الخاطئه محلها قصور فى المعرفه العسكريه و ارض المعركه و دراسه
جاده..و لا ارى ذنبه في هذا لأنه لم يفرض شئ بل ادلى برأى و إن كنت اصر
على ان المحاسبه لو شملت الكل فلا بد ان تشمل اصحاب الراى الموافق كذلك و
هو منهم.
-8- السادات كمسئول عن الملف السياسى لم ينجح و لكن عدم نجاحه يعود الى أن
الأمر كان خارج نطاق قدراته ؛ فبكل أسف كان الامر خارج نطاق السادات
فالملف السياى الحقيقى فى يد ناصر و تتحكم به مواقف حكيم و امريكا و فيصل
و الحسين..بمعنى اخر كان الملف السياسى مرهون بالحسم العسكرى على الارض و
هو ما فشل فيه حكيم حتى النكسه فلا احمل السادات مسئولية الفشل السياسى
؛ربما لو كان رئيس لحملته المسئوليه و لكن وضعه وقتها لا يحمله المسئوليه.
-9- كما ذكرت كان موقف الملك فيصل كله لحماية المملكه من النفوذ الناصرى
المعادى لها و لمصالحها ، و لعلى هنا أعتبر أن دورها ضد مصر خيانه حقيقيه
لدورها العربى و الاسلامى لكن من ناحيه مجرده أجد أن دوره فى حماية أسرته
و نظامه و حكمه يفرض عليه الكثير؛كذلك العلاقات السياسيه و الاقتصاديه و
العسكريه بين السعوديه و انجلترا و امريكا تفرض عليها وضع العداء لمصر
سياسياً لوضعها السياسي المتحالف مع السوفييت و لم ينتهى هذا الموقف الا
بتغيير موقف مصر و السير على المحور السعودى ابان حكم محمد انور السادات .
-10- كان وسيع نطاق العمليات العسكريه خارج مثلث الضمان اليمنى خطأ عسكرى
فادح لنه رتب خسائر عسكريه متصاعده و حاجه الى المزيد و المزيد من القوات
العسكريه مما أدى الى ما باتت عليه مصر وقتها من كارثه باليمن.
-11- كان القرار السليم هو نفس القرار الذى إتخذه جمال عبد الناصر حين رفض
علناً إرغام السوريين على البقاء فى الوحده بعد أن أعرب حكيم عن رغبته فى
هذا؛و هو أن ينسحب فى صوره منظمه بالعام 1965 فور توقيع اتفاق جده..لكن
إستسلام ناصر للموقف و تحم السوفييت فى الكثير من الاوراق جعل عزيمته أقل
، و بوضوح امامى كان ناصر فى هذه اللحظات فى دوامه من الأخطاء المتتاليه
التى إرتكبها بدءً من ترقيات حكيم الى ارسال قوات لليمن.
-12- أخيراً أعود للقول بأن كل ما مرت به مصر وقتها أخطاء متتاليه بدأت
بالغاء الديموقراطيه تماما و تحكيم العناصر غير المطلوبه بالجيش حسب
الولاء و إنتشار الفساد الادارى و البيروقراطيه ، فهذا تكفل بانتاج موقف
متردى فى 1956 و بشع فى 1962 و إنفجار فى 1967.
================================================== ====
مصادر:
-1-خمسون عاماً فى الرمال المتحركه/محسن العينى.
-2-الاستراتيجيه العسكريه المصريه فى التسعينات/اللواء زكريا حسين أحمدص145/146
-3-ذكريات حرب اليمن/اللواء محمود عادل.
-4-لمصر لا لعبد الناصر/أ..محمد حسنين هيكل.
*1..كمال خلف الطويل/مقال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق