يسألونك عن السلمية .. قل قتلها الإخوان
مهمة صعبة جدا أن ترد على أكاذيب الإخوان، أولًا لأنها أكثر من أن تُحصى، وثانيًا لأن كثيرًا منها أسخف من أن يُرد عليها، لكن بعض الأكاذيب يفوق قدرتك على الاحتمال، خاصة إذا وجدت قيادات الجماعة تركز عليها ليحفظها العامة ويقتنعون بها.
في الأسبوع الماضي حقق الإخوان رقما قياسيا في الكذب، كسروا به الرقم السابق المسجل باسمهم أيضا، وانتشر قياداتهم وشبابهم في قنوات ''الإعلام الفاجر الممول''، ينشرون الأكاذيب ويشوّهون الخصوم ويضللون الشعب، ولذلك لزم التصحيح.
أولا – الإخوان يحترمون الاحتجاج السلمي ولا يعترفون بالتظاهرات غير السلمية.
بداية رائعة. أنت تحترم التظاهرات والاحتجاجات السلمية، وأنا أذكّرك بأن المئات يعتصمون في ميدان التحرير منذ شهر نوفمبر الماضي ويرفعون مطالب محددة تتعلق بضرورة تغيير الدستور والنائب العام والحكومة الحالية، وبأن مئات الآلاف كانوا يخرجون في القاهرة والمحافظات كل جمعة وثلاثاء لرفع المطالب نفسها، وبأن عشرات الآلاف ذهبوا في مسيرات أكثر من مرة حتى أبواب القصر الرئاسي يطلبون من الرئيس النظر في مطالبهم المشروعة.
أُريد أن أذكّرك أيضا بأن المتظاهرين السلميين في ميدان التحرير عند قصر الاتحادية كانوا يتعرضون هم للعنف بصورة شبه يومية، ويهاجمهم مجهولون بالخرطوش والأسلحة البيضاء حتى سقط منهم عدة قتلى وعشرات المصابين دون حتى أن يردّوا على العنف بالعنف، ودون أن تفكر أنت وأنت في السلطة أن توفر لهم حماية يستحقونها.
هل احترمت التظاهرات السلمية إذن؟ هل فكرت في الجلوس مع المتظاهرين لتنظر في مطالبهم وتقدم لهم بعض التنازلات أو حتى الوعود؟ لا. بل اكتفيت بإذلالهم بأغلبيتك وصندوقك، رغم أنك نظريًا لا تملك سوى رئيس نجح بالرأفة، وأغلبية وهمية في مجلس شورى باق حتى الآن بأمر البلطجة.
فارق كبير بين أن تحترم المتظاهرين السلميين وبين أن تتجاهلهم، وعندما يتأكد خصومك أن السلمية لن تجدي معك ويفكرون في مقابلة العنف بالعنف تخرج لتتباكى على سلمية أضعتها بعنجهيتك واغتصبتها جماعتك.
2- ثورتنا سلمية ولا بد أن نحافظ عليها سلمية.
ليست مشكلتنا أنك التحقت بالثورة متأخرًا فلم تعرف كيف انتصرت. واهم أنت لو كنت تتصور أن الشرطة انسحبت يوم 28 يناير بعدما أصيبت بإرهاق وشد عضلي، بل انسحبت الشرطة لأن المتظاهرين كانوا يردون على العنف بالعنف. لم يستخدموا السلاح لأنهم لم يكونوا يملكوه، لكنهم لجأوا إلى كل ما يمكن أن يدافعوا به عن أنفسهم، بدءا من الطوب والحجارة، مرورا بقطع الزجاج والخشب، ووصولا إلى الأسياخ الحديدية والمولوتوف.
عصر يوم 28 يناير كنا على كوبري أكتوبر بالقرب من مبنى الحزب الوطني، وكانت هناك صفوف كثيرة من الأمن المركزي تقف بدروعها لمنع المتظاهرين من النزول في اتجاه التحرير. حاولنا كثيرا اجتياز هذا السياج ولم نتمكن. وفجأة ظهر عدد من الشباب يركبون 4 موتوسيكلات، انطلقوا بأقصى سرعة ناحية جنود الأمن، وبعد محاولتين فقط تبعثرت الصفوف ومر المتظاهرون بين الفجوات التي خلفتها الموتوسيكلات. بالتأكيد هذا عنف، وبالتأكيد لولا العنف ما وصلنا إلى التحرير يومها.
نحن نفسر لا نبرر. العنف يولده العنف والتجاهل. كثير ممن استخدموا العنف يوم 28 يناير ربما لم يستخدم نظام مبارك العنف ضدهم بشكل مباشر حتى نقول إنهم يردون عليه، لكنه بالتأكيد استخدم ضدهم التجاهل طوال الوقت.
أحيانا يكون استخدام العنف ردا على العنف، وكثيرا يكون استخدام العنف اعتراضا على التجاهل.
3 - الملثمون والبلطجية مسؤولون عن قتل المتظاهرين
يفترض الإخوان أن الرئيس والشرطة بريئان من تهمة قتل المتظاهرين خلال أحداث السويس والقاهرة وبورسعيد وباقي المحافظات، وتروّج الجماعة وأذرعها الإعلامية لفكرة البلطجية الذين يسيرون في الشوارع حاملين أسلحة آلية، يصوبونها إلى صدور المتظاهرين ورجال الشرطة معًا.
إنه العذر الذي يتضاءل أمامه الذنب.
ربما يقتنع البعض بأن من حق الشرطة قتل المتظاهرين إن هم حاولوا اقتحام سجن أو قسم شرطة، لكن أحدًا لن يعفي الرئيس ونظامه من مسؤولية العجز أمام عصابات مسلحة تزهق أرواح الأبرياء، والحكومة التي لا تتمكن من حماية أرواح شعبها سواء قتلتهم بأيديها أو فشلت في مواجهة قتلتهم، لا يجب أن ترحل فقط، بل يجب أن نحجز لها العنبر المجاور لحبيب العادلي.
إنه العجز الإداري والفشل الحكومي في أوضح صوره.
متهمون في قضية مشتعلة، قرر القضاء نقل جلسات محاكمتها خارج بورسعيد لخطورة الأوضاع الأمنية في المدينة، لكن وزارة الداخلية لم تجد حرجًا في إبقاء المتهمين داخل سجن المدينة الصغيرة، ولم تصل قدراتها العقلية المحدودة لفكرة حبسهم في سجن بالقاهرة تحسبا للحظة النطق بالحكم، خاصة أن المتهمين حضروا عددا من الجلسات بالفعل في القاهرة وكان يمكن إيداعهم بعد إحدى هذه الجلسات في سجن طره مثلًا.
اختر من بين القوسين (مرسي مسؤول عن قتل المتظاهرين - مبارك بريء من تهمة قتل المتظاهرين).
4 - جبهة الإنقاذ تنفذ أجندة الأجانب والفلول
أختلف تماما مع الأداء السياسي لجبهة الإنقاذ، لكن أن تتهمها جماعة الإخوان بأنها جبهة إنقاذ مبارك، أو أنها تنفذ أجندة خارجية، فهذا كذب يفتقر إلى الإتقان.
عندما كان الإخوان يؤكدون احترامهم لمبارك كان البرادعي يدعو صراحة إلى تغييره، وبينما كان الدكتور محمد بديع في مكان آمن يوم 28 يناير 2011، مطمئن باتفاق مع النظام بألا تصل يد الأمن إلى أي مرشد للجماعة، كان البرادعي في الصفوف الأولى للثوار تطارده خراطيم المطافي وقنابل الغاز.
وفيما كان بديع لا يرى أزمة في ترشيح جمال مبارك للرئاسة، ومهدي عاكف يتمنى أن يجلس مع والده، كان حمدين صباحي محمولا على الأعناق يُقسم على ألا يرث جمال ملك أبيه.
وكما كان الأمن يلاحق قيادات الإخوان باعتبارهم منافسين على المقاعد، كان يضيّق على عبد الحليم قنديل وعبد الغفار شكر ومحمد أبو الغار باعتبارهم معارضين يقفون دوما في وجه النظام ويدافعون عن حقوق الفقراء.
ترك أسامة الغزالي جنة الحزب الوطني اعتراضا على صعود جمال، وعانى حسين عبد الغني الأمرّين لنقل الحقيقة عبر قناة الجزيرة قبل أن يأممها الإخوان، وكسر جورج إسحق الخوف من التظاهر في الشارع عند جيل كامل.
هؤلاء هم من يتهمهم الإخوان بالتعاون مع الأجانب والفلول، لو أنهم تعاونوا مع الأجانب لإسقاط مبارك فهذا يعني أن مرسي جاء أيضا برغبة الأجانب، ولو أنهم يتعاونون الآن مع الفلول، فكان من الأولى ألا يعارضوا أبو الفلول.
أخيرا .. الإخوان ليسوا بارعين في الكذب، لكننا بارعون في تصديق الكاذبين.