الثلاثاء، 21 أغسطس 2012

تاريخ الإخوان من البنا إلى حزب الحرية والعدالة



تاريخ الإخوان من البنا إلى حزب الحرية والعدالة



تعتبر جماعة الإخوان المسلمون اكبر فصيل سياسى إسلامى على الساحة حاليا خاصة بعد ثورة 25 يناير 2011 التى قلبت كل موازين القوى السياسية فى العالم والعالم العربى .
وفى السطور القادمة تاريخ الحركة
فمن هم الاخوان المسلمين ؟
بدأت نشاطها في مصر كحركة جامعة شاملة تهتم بالإصلاح الاجتماعي والسياسي. أسسها حسن البنا عام 1928 في مدينة الإسماعيلية وما لبثت أن انتقلت إلى القاهرة. وفي ثلاثينيات القرن العشرين، زاد التفاعل الاجتماعي والسياسي للاخوان , وأصبحو في عداد التيارات المؤثرة سياسياً واجتماعياً.وفي عام 1942 خلال الحرب العالمية الثانية عمل الاخوان على نشر فكرهم في كل من شرق الأردن وفلسطين، كما قام الفرع السوري بالانتقال إلى العاصمة دمشق في عام 1944.
وبعد الحرب العالمية الثانية، قاموا بالمشاركة في حرب 1948 لتحرير فلسطين بكتائب انطلقت من كل من مصر بقيادة البطل أحمد عبد العزيز والصاغ محمود لبيب والشيخ محمد فرغلي وسعيد رمضان ومن سوريا بقيادة مصطفي السباعي ومن الأردن بقيادة عبد اللطيف أبو قورة وكامل الشريف ومن العراق بقيادة محمد محمود الصواف
حلت الجماعة في أعقاب عودة مقاتليها من حرب فلسطين من قبل محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء المصري وقتها، بتهمة “التحريض والعمل ضد أمن الدولة”. ولاحقا اغتيل محمود فهمي النقراشي. وقد أدان الإخوان قتل النقراشي وتبرؤوا من القتلة بعد ان قال البنا مقولته الشهيرة علي القتلة “ليسوا إخوانا، وليسوا مسلمين”. وكان الذي قام بهذا العمل طالبا بكلية الطب البيطري بجامعة فؤاد الأول بالقاهرة، اسمه “عبد المجيد حسن” أحد طلاب الإخوان الذي تم القبض عليه في الحال، وأودع السجن، وقد ارتكب فعلته، وهو يرتدي زي ضابط شرطة، لهذا لم يُشَك فيه حين دخل وزارة الداخلية، وتربص بالنقراشي، لإطلاق النار عليه,وبعد اغتيال النقراشي بعدة أشهر، تم اغتيال مؤسس الجماعة حسن البنا يوم 12 فبراير 1949م.

   من هو حسن البنا وما هى نشاته ؟

اسمه كاملا حسن أحمد عبدالرحمن البنا ,مؤسس الجماعة , والمرشد الأول له.

ولد فى شهر أكتوبرعام 1906 ، بالمحمودية في محافظة البحيرة بجمهورية مصر العربية .
التحق بمدرسة الرشاد الدينية وسنه حوالي ثمانية أعوام واستمر لمدة أربع سنوات ، وكانت هي الأساس والقاعدة الصلبة التي استند عليها في تجاوز مراحل تعليمه اللاحقة بجدارة وتوفيق .
أنتقل بعد ذلك إلى المدرسة الإعدادية ثم إلى مدرسة المعلمين الأولية عام 1920م وتخرج منها مدرساً .
أكمل دراسته في دار العلوم بالقاهرة بتفوق عام 1927 وكان على صلة بمحب الدين الخطيب ، ويلتقي بجمهرة من العلماء الافاضل في المكتبة السلفية أثناء تردده عليها .
قان بتأسيس الجماعة عام 1928م وأعاد إصدار (جريدة المنار) بعدما توقفت، وعمل من أجل المشروع الإسلامي الذي يستطيع مقاومة الاستعمار، ومحاولات قهر الشعوب المسلمة، واقتحم سنة 1936 الميدان السياسي ، ودعا الملوك والحكام إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في شؤون الحياة سنة 1948 ، وبشر بالدولة الإسلامية في صورة الخلافة، وقال “إذا لم تقم الحكومة الإسلامية فإن جميع المسلمين آثمون “.
قام بتأليف (الرسائل) و (أحاديث الجمعة) و(المـأثـورات) وكتاب سيرته الذاتية (الدعوة والداعية) وأوكل إليه أبوه كتابة ” مقدمة الفتح الرباني ” مع ترجمة مؤلف أصل الكتاب الإمام أحمد بن حنبل، فكتب في مناقبه وسيرته، ومحنته، وما يتعلق بمسنده، ومنزلته عند المحدثين
كان خطيبا من الطراز الأول وصف الشيخ علي الطنطاوي لقاء خطب فيه الإمام البنا فقال : ” وهو في خطبته التي يلقيها كما تلقى الأحاديث بلا انفعال ظاهر، ولا حماسة بادية، من أبلغ من علا أعواد المنابر، تفعل خطبه في السامعين الأفاعيل وهو لا ينفعل، يبكيهم، ويضحكهم، ويقيمهم، ويقعدهم، وهو ساكن الجوارح، هادئ الصوت، يهز القلوب ولا يهتز “.
كان يضع أمامه هدفين الاول تحرير الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي ، والثاني أن تقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة.
جمع أتباعه على المحبة والإخاء ، ورباهم على إلإيمان بالدعوة ، والتجرد لها، والاستعداد التام لكل ما يلقونه في سبيلها، وأعاد فكرة شمولية الإسلام ، وضرورة تطبيقه كمنهج حياة، والولاء الكامل للإسلام، والإخاء الإسلامي، وأحدث تياراً بارزاً إسلامياً في المجتمع، وحارب بصدق مظاهر الانحلال الخلقي، وجميع مظاهر الاغتراب في المجتمع.
اغتالته حكومة إبراهيم عبد الهادي السعدية بسلاح حكومي، وموظّفين حكوميين، وبقرار إنجليزي ، في القاهرة عام 1949 بعد مقتل رئيس وزراء مصر محمود النقراشي ، الذي أصدر القرار بحل (جماعة الإخوان المسلمين) بناء على أوامر القيادة العليا للقوات البريطانية في الشرق الأوسط ، والذي كان ضالعا مع العرش والاستعمار في إجهاض القضية الفلسطينية ، على يد المخبر أحمد حسين جاد، عندما أراد عبد الهادي أن يقدم رأسه هدية لفاروق في العيد السنوي لجلوسه على العرش، فكان اغتياله سببا في إسقاط أسرة محمد علي باشا عن عرش مصر، وقيام ثورة 1952 وخلفه المرشد الثاني حسن إسماعيل الهضيبي .
كانت تربط البنا بكثير من العلماء وقيادة الفكر في المجتمع صلات كثيرة ووثيقة ، علي سبيل المثال ، ونذكر منهم محمد رشيد رضا والاستاذ محب الدين الخطيب والشيخ الدجوى والاستاذ محمد فريد وجدى والشيخ طنطاوى جوهرى والأمير شكيب أرسلان ، والشيخ مصطفي صبري المنفلوطي ، ومصطفي صادق الرافعي ، وتيمور باشا ، ومحمد إقبال ، وغيرهم ، وهذا يوضح لنا المناخ الفكري العام الذي أحاط بالإمام من خلال هؤلاء وأمثالهم ما يمكن أن يكون قد تأثر به البنا بشكل أو بآخر ، وكان له بعد ذلك أن يأخذ ويدع ، ويقبل ويرفض ، وينتقد ويصحح ، حسب فكره ومنهجه ، ودعوته .
أهم ما كتبه البنا عن جماعة الاخوان المسلمين

ان من نتيجة هذا الفهم العام الشامل للإسلام عند الإخوان المسلمين أن شملت فكرتهم كل نواحي الإصلاح في الأمة ، وتمثلت فيها كل عناصر غيرها من الفكر الإصلاحية ، وأصبح كل مصلح مخلص غيور يجد فيها أمنيته ، والتقت عندها آمال محبي الإصلاح الذين عرفوها وفهموا مراميها ، وتستطيع أن تقول ولا حرج عليك ، إن الإخوان المسلمين هى جماعة إصلاحية شاملة تفهم الإسلام فهما شاملا وتشمل فكرتهم كل نواحي الإصلاح في الأمة وأنها دعوة سلفية، إذ يدعون إلى العودة إلى الإسلام، إلى أصوله الصافية القرآن والسنة النبوية، وهي أيضا طريقة سنية لأنهم يحملون أنفسهم علي العمل بالسنة المطهرة في كل شيء، وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبيلا, حقيقة صوفية، يعتقدون أن أساس الخير طهارة النفس، ونقاء القلب، وسلامة الصدر، والمواظبة على العمل، والإعراض عن الخلق، والحب في الله، والأخوة في الله,وهيئة سياسية، يطالبون بالإصلاح في الحكم، وتعديل النظر في صلة الأمة بغيرها من الأمم، وتربية الشعب على العزة والكرامة,وجماعة رياضية، يعتنون بالصحة، ويعلمون أن المؤمن القوي هو خير من المؤمن الضعيف، ويلتزمون قول النبي: “إن لبدنك عليك حقًا”، وأن تكاليف الإسلام كلها لا يمكن أن تُؤدى إلا بالجسم القوي، والقلب الذاخر بالإيمان، والذهن ذي الفهم الصحيح,وهى ايضا رابطة علمية ثقافية، فالعلم في الإسلام فريضة يحض عليها، وعلى طلبها، ولو كان في الصين، والدولة تنهض على الإيمان، والعلم ,قال ايضا انها شركة اقتصادية، فالإسلام في منظورهم يعني بتدبير المال وكسبه، والنبي يقول: “نعم المال الصالح للرجل الصالح”
كما أنهم فكرة اجتماعية، يعنون بالمجتمع، ويحاولون الوصول إلى طرق علاج وشفاء الأمة منها. أي أن فكر الأخوان مبني على شمول معنى الإسلام، الذي جاء شاملاً لكل أوجه ومناحي الحياة، ولكل أمور الدنيا والدين، ووجه نشاط الإخوان إلي كل هذه النواحي ، وهم في الوقت الذي يتجه فيه غيرهم إلي ناحية واحدة دون غيرها يتجهون إليها جميعاً ويعلمون أن الإسلام يطالبهم بها جميعاً .
السير على خطى البنا
الاخوان يعملون فى خطوط متوازية على مدار سنين طويلة ومعروف عنهم انهم منظمون إلى أقصى درجة لذا فهم يتبعوا خطوات البنا ومبادئه فيروا ان الفرد المسلم هو اسرع الخطوط بالحركة ,والاسرة المسلمة ووجودها حتمى لان اذا وجد الفرد المسلم فلابد ان ياتى وقت ويكون اسرة مسلمة أما المجتمع المسلم ونواة المجتمع هى الاسرة المسلمة وبهذا عندما تكثر الاسر المسلمة سياتى بعده المجتمع المسلم ,أما الحكومة المسلمة تاتى فى مرحلة متأخرة عن المجتمع المسلم فهى خطوة لابد ان تاتى ولكن بعد تكوين المجتمع المسلم ,أما الدولة المسلمة تاتى بعد وجود الحكومة المسلمة ,استاذية العالم وهى اخرمرحلةفي   خطة الاخوان وهى ان تعود الخلافة الاسلامية إلى سابق عهدها وان تجمع الدول العربية والاسلامية تحت لوائها .

الاخوان فى عهد ثلاث رؤساء

  بداية علاقة عبد الناصر بالإخوان

تمكن عبد المنعم عبد الرءوف من تجنيد جمال عبد الناصر وضمه “للجمعية السرية لضباط الجيش” عام 1944 ، وظل عبد الرءوف طيلة المدة من 1944 وحتى 15 مايو 1948 هو المسؤول عن التنظيم السري داخل الجيش ،متعاونا مع الفريق عزيز المصري والشيخ حسن البنا والصاغ محمود لبيب ،وهناك بعض المصادر التي تشير إلى أن ارتباط عبد الناصر بالإخوان كانت عن طريق الشيخ الباقوريٍ.
في هذه الفترة أعجب بعض ضباط الجيش بما كانت تتميز به جماعة الإخوان من الإنضباط والروح المحاربة ،وقد استجاب الإخوان وألحقوا الضباط الذين تجاوبوا معهم بالنظام الخاص، وتم اتصالهم بعبد الرحمن السندي في سرية مطلقة حيث ،وتم تخصيص الشيخ سيد سابق ليعطيهم دورسا في الفقه والثقافة الإسلامية عوضا لهم عن عدم حضورهم محاضرات الإخوان العامة.
ولما كثر عدد المنتسبين من الضباط في النظام الخاص وضاقت قدرات عبد الرحمن السندي وثقافته عن تلبية نوازعهم الفكرية وأشواقهم إلى العمل الجدي، أفرد لهم حسن البنا قسما خاصا يرأسه الصاغ محمود لبيب وكيل الإخوان وقتئذ . وأطلق محمود لبيب اسم الضباط الأحرار على هذا القسم التابع للإخوان داخل الجيش..
عبد الناصر والاستقلال بالتنظيم
ولكن ما لبث حماس الضباط للإخوان أن فتر سنة 1946 فقرروا البعد بحركتهم عن أية صلة بالإخوان وأن تقتصر على الجيش وتولدت لديهم الرغبة في التحرر من ارتباطهم بالإخوان وبدأ عبد الناصر في تحويل ولاء الضباط له دون علم الصاغ محمود لبيب ٍخاصة بعدما ضاق الضباط حين وجدوا أنفسهم وقد سجلت أسماؤهم في فصول لتعليمهم –بواسطة مدنيين- كيفية استخدام البندقية وفكها ،مع أنهم كانوا يتوقعون أن يستعان بهم في التدريب العسكري لأعضاء الجماعة ، كما وجد هؤلاء الضباط مشاكل تنظيمية داخل الجماعة يستحيل معها اختراق حاجز التدرج الهرمي للمراتب .
وفي عام 1945 بدا أن لجمال عبد الناصر اعتراضات جوهرية على أسلوب الإخوان ومنهجهم في نشر الفكر الإسلامي عن طريق التربية والتعليم حتى تصبح له أغلبية شعبية تضغط على الحكومة لتنفيذه وإلا قاموا بالمظاهرات والإضرابات والعصيان المدني، ورأى عبد الناصر” أن هذا الأسلوب سيطول جدا وربما يتعذر تنفيذه ولا يجعل لنا نحن ضباط الجيش دورا ملموسا وسنكون تابعين لا متبوعين”.
وابتداء من عام 1950 بدأ عبد الناصر في إعادة التنظيم السري لضباط الجيش والذي توقف عام 1948 وبدأ يضم عناصر أخرى من غير الضباط الإخوان ،وخاصة الضباط الذين قاسموه محنة الفالوجا وغيرهم ممن يلمس فيهم الشجاعة والكتمان . وبموت حسن البنا ومحمود لبيب انقطعت صلة الإخوان بضباط الجيش وبدأ عبد الناصر يستقل بالتنظيم
وقد حدث خلاف بين عبد المنعم عبد الرءوف وجمال عبد الناصر حول تبعية تنظيم الضباط الأحرار للإخوان المسلمين .. وقد بدأ ذلك منذ عام 1943 .. وتدريجيا رفض عبد الناصر وبقية الضباط هذه التبعية فانسحب عبد المنعم عبد الرءوف من لجنة قيادة الضباط الأحرار وحل محله عبد الحكيم عامر عن سلاح المشاة ،وكان لهذا الخلاف جذور ،ومن مظاهره ما حدث عندما قام جمال عبد الناصر وعبد المنعم عبد الرءوف وأبو المكارم عبد الحي وكمال حسين بزيارة السندي بمستشفى قصر العيني – وكان محبوسا في قضية السيارة الجيب – وكان بين الزائرين خلاف كبير في الرأي .. فجمال عبد الناصر يقول إن منهج الإخوان طويل طويل ولا يوصل إلى شيء ،فما جدوى أن تجمع الضباط في مجموعات لحفظ القرآن والحديث ودراسة السيرة ..إلخ ،وما ضرنا لو انضم إلينا ضابط وطني من غير دين الإسلام؟ وهكذا أصبح جمال عبد الناصر – وباعتراف قادة الإخوان – هو الشخص الوحيد الذي أشرف على تنظيم الضباط الأحرار بعد حرب فلسطين عام 1948 وكان يعرف الضباط كلهم واحدا واحدا وفي يده كل خيوط التنظيم ..
وأمسك عبد الناصر في يده منذ عام 1950 بكل أمور التنظيم السري واستطاع ابتداء من هذا التاريخ إقناع الضباط المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين بعدم الاتصال بالإخوان خشية اكتشاف الحركة .
وقد التنظيم وافراد المتطوعين من الاخوان بلاء حسنا فى حرب القنال ضد الانجليز بمدن القناة كلها وقدم التنظيم والاخوان عددا من الشهداء منهم : انور شاهين واحمد منيسى وغيرهم من الشهداء الذين قدموا ارواحهم على خط القنال فى مكافحة الاحتلال .
وبعد ذلك حدثت احداتث عظيمة عجلت بحركة الجيش منها على سبيل المثال : حريق القاهرة – انتخابات نادى الجيش – استهتار الملك .
وبدأ التخطيط لحركة الجيش والتى كانت مقرر لها يوم 22/6/1952 ولكن تأخر قرار المرشد العام الذى كان فى الاسكندرية وقت اذ فتأخر التحرك يوما كاملا فأتت حركة الجيش يوم 23/ يوليو /1952
ومن هنا بدأفصل جديد فى علاقة الاخوان بعبد الناصر الذى هو فرد من الاخوان حتى الان والذى اقسم على المصحف والمسدس فى بيت الاستاذ صالح عشماوى وقد اخدث عليه البيعة هو كمال الدين حسين وعبدالحكيم عامر وعبداللطيف البغدادى وقد ذكر هذا فى عدد من مذكرات اعضاء مجلس قيادة الثورة وهذا ما قاله حسين الشافعى فى ششهادته على العصر مع الاعلامى احمد منصور
ويقول الاستاذ محمد حامد ابو النصر المرشد الرابع لجماعة الاخوان المسلمين عن علاقة الاخوان بالجيش :
الإخوان وحركة الضباط
وجاءت حركة الضباط في يوليو سنة 1952 – وقبل أن نتناول مثل هذه الأمور التي كانت موضع خلاف بين قيادة الحركة والإخوان .. لابد لنا من وقفة نذكر شيئا من مراحل انتشار دعوة الإخوان داخل صفوف الجيش . ففي أواخر الثلاثينيات حيث كانت تلقي الدروس في دار المركز العام للإخوان المسلمين كان يحضرها خليط من أفراد الشعب ومن هؤلاء الكثير من جنود الجيش الذين تأثروا بمعاني الدروس والتوجيهات التربوية التي تدعو إلي الإقدام والتضحية في سبيل العقيدة والوطن ، وكان هؤلاء الجنود توزع عليهم مجلة الإخوان المسلمين التي – كان يحملونها بدورهم إلي داخل الوحدات فكان يطلع عليها بعض الضباط الذين أعجبوا بما ينشر فيها من مقالات وما تناقشه من قضايا تمس الوطن كالاحتلال البريطاني لمصر والبلاد العربية فتغرس في نفوس الضباط والجنود معاني التضحية والفداء وحفظ الكرامة وما إلي ذلك من فضائل الأخلاق التي يجب أن يتحلي بها الجندي ، ولما كانت الوحدات العسكرية تحتفل بالمناسبات الدينية مثل ذكرى الهجرة ، والمولد النبوي الشريف وغيرها من المناسبات التي كان يحتفل بها والتي كان يدعي لها العلماء والوعاظ من رجال الدين ومن بينهم الإمام الشهيد / حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين الذي تميز بأسلوبه العذب وطريقته السهلة في تناول الموضوعات وتوجيهاته الرقيقة في علاج النفوس وجمع القلوب علي الخير ومكارم الأخلاق ، ومن ثم برزت العناصر المتحمسة والتي تمثلت في كثير من الجنود والضباط الذين حرص الإمام الشهيد علي إلحاقهم بجماعة الإخوان المسلمين وضمهم في تنظيمات الجماعة الخاصة تحت إشراف الأخ المرحوم الصاغ / محمود لبيب – الذي تعرف بالإمام الشهيد حوالي سنة 1936 وهو محارب قديم اشترك مع المرحومين اللواء / صالح حرب باشا – وعبد الرحمن عزام باشا في قتال الاستعمار الايطالي علي أرض ليبيا .
ومما يذكر أن الأخ المرحوم الصاغ محمود لبيب كان يوالي أنشطة نشر الدعوة داخل صفوف الجيش ويغذيها بالمنشورات التي كان يقوم علي تحريرها الإخوان المسلمون والتي كانت تناهض الاستعمار وتبث في الجنود روح اليقظة والشجاعة ، وكانت تصدر أولا تحت اسم (الجنود الأحرار) ثم تغيرت إلي إخفاء دورهم ونشاطهم داخل الجيش . ومن أسبق الإخوان الضباط الذين اندمجوا في صفوف الجماعة الأخ اللواء / أبو المكارم عبد الحي متعه الله بالصحة والعافية وهو يمتاز بقدرته العلمية وكفاءته العسكرية وكذلك الأخ اللواء طيار / عبد المنعم عبد الرءوف رحمه الله الذي ضبط في أثناء هروبه مع القائد الفريق عزيز المصري قبيل واقعة العلمين فحكم عليه ثم أفرج عنه بعد انقضاء مدة الحكم ، وهذا الحادث ألقي ضوءا قويا علي شخصية الطيار كشاب وطني جرئ . وعلي أثر ذلك في أوائل سنة 1945 التقي بالإمام الشهيد / حسن البنا في المركز العام للإخوان المسلمين بحضور الأخ المرحوم الصاغ / محمود لبيب وكيل جماعة الإخوان المسلمين العسكري ، وقد كان استعداد الأخ الطيار لاستقبال دعوة الإخوان المسلمين طيبا كريما وأخذ علي عاتقه أن يجمع عليها الضباط ، وقد بايع الإمام الشهيد وصدق بيعته وبر بها والحمد لله ، وبعد فترة استطاع الأخ اللواء / طيار عبد المنعم عبد الرءوف أن يكون أسرة من الإخوة الضباط :
جمال عبد الناصر – وصلاح خليفة – وحسين حمودة – وخالد محيي الدين – وكمال الدين حسين – وعبد الحكيم عامر – وسعد توفيق .

وهؤلاء الضباط كثيرا ما كانوا يلتقون بالإمام الشهيد / حسن البنا جماعات وأفرادا بحضور الأخ الصاغ / محمود لبيب . ولما رأي فضيلة الإمام الشهيد في هؤلاء الضباط من حماس وتطلع للاستعداد أن يؤدوا البيعة فتوجهوا إلي منزل الأستاذ / صالح عشماوي بالصليبة بحي الخليفة بالقاهرة فأخذوا منه البيعة الخاصة نيابة عن الإمام الشهيد ثم استقبلهم الأستاذ / عبد الرحمن السندي المسئول عن النظام الخاص للجماعة وهنأهم لعقد البيعة . ومن الضباط الذين انضموا وبايعوا علي دعوة الإخوان المسلمين علي فترات مختلفة الإخوة : حسن إبراهيم – وحسين الشافعي – وصلاح سالم – وعبد اللطيف البغدادي – وفؤاد جاسر – وجمال ربيع – والإخوان الأخيران ومعهما الأخ / حسين حمودة حكم عليهم في قضايا الإخوان سنة 1954 وأمضوا فترة طويلة في السجن تحملوا فيها كثيرا من الشدائد والمحن .
أما ” الضابط أنور السادات ” فلم يكن معروفا في صفوف الإخوان ومبلغ صلته بالإخوان المسلمين نشأت عندما أتهم في اشتراكه في اغتيال أمين عثمان فقد ذهبت السيدة حرمه الأولي إلي فضيلة الإمام الشهيد في المركز العام للإخوان المسلمين وقدمت إليه أسورتها الذهبية وطلبت منه أن يقرضها مبلغا من المال ، لكن فضيلته رحمه الله رد إليها أسورتها وأعطاها المبلغ المطلوب وقدره سبعون جنيها ، وقرر لها ولأبنائها راتبا شهريا من خزينة المركز العام للإخوان المسلمين ، وقد بدأ نشاط بعض هؤلاء الضباط مع قسم الوحدات العسكرية بقيادة الأخ الضابط الأستاذ / صلاح شادي بالقيام بسلسلة من الأعمال الفدائية قصد منها إقلاق المستعمر وإعلان البغض والكراهية له فقد نفذ هؤلاء الإخوان بعض العمليات نذكر منها :
حادث تفجير فندق الملك جورج في الإسماعيلية – وحادث القطار الانجليزي – الذي كان يحمل الجنود البريطانيين من مصر إلي فلسطين – وحادث محاولة تفجير اللغم في قناة السويس .
كما نسق بعض ضباط الإخوان مع إخوانهم الفدائيين من الإخوان المسلمين قتال الجمعيات الإرهابية الصهيونية مثل : شتيرن والهاجاناه وأرجون وغيرها علي أرض فلسطين المقدسة تحت قيادة الأخ الشهيد فضيلة الشيخ محمد فرغلي – الذي كان يقود المقاومة ضد قوات الاحتلال في خط القناة فأرغب الانجليز وأقلق بالهم حتى أنهم رصدوا مبلغا كبيرا من المال لمن يأتي برأس الشهيد فرغلي حيا أو ميتا ، كما كان يقوم الضابط جمال عبد الناصر – بتكليف من الأستاذ عبد الرحمن السندي رئيس النظام الخاص في جماعة الإخوان المسلمين بتدريب بعض الأفراد من المتطوعين الذي كانت ترسلهم جماعة الإخوان المسلمين للقتال في فلسطين . وكادت القوات المصرية الباسلة تحرز النصر علي قوات العدو الصهيوني في فلسطين لولا أن حكومة النقراشي باشا أمدتها بالأسلحة الفاسدة فكانت الهزيمة التي لحقت بالجيوش العربية . ثم أعقب ذلك إعلان الهدنة المشئومة . وفي موجة الغليان التي كانت تجري في عروق هؤلاء الضباط علي أثر تلك الخيانة فكروا في عمل تغيير الحكم في البلاد .

وعلي أرض المعركة كان أول اجتماع لدراسة هذه الفكرة في خيمة فضيلة الشيخ فرغلي قائد الفدائيين من الإخوان المسلمين ، ثم استؤنفت اللقاءات والاجتماعات عند عودة الجميع إلي أرض الوطن . .. ولكن ما لبث الحال طويلا فقد عمت البلاد موجة عارمة من الحوادث والاضطرابات فحلت جماعة الإخوان المسلمين وأغلق دورها واعتقل الكثير من شبابها وازدادت الأحوال سوءًا باغتيال حكومة إبراهيم عبد الهادي باشا الإمام الشهيد حسن البنا المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ، فضلا عن العديد من قضايا الإخوان المنظورة أمام المحاكم وانشغال الإخوان باختيار مرشدهم الجديد . كل تلك الأحداث الضخمة لم تصرف الإخوان في ضرورة القيام بعمل تغيير في البلاد بل سارعت في تنفيذ الفكرة لإصلاح الفساد الذي استشري وعم . وهنا يحسن بنا أن نرجع إلي أواخر سنة 1950 قبل وفاة الأخ المرحوم الصاغ / محمود لبيب – المسئول عن ضباط الإخوان في الجيش وقبل اختيار المرشد الجديد ففي تلك الفترة لاحظ اللواء طيار عبد المنعم عبد الرءوف أن الضابط جمال عبد الناصر يجمع زملاءه علي اختلاف مبادئهم وآرائهم علي القيام بالحركة تحت اسم حركة الضباط الأحرار فاعترضه الأخ عبد المنعم عبد الرءوف قائلا له : (إنها بيعة يجب أن تظل للإخوان و الإسلام) ولذا يلزم أن يكون الضابط جمال عبد الناصر لم يوافق علي ذلك فاختلفا ، واتفقا علي عرض الأمر علي الأخ الصاغ محمود لبيب الذي كان طريح الفراش يشكو مرض الموت ، فذهبا إليه وعرضا الأمر عليه فحاول أن يوفق بينهما فلم يستطع فخرجا مختلفين متمسكا كل منهما برأيه محتفظا به ، وهنا لم يَفُتْ الأخ المرحوم الصاغ محمود لبيب أن يذكَّر الضابط جمال عبد الناصر بيعته للإخوان المسلمين .
والجدير بالذكر أن الضابط جمال عبد الناصر حاول بعد ذلك أن يثني الأخ اللواء طيار عبد المنعم عبد الرءوف عن موقفه الحازم فأرسل إليه الضابط عبد الحكيم عامر لإقناعه بالعدول عن رأيه ، لكنه أصر وأكدا علي ضرورة أن تكون الحركة باسم ( الإخوان المسلمين ) . وفي أواخر سنة 1951 تم اختيار الأستاذ / حسن الهضيبي مرشدا عاما للإخوان المسلمين وعندئذ بدأت جماعة الإخوان المسلمين في مزاولة نشاطها ، فدب من جديد نشاط الإخوان داخل الجيش بالتجمع والارتباط علي تنفيذ فكرة التغيير ، وفي خارج الجيش استأنفت اللقاءات بين ضباط الإخوان وأخوانهم من المدنيين فكانت هذه الاجتماعات تتم تارة في منزل الأخ الأستاذ / عبد القادر حلمي ، وتارة أخري في منزل الأخ الأستاذ / منير دله – أمين صندوق جماعة الإخوان المسلمين وكان يحضر هذه الاجتماعات معهم بعض الإخوة المسئولين مذكر منهم : الأخ الأستاذ / صلاح شادي المسئول عن الوحدات العسكرية في جماعة الإخوان المسلمين ، والأخ الأستاذ / حسن العشماوي المحامي ، والضابطك جمال عبد الناصر بصفته أحد المسئولين عن ضباط الإخوان في الجيش ، وكانت هذه المجموعة تربطها أواصر الإخوة والمحبة لتعاونهم في بعض العمليات الفدائية السابقة التي عمقت هذه العلاقة . وقد روعي في اختيار هؤلاء الإخوة قلة العدد وسرية الاجتماع لعظم المهمة وخطورتها ومتطلباته ويناقشون مراحل تنفيذه ويبحثون جميع الجوانب التي يشملها التغيير من القضاء علي الفساد في البلاد والتخلص من الاستعمار وأعوانه والإطاحة بالملك رأس الفساد في البلاد ، وإصلاح الحالة الاجتماعية وتحرير اقتصاد البلاد من أيدي المستعمر ، وإقامة حياة نيابية سليمة تقوم علي دعامتها مبادئ الحق والعدل والمساواة بين الناس في ظل مبادئ الإسلام الحنيف ووضعوا كل الخطوط العريضة لأوجه التغيير في كيفية الحكم واحتمال تدخل الدول الأجنبية وبحثوا ذلك بالتفصيل ، علي أن يعتمدوا في تنفيذ هذه الحركة وما يصحبها من تغييرات علي شعبة الإخوان المسلمين .

ولما تهيأت الظروف المناسبة وتجمعت للقيام بعمل التغيير المنشود ، توجه الضابط جمال عبد الناصر إلي الأخ الأستاذ / صلاح شادي في منزله وأخبره بضرورة سرعة التنفيذ خوفا من اكتشاف أمرهم . فأمهله الأخ الأستاذ / صلاح شادي حتى يستطيع رأي فضيلة المرشد الموجود بالإسكندرية ، وأثناء وجود الضابط جمال عبد الناصر بمنزل الأخ الأستاذ / صلاح شادي حضر الأستاذ / عبد الرحمن السندي ومعه بعض الإخوة ليخبر الأخ صلاح شادي ببوادر الاستعداد لحركة داخل الجيش فأخفي عنهم وجود الضابط جمال عبد الناصر معه إمعانا في السرية التامة والكتمان لخطورة الأمر وجسامته .

وعلي أثر مغادرة الضابط جمال عبد الناصر المنزل اتفق الأخ الأستاذ / صلاح شادي مع الأخوين الأستاذ / حسن العشماوي المحامي ، والأستاذ / عبد القادر حلمي أن يسافر فورا إلي فضيلة المرشد ليحملا إليه الخبر ويشرحاه له . .. فحذرهم ونصحهم بتمركز الإخوان علي خط القنال تحسبا من انقضاض القوات البريطانية لإحباط الحركة ، ووافق علي تنفيذها وصدق عليها مؤكدا ضرورة الالتزام بما سبق الاتفاق عليه معهم من تحكيم شرع الله ، وفوضهم في إصدار التعليمات – اللازمة لجميع الإخوان في داخل الجيش وخارجه لتنفيذ ما يصدر إليهم من أوامر . وعند عودة الأخوين من الإسكندرية بعد مقابلة فضيلة المرشد العام ، حضر الضابط جمال عبد الناصر لمنزل الأخ الأستاذ / صلاح شادي يستطلع الخبر ويتعرف علي رأي فضيلة المرشد فأخبروه بكل ما حدث ونقلوا إليه تأكيد فضيلة المرشد علي تحكيم شرع الله ، وموافقته علي تنفيذ الحركة وتصديقه عليها . وهنا ذكَّر الأخ الأستاذ / صلاح شادي الضابط جمال عبد الناصر بما سبق أن اتفقوا عليه بضرورة تنفيذ شرع الله وقرأ معه فاتحة الكتاب وأشهدوا الله علي ذلك .
وفاء يقابل بنُكث !
وفي يوم 23 من يوليو سنة 1952 الميعاد المحدد والمتفق عليه للتنفيذ صدرت الأوامر لشعب الإخوان في القاهرة للمحافظة علي المنشآت العامة وكذلك صدرت الأوامر لضباط الإخوان في الجيش بتنفيذ ما يصدر إليهم من أوامر وتعليمات وقد تم كل ذلك بحماس ، ترجم ذلك في المظاهرات الضخمة التي كان يقودها الإخوان في أنحاء القاهرة استقبالا للحركة وتأييدا لها . وبذلك نجحت الحركة وظهرت . ومما يذكر أن الضابط جمال عبد الناصر أول من هنأ الأخ المرحوم الأستاذ / حسن العشماوي المحامي بنجاح الحركة – وطلب إليه أن يرسل أحد الإخوان إلي منزله ليطمئن أسرته . وبعد نجاح الحركة أرسل فضيلة المرشد إلي الضابط جمال عبد الناصر يطلب إليه ضرورة إخراج الملك من البلاد ، وفي الحال استدعي الأخ اللواء طيار / عبد المنعم عبد الرءوف من العريش وكلف بناء علي رغبة فضيلة المرشد بإخراج الملك من البلاد فتوجه علي رأس قوة لمحاصرة قصر رأس التين لإجبار الملك علي مغادرة البلاد – وكان ذلك في يوم 26 من يوليو سنة 1952 – وفي ذلك التاريخ نشرت جريدة الأهرام توديع بعض ضباط الحركة برئاسة اللواء / محمد نجيب للملك أثناء مغادرته البلاد من ثغر الإسكندرية علي اليخت الملكي (المحروسة) وقد سجلت جريدة الأهرام ما جاء علي لسان الملك قوله إلي الضباط : (إن مهمتكم شاقة وإنني أعلم أن الذين قاموا بهذه الحركة شرذمة من الإخوان المسلمين) .

وفي الأسبوع الأول من قيام الحركة التي استقبلها الشعب بحماس بالغ وارتياح منقطع النظير ، حضر فضيلة المرشد للقاهرة وتم أول لقاء بينه وبين الضابط / جمال عبد الناصر – المسئول عن ضباط الإخوان داخل الجيش وقائد الحركة في منزل الأستاذ / صالح أبو رقيق ، وبحضور الأخ الأستاذ / حسن العشماوي المحامي وبعد تبادل التهنئة بنجاح الحركة قال فضيلة المرشد للضابط جمال عبد الناصر يحسن أن تقوموا ببعض الاصلاحات السريعة التي تدعو إليها مبادئ الإسلام خصوصا والحركة الآن في أولي خطواتها وأوج نجاحها ، وفي مثل هذه الحالة يزداد التفاف الشعب حولكم ولا يستطيع أحد أن يعترض طريق الإصلاح ، وفي الوقت نفسه تكونون قد أديتم للبلاد والعباد أجل الخدمات .. فرد الضابط جمال عبد الناصر قائلا : طبعا سنقوم بعمل إصلاحات كثيرة – لكن تدع ما يتصل بالإسلام الآن . فقال فضيلة المرشد : أليس في نيتكم خدمة البلاد بمنهج الإسلام كما اتفقتم مع إخوانكم من قبل ؟! فرد الضابط جمال عبد الناصر : أنا لم أتفق مع أحد علي هذا . وهنا سأل فضيلة المرشد الأستاذ / حسن العشماوي المحامي ألم تتفقوا علي ذلك يا حسن ؟ فأجابه : نعم فقد اتفقنا جميعا علي ذلك – وسرد من الوقائع ما يثبت ذلك .. لكن الضابط جمال عبد الناصر نفي ذلك بتاتا قائلا : نحن لا نقبل وصاية علينا من أحد – فتعجب فضيلة المرشد في حزن وقال حيث إنكم لم تتفقوا علي شيء فيحسن عدم الكلام ، وختم علي هذا اللقاء الأول صمت عميق .. وانتهي اللقاء بفتور بالغ .
غـدر وخـداع !
وتركت هذه الزيارة انطباعاتها المؤلمة علي نفس فضيلة المرشد ومن معه من الإخوان فاحسوا بخيبة الأمل عندما تنكر الضابط جمال عبد الناصر عن ارتباطه تنفيذ ما سبق أن اتفق عليه .. وكانت الصدمة عنيفة عندما شعروا لأول مرة يتخلي قائد الحركة عن مبادئ الجماعة التي كان يلتزم بها من قبل . .. وكان هذا اللقاء الأول المفجع بين فضيلة المرشد والضابط جمال عبد الناصر الذي شرد أخيرا من حضانة الإخوان المسلمين . … وهكذا اعتبر هذا اللقاء بمثابة عصا التحويل التي بها انطلق قطار الحركة مسرعا لا يلوي علي شيء تاركا العاصمة الضخمة الرابضة علي أرض الوطن محط الأمل ومسئول الرجاء – الممثل في مبادئ جماعة الإخوان المسلمين . وعقب مغادرة الضابط جمال عبد الناصر مكان اللقاء ذكر فضيلة المرشد للإخوان الحاضرين أن هذه الحركة لا تعمل في ظل الإسلام ، ونصح بالتعاون معها في سبيل مصلحة البلاد ، وحذر من تصدع وحدة الصف خوفا من تدخل الانجليز وعودة الملك . ولم يشأ فضيلة المرشد أن يذيع ذلك بين صفوف الإخوان . من هنا بدأ الضابط جمال عبد الناصر يخطط للتخلص من رباط الإخوان المسلمين تدريجيا بل وقرر تصفية الجماعة نهائيا علي مراحل ، استجابة لعقدة الذنب بعد تحلله من البيعة – وتطمينا للمستر كافري الذي أيد الحركة في ساعات ميلادها الأولي أملاً في تنفيذ سياسة أمريكا في الشرق الأوسط .
ومما يجب ذكره في سرد هذه الوقائع أن الضابط جمال عبد الناصر كافأ هؤلاء الإخوة الذين خططوا وشاركوا معه في الإعداد للقيام بالحركة ، وعلي رأس هؤلاء جميعا فضيلة المرشد الراحل الأستاذ / حسن الهضيبي – قاتئد الجماعة الذي تمت كل هذه الخطوات علي يديه وتحت رعايته وبموافقته ، فقد حكم عليه بالإعدام واستبدل به السجن المؤبد ، وكذلك الأخ الأستاذ / صلاح شادي صاحبه في الجهاد والذي وضع الضابط جمال عبد الناصر أسرار الحركة في ذمته .. فقد حكم عليه بالإعدام وبدَّل بالأشغال الشاقة المؤبدة ، وكذلك الأخ الأستاذ / حسن العشماوي المحامي أحب الإخوان إلي نفسه والذي اختاره الضابط عبد الناصر ليبلغ أهل منزله بنجاح الحركة ويطمئنهم عليه لثقته فيه ولقربه منه .. فقد حكم عليه بالإعدام وشاءت إرادة الله أن يهاجر البلاد ويلقي ربه بعيدا عن الوطن ، وكذلك الأخ اللواء طيار المرحوم / عبد المنعم عبد الرءوف والذي كان له فضل الحاق الضابط عبد الناصر بجماعة الإخوان المسلمين والذي أجبر الملك علي الخروج من البلاد بشجاعته النادرة وجرأته الفائقة .. فقد حكم عليه بالإعدام فخرج من البلاد وذاق مرارة الغربة وحمل مشاقاتها واشتركت عليه الأمراض رحمه الله تعالي ، وكذلك الأستاذ / صالح أبو رقيق الذي فتح بيته لاستضافة الضابط جمال عبد الناصر في أول لقاء بفضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين بعد نجاح وقيام الحركة بأسبوع .. فقد حكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة .
هكذا رد الضابط جمال عبد الناصر الجميل لقائده مرشد الجماعة ولإخوانه – وبهذه الخسة عاملهم متنكرا للشرف العسكري مطيحا بمبادئه . والآن بعد أن ذكرنا نبذة عن تاريخ انتشار دعوة الإخوان المسلمين في صفوف الجيش ومتى اعتنق ضباط الحركة مبادئ [[جماعة الإخوان المسلمين]] وبايعوا عليها وكيف انخرطوا في تشكيلاتها الخاصة . … نعود فنقول جاءت حركة 23 يوليو سنة 1952 وحالة الإخوان في داخلهم كما وصفنا آنفا . واستقبل الإخوان قادة وجنودا الحركة بتفاؤل وتأييد لإحساسهم العميق بصورة الفساد المستشري في أنحاء البلاد والاضطهاد الشديد الذي أصاب جماعة الإخوان المسلمين في العهود الماضية وأودت بحياة مرشدها الإمام الشهيد / حسن البنا أملا في إصلاح الحالة وتغيير طريقة الحكم في البلاد ، ولكن القدر لم يمهل البلاد طويلا فما لبث هذا الأمل أن ضعف في نفوس الإخوان عندما سمعوا من الضابط جمال عبد الناصر قائد الحركة الحقيقي في خطبته في الحوامدية قولته : ( لا تكونوا كالببغاوات ترددون مالا تعقلون ) موجها كلامه إلي جماهير الشعب الذين كانوا يستقبلونه بهتافات الإخوان المعروفة : (الله أكبر .. ولله الحمد .. الله غايتنا .. والرسول زعيمنا .. والقرآن دستورنا) وبهذا التصريح ألقي قائد الحركة القفاز في وجه الإخوان المسلمين ، وبعد صدور هذه البادرة السيئة من قائد الحركة وقعت كثير من التحديات سنتناولها فيما بعد .
والمتابع المنصف لمجري الأحداث يسجل علي الضابط جمال عبد الناصر أنه كان يتعامل مع الإخوان المسلمين مستوحيا مبادئ (ميكيافيللي) التي لا تقيم وزنا للشرف والنزاهة والصدق .. بل عنده أن الغاية تبرر الوسيلة – بينما كان الإخوان يتعاملون معه من منطلق مبادئ الإسلام السمحة مع الصدق وحفظ الكرامة تاركين لله عاقبة الأمور ، وسيتضح هذا الأسلوب من خلال كثير من الأحداث التي وقعت بين قائد الحركة والإخوان ، سنذكر البعض منها علي سبيل المثال وليس علي سبيل الحصر . فمثلا أولي تلك الأحداث هي طلب قائد الحركة اشتراك الإخوان في الوزارة وكل ما دار حول ذلك المطلب لا أذكره بالتفصيل لأنني لم أكن وقتها عضوا بمكتب الإرشاد الأول للإخوان المسلمين في أول عهد فضيلة المرشد الراحل / حسن الهضيبي – رحمه الله .. ولكن يحكم موقعي في جماعة الإخوان المسلمين ومتابعتي للأحداث عن كثب أستطيع أن أقول إن عرض مسألة اشتراك الإخوان المسلمين في الوزارة لم يكن إلا عرضا صوريا .. إذ أن ذلك لم يكن من الضابط عبد الناصر عن حسن نية ولا صدق طوية لأنه يعلم تماما من خلال مشاركته للجلسات التحضيرية التي سبقت الإعداد للقيام بالحركة أن الإخوان لا يرغبون الاشتراك في الحكم لأن ذلك قد يشكل خطرا علي الحركة وهي في مهدها .. إذ أن مريكا التي أبدت الحركة قبل مولدها تحقيقا لأهداف سياسية معينة ، لا ترضي عن ذلك . ولكن حقيقة الأمر أن الضابط جمال عبد الناصر أراد الإغراء بالتلويح للاشتراك في الحكم لأنه في حاجة إلي تأييد السواد الأعظم من الشعب الذي يتعشق مبادئ الإخوان المسلمين .

وهو يريد من وراء ذلك أن تبقي صورة العلاقة الحسنة بينه وبين الإخوان حتى يحين الوقت للانقضاض عليهم للتخلص منهم .. كما وأن الأسلوب الذي اتبع في هذا الذي اتبع في هذا الشأن كان غير سليم – فبينما طلب الضابط عبد الناصر من الإخوان اشتراكهم في الحكم لم يتمهل وينتظر رد الإخوان الممثل في قرار مكتب الإرشاد بل استعجل وألح في ضرورة سرعة الرد ، فالوقت عنده لا يحتمل التأخير ، يبغي من وراء ذلك إحراج فضيلة المرشد .. فاضطر فضيلة المرشد إلي ترشيح الأخوين الأستاذ / حسن العشماوي المحامي والمستشار الأستاذ / منير دله المستشار بمجلس الدولة ، وكان فضيلة المرشد في هذا الاختيار رجلا حصيفا ومتعاونا صادقا فالأخ الأول من أحب وأقرب الإخوان إلي قلب الضابط جمال عبد الناصر ، والأخ الثاني كان العنصر الهام في اللقاءات الأولي الطويلة للتحضير للحركة – فقد كان منزله كعبة للضابط عبد الناصر وزملائه من الضباط – وهكذا كانت العلاقة بينهم جميعا وثيقة والصلة عميقة . ومن الطبيعي أن يرشح فضيلة المرشد العناصر المناسبة – للاشتراك في تحمل مسئولية الحكم لأن فضيلته أعرف الناس بكفاءات الإخوان المختلفة وأنه هو المسئول عن كل ذلك .
وقد تأسي فضيلة المرشد في ذلك برسول الله صلي الله عليه وسلم حينما بعث وهو في المدينة بسيدنا عثمان بن عفان إلي مكة يسترجع آمانات المسلمين المودعة لدي زعماء قريش ، وعاد بها سالما ، وكان هذا – الاختيار من رسول الله صلي الله عليه وسلم مناسبا ومحققا للغرض – فقد كان سيدنا عثمان ينتسب إلي بني أمية ذات القوة والمتعة التي يحسب لها حساب في مكة . … وبذلك فقد نجحت سفارته وكلل عمله بالنجاح – وذلك بفضل وضع الرجل المناسب في المكان المناسب . … وفي هذه الأثناء اتخذت فيها هذه الخطوات الإيجابية من جانب الإخوان اتصل الضابط عبد الناصر مباشرة بفضيلة الشيخ أحمد حسن الباقوري وتم اللقاء بينهما وأخبره باختياره له وزيرا فقبل فضيلته المنصب شاكرا (لواهب الفضل ومجري النعم) . تبعا لهواه وجريا وراء لعاعات الدنيا دون الرجوع إلي مرشد الجماعة الذي طالما قبل يديه الكريمتين صباح مساء ، وبذلك خلع فضيلة الشيخ بيعة الإخوان المسلمين وحل الربقة من رقبته ، وأسدل علي فعلته هذه ستار الاستقالة من جماعة الإخوان المسلمين ، ورغم هذه التضحية الكبرى لم يسلم الشيخ من إيذاء الضابط عبد الناصر له – وهكذا من شحذ سيف البغي قتل به .
ولما أعلنت الاستقالة في الصحف ، وكان ذلك علي غير رغبة الإخوان ، ودار حولها ما قيل من أن الإخوان لا يتعاونون مع الحركة زار فضيلة المرشد وبعض كبار الإخوان الشيخ الوزير في مكتبه ليبددوا ما أثير . … في الوقت نفسه رفض الضابط عبد الناصر ترشيح الأخوين الأستاذ حسن العشماوي المحامي هذا التناقض فاضطر لاتخاذ قراره برفض الاشتراك في الحكم . … بهذه الخدعة الماكرة عرض الضابط عبد الناصر مسرحية اشتراك الإخوان في الحكم ، وهذه هي الحقيقة المجردة .
وكنتيجة لكل الاحداث السابقة اتت حادثة المنشية لكى تتخذ منحنى اخر فى علاقة عبدالناصر بالاخوان
وفى هذا يقول الاستاذ يونان لبيب :
لو لم يكن هناك حادثة المنشية لكان هناك حادث آخر مش ضروري في المنشية، في أي مكان آخر لأن الصراع بين جمال عبد الناصر والإخوان المسلمين وصل إلى الذروة ولم يكن يحتاج إلا إلى حادث.
حادثة المنشية أحد أكثر الجرائم السياسية إثارة للجدل في تاريخ مصر الحديث
حادثة المنشية أحد أكثر الجرائم السياسية إثارة للجدل في تاريخ مصر الحديث، انتهت التحقيقات الرسمية وأُغلقت الملفات، أصدرت محكمة الشعب التي شكلتها ثورة يوليو أحكامها، نجا مَن نجا ومات من مات، واجه المئات مصائرهم ما بين السجن والبراءة، أكثر من خمسين عاما مضت وما زال الخلاف على أشده حول حقيقة ما جرى، هل حاول الإخوان المسلمون فعلا اغتيال جمال عبد الناصر في ذلك اليوم من أكتوبر عام 1954؟ وهل كانت محاولتهم تلك إن ثبتت انتقاما لتنكُّره لهم وانقلابه عليهم بعد ما كان واحدا منهم حسب ما قيل؟ أم أنها كانت فقط رغبة في الإطاحة بالثورة والوصول إلى كرسي الحكم؟ عشرات السنين تفصل بينا وبين الحقيقة، مسرح الحدث لم يعد كما كان، احترق مبنى البورصة بالإسكندرية عام 1977 واحترق معه جانب من الذاكرة وأثار ما جرى، أما ملفات ووثائق مَن حكموا البلاد في تلك الفترة فمازالت حبيسة خلف الجدران العتيقة لقصر عابدين كغيرها من سجلات مَن حكموا مصر لم يُفرج عنها بعد، لم يتركوا لنا سوى كتاب محكمة الشعب الرسمية للمحاكمات، أصدرتها الدولة بعد مرور أقل من شهرين على الحادث ونسخة سينمائية غير مكتملة صوتها أبلغ من صورتها، دَفَعَنا الولع بالحقيقة إلى سور الأزبكية، أكبر مستودع للكتابات القديمة في التاريخ وغيره لنجد عشرات الكتب عن عبد الناصر والإخوان المسلمين وحادث المنشية، فتشنا في صحفاتها عن الأماكن والأحداث، عن أشخاص شاهدوا وعاصروا، تركوا فيما جرى من قريب أو بعيد وإذا بنا وسط عشرات الكتابات للتاريخ كلٌ يكتب تاريخه ويثبت ما يعتقد أو يريدنا أن نعتقد أنها الحقيقة.

صلاح الدسوقي – الصاغ (الرائد) – رئيس وحدة أركان حرب وزارةالداخلية 1954: وقت انطلاق الطلقات على عبد الناصر في حادثة المنشية كنا وراءه ما تحركانش من ورائه، بعد حوالي نص ساعة من الحديث سمعنا أطلقة نارية والناس بدأت تهرب وبدأ يقول كلمته المشهورة، كل واحد يثبت في مكانه، كلكم جمال عبد الناصر والكلام اللي إحنا سمعناه ده والحقيقة أنا بصيت لقيت في جيبه الشمال زي نقطة.. حاجة حمراء، فقلت له إيه ده؟ قال لا ده قلم حبر.
سامي شرف – اليوزباشى(النقيب) – ضابط المخابرات المصرية الحربية بالقاهرة 1654: أنا كنت في ذلك الوقت في القاهرة في مبنى اسمه القسم الخاص، تابع للمخابرات العامة، اتصلنا بمكتبنا في إسكندرية، أعطوا لنا صورة عن الموقف في المنصة وفي الشارع يعني الصورة بالنسبة للمنصة، إصابة أحد الأخوة السودانيين اللي هو الأستاذ ميرغني حمزة وإصابة الأخ أحمد حميد اللي هو كان في هيئة تحرير في مدينة إسكندرية بطلق..
مراسل الجزيرة: هو أحمد بدر؟
سامي شرف : أحمد بدر، متأسف.. أحمد بدر بطلق ناري في بطنه وأنه نُقل إلى المستشفى.
إبراهيم بغدادي – اليوزباشي (النقيب) – ضابط المخابرات الحربية بالإسكندرية 1954: أنا كنت بأعمل في مكتب مخابرات إسكندرية التابع للمخابرات العسكرية، جرينا عشان نشوف إيه اللي حصل واخترقنا الصفوف عشان نوصل إلى أقرب ما يمكن من المنصة عشان نعرف، في ذلك الوقت كان فيه الناس اللي هجمت على اللي أطلق الرصاص، وقع على الأرض، لما إحنا وصلنا هناك طبعاً كان وصل قبلنا بسرعة أفراد من الشرطة قبضوا على اللي أطلق الرصاص.
صلاح الدسوقي: وجدنا واحد، اسمك إيه؟ قال اسمي محمود عبد اللطيف، فما نعرفش عنه حاجة خالص، فقلت لهم ما حدش يتكلم معه خالص وقعد كمال رفعت معه، خرجت من مكتب جانبي، كان عندنا في المباحث العامة مدير المباحث العامة وقتها الله يرحمه عبد العظيم فهمي، كان رجلا دقيقا جداً وكان عندنا أرشيف في غاية الدقة عن جميع الإخوان المسلمين خصوصاً التنظيم السري، تاريخ كل واحد منهم فكلمته من تليفون جانبي، قلت له إحنا عندنا واحد اسمه كذا اللي أطلق الأعيرة النارية وأنا عايز أعرف بسرعة جداً في أقل وقت ممكن أكبر معلومات عنه، قال لي هأرد عليك في عشر دقائق وفعلاً رد عليّ قال لي ده وُلد في المحافظة الفولانية، راح المدرسة الفولانية، جُند في الإخوان المسلمين سنة كذا، تدرب على استعمال السلاح في المعسكر الفولاني والفولاني والفولاني ويعتبر من أحسن الرماة في التنظيم السري.
اعترف محمود عبد اللطيف بأنه هو الذي أطلق الرصاصات الثمانية على عبد الناصر، كما تعرف على المسدس الذي عُثر عليه بعد الحادث بأيام.
علي عبد الفتاح نويتو: محمود يا إخواننا كان بتاع سباكة في الأصل وعامل وجندي دعوة والجندي عنده حاسة قوية عندي نمرة واحد حق الله.
أمام محكمة الشعب قدم عبد اللطيف اعترافات مفصلة بأن هنداوي دوير رئيسه في التنظيم السري بإمبابة هو حرضه على قتل عبد الناصر وأنه سلمه المسدس قبل الحادث بيومين وكان قد شرح له ولزميله سعد حجاج المكلف الثاني بمحاولة اغتيال عبد الناصر أن اتفاقية الجلاء التي وقَّعها ناصر مع الإنجليز في الـ 19 من أكتوبر 1954 هي خيانة للبلد.
محمد نجيب راغب: محمود وسعد حجاج كانوا الاثنين معنا في مجموعتنا ولكن وهما.. شعرنا في وقت من الأوقات إن همَّا يعني إيه، زي كل أصل النظام الخاص يعني نظام هرمي وعليه طبعاً تبعيات وبعدين همَّا ما بيعزوش اثنين يأخذوا منهم واحد يعني عايزين سعد بس، عايزين محمود بس في مهمة وبيؤديها وبييجي ثاني يا إما يستمر فيها.. ففي هذا الوقت طبعاً طُلب محمود وسعد حجاج وبدأ محمود لا مؤاخذة يتغيب عن المجموعة وأصبح يعمل وإحنا بنشوفه ولكن في مهمة إحنا ما نعرفهاش.
هنداوي دوير كان قد سلَّم نفسه للشرطة صباح اليوم التالي واعترف أمام محكمة الشعب أن إبراهيم الطيب المسؤول عن التنظيم السري في القاهرة هو مَن أعطاه الأوامر وسلَّمه المسدس وأكد له أن الأوامر صادرة من المرشد ذاته.
علي عبد الفتاح نويتو: اللي حصل في الحادثة، رحت له في البيت ما كانش سمع حاجة عن.. أذاعوها بالليل، يوم الثلاثاء بالليل ما سمعش حاجة هو خالص أنا اللي قلت له، أنا كنت بأفتح الراديو وسمعت فيه حاجة حصلت لعبد الناصر وبتاع، قال لي فيه إيه؟ ما أعرفش وأخذ أهله وسفَّرهم.

داخل السجن عُزل محمود وهنداوي عن باقي الجماعة وتلقَّيا معاملة مختلفة خاصة هنداوي.
علي عبد الفتاح نويتو: لمَّا بقينا في السجن الحربي قربت منه خالص، فرصة بقى ما هو في عزل تام، فضلت أنا أقرَّب.. أقرَّب.. أقرَّب لما بقى إيه هو حاطينه في زنزانة لوحده، هو كان بيدخن سجائر في الزنزانة وواقف بره، واقف بقى إيه وشي للحائط كده، بس عارف.. بس عارف شايف بنُص عيني كده هو فين.
محمد نجيب راغب: أنا شوفته، كل الناس.. كل المسجونين شافوه، كل الناس اللي ممسوكة في السجن الحربي شافوه لأن همّضا مقعَّدينه في حتة جنينة صغيرة كده وموضبينها وجايبين له شاي وحاجات والصحافيين الأجانب جُم وقعدوا معه.
لماذا عُزل محمود وهنداوي ولم يُعزل الطيب ويوسف طلعت والآخرون؟ ولماذا سلَّم هنداوي نفسه؟ ولماذا تلقى معاملة خاصة؟
محمد فريد عبد الخالق: وسمعت هنداوي بيقول وهو يخرج بعد المحاكمة داخل القلعة وسمعته داخل القلعة وسمعته مع اثنين من الإخوان لأنه تكلم بصوت عالٍ هستيري وكان ساعتها اليومين دول الحكم وده حصل له نكبة كبيرة جداً زي ما تقول خيبة رؤية شديدة جداً لذلك سمعناه وهو داخل في ساعة المعتقل يروح لزنزانته يقول بصوت عالٍ مش ده اللي اتفقنا عليه، لأنه كان هو أُلقي في روعه إنه داخل في تمثيلية وإنه هو بيلعب دور شاهد الملك وإنه لن يصدر ضده أحكام.. لم يصدر ضده أحكام فصدر بالخلاف.
قبل الحادث بشهر اعتكف الهضيبي مرشد الإخوان ولم يكن يعرف مكانه إلا القليلون وقد فسر هو لناصر في رسالته بعد الحادث ذلك الاختفاء بأنه كان خوفاً من وقوع حوادث مؤسفة.
يونان لبيب رزق: ما كانش أول مرة على فكرة اللي حصل الهضيبي يختفي فيها، ده أكثر من مرة كان يعتكف أو يختفي، لكن لما جاء اختفى المرة دي قالوا أيوة يبقى كان عارف أنه سوف يحدث هناك عملية اغتيال عبد الناصر فاختفى، لا هو رجل تُجمع المصادر كلها أنه لم يكن يعلم بالحادث.
حسن العشماوي أحد قيادات الجماعة والذي كان متولياً أمر إخفاء الهضيبي فسر في مذكراته الاختفاء بأنه كان خشية القبض عليه فيقوم شاب متحمس بارتكاب حماقة.
محمد المهدي عاكف – المرشد العام للإخوان المسلمين: أنا أذكر أن الهنداوي كان رئيس مجموعة من اللي معه دي وفي يوم من الأيام وأنا بأزورهم وقف وقال إن الذي يقتل عبد الناصر لن يحاكَم، قلت له مَن قال لك هذا؟ ومن أين جئت بهذا؟ فما عرفش يرد، فشيلته من الفصيلة وعينت عليه آخر

وبدا فترة عصيبة على الاخوان المسلمين تم فيها اعتقال جميع الاخوان المسلمين فى مصر وقدموا الى المحكمة ( محكمة الشعب وهى محكمة عسكرية للمدنيين ) وتم الحكم فيها بالاعدام على بعض قادة الاخوان المسلمين :
المستشار عبدالقادر عودة
الشيخ محمد فرغلى
الاستاذ يوسف طلعت
الاستاذ ابراهيم الطيب
الاصتاذ هنداوى دوير
ومحمود عبد اللطيف
والحكم على غيرهم باحكام تتراوح بين المؤبد و15 عام
وقد كتب كثيرا فيما لاقاه الاخوان داخل سجون عبدالناصر من تعذيب وتنكيل وغيرها من الامور واكثر ما واجهه الخوان فى هذه المرحلة حتى عام 1965 كانت مذبحة طرة وسنتعرض لها بموجز

مذبحة طرة بين الأمس واليوم
إن الأحداث تتدافع والأيام تتلاحق ويدفع الناس بعضهم بعضا ليتنسموا عبير الحرية التي حكم عليها قانون الطوارئ بالفناء وألقاها النظام في سلة المهملات.
لقد مرت أحداث جسيمة على هذه الأمة وقد تركت في النفوس الأحزان والأشجان، فنراها وقيدت حريات مئات الشباب من الإخوان ومن باقي طوائف الشعب وزج بهم في غياهب السجون ليتجرعوا الظلم وليسكنوا الظلمات لا لشيء إلا أنهم شبابا ينشدون الحرية لوطنهم الأسير ويريدون دفع ظلم النظام عن أنفسهم. لقد هجم النظام في مصر على طوائف الشعب المختلفة بالعصي والهراوات ووطأت أقدامهم أجساد الأبرياء وزجوا بنضرة شباب المجتمع خلف القضبان وانتهكت الحرمات ولم يفرقوا بين مريض وصحيح بل كانت الأحكام جاهزة ومعدة والاتهام قد سبق إعداده وبعد كل مرة وأخرى يموت فيها أحد الإخوة يكتب لفظ يجدد هارب.
ما التهمة؟ وما الجريمة؟ … إنهم وقفوا ضد النظام
إن الحقيقة التاريخية لتلك الحقبة وصلت بالشعب المصري وبالأمة العربية والإسلامية إلى ذروة المأساة، وهي الحقبة التي تمثلت في حكم عبد الناصر لمصر، ولم يكتب عنها الكثير, وما زالت الوثائق لا يعرف مكانها ولم يفرج عن الكثير منها، وهي لا تزال ضائعة… لكن مهما طال الانتظار فسوف تتمزق الأستار وترى الأجيال القادمة حقيقة القوى التي كانت تمسك بخيوط الدمى التي صنعتها بيديها، وقدمتها كأبطال أسطوريين؛ ليعلبوا الأدوار التي رسمت لهم حتى ولو كان في ذلك ضياع أوطانهم، واستذلال شعوبهم.
لقد ذكرتنا هذه الحوادث بما حدث في خمسينات هذا القرن عندما قامت جحافل الشرطة العسكرية باقتحام منازل الأبرياء وساقتهم إلى المصير المجهول وغيبوا وراء السجون بهدف الحفاظ على أمن وراحة النظام وحكم علي بعضهم بالإعدام وآخرين بالأشغال الشاقة المؤبدة، ولم يكتف نظام عبدالناصر بذلك فبعد حادثة المنشية قام عبد الناصر بمذبحة ضد بعض العلماء أمثال الشيخ محمد فرغلي والقاضي عبدالقادر عودة والأستاذ إبراهيم الطيب ويوسف طلعت وهنداوي دوير ليرسخ لنفسه مقاليد الحكم, وبعد أن استتب به الحال بعد عدوان 1956م أراد أن يغير الملكية إلى جمهورية في الدول المجاورة، فدعم انقلابًا ضد الملك حسين ملك الأردن غير أنه اكتشف، وساعد على اكتشافه إخوان الأردن، فتولد لدى عبدالناصر رغبة في الانتقام من إخوان مصر, فرتب مع بطانته القيام بمذبحة ضد العزل من الإخوان داخل المعتقلات، وخطط لذلك وحشد قواته لتصفية الإخوان في كل معتقل، وكانت البداية في سجن ليمان طرة.
فجرد لهم القوات واعد الخطط واستورد السلاح وقامت القوات بغزو سجن طرة واقتحمت العنابر على المعتقلين المعذبين وأطلقوا عليهم الرصاص وأجهزت عليهم بالعصي فمات واحد وعشرون من الإخوان وهم في زهرة شبابهم وجرح واحد وعشرون، هذا غير من أصابهم الجنون، ولم يكتف قادة سجن طرة بهذه المذبحة التي ارتكبها النظام في حق مجموعة من الإخوان العزل يوم 1 يونيو 1957 م ودفع فيه الشباب ثمن تمسكهم بشريعة الله والتصدي لمخططات الغرب.
يقول الأستاذ جابر رزق: “لقد أقيمت المذبحة في أول يونيو 1957م لمائة وثمانين من الإخوان المسلمين، هم الذين بقوا في سجن ليمان طرة بعد ترحيل إخوانهم إلى سجن المحاريق وبنى سويف وأسيوط وغيرها من السجون.
لقد بلغ الطاغية عبدالناصر ورجال حكمه من الخسة واللاإنسانية أن أطلقوا الرصاص على المائة والثمانين من المسجونين داخل الزنازين وهم عزل لا يملكون ما يدافعون به عن أنفسهم ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [البروج: 8]، فقد استشهد فيها كلاًّ من أنور مصطفى أحمد، والسيد علي محمد، ومحمود شعبان، وأحمد حامد قرقر، ومحمود عبد الجواد العطار، وإبراهيم أبو الدهب، ورزق حسن إسماعيل وغيرهم، واستطاع عبد الناصر أن يحيط المذبحة بجدار من الصمت والتكتيم حتى لا يعرف الشعب المصري شيئًا عن المذبحة”.
ويقول الشهيد محمد يوسف هواش –وهو أحذ الذين شاهدوا المذبحة: لقد سبقت المذبحة عدة مقدمات؛ ففي يوم الأربعاء 22/5 منعت صلاة العصر بصورة غاية في الاستفزاز، ويوم الخميس 23/5 منع لعب الكرة الذي كان مرخصًا به، ويوم الجمعة ظلت الزنازين مغلقة حتى صلاة الجمعة، ويوم السبت حدثت مشادة بين الضابط عبد العال سلومة وثلاثة من الإخوان بغير داع، ويوم الأحد 26/5 قال سلومة مهددًا: “فيه أوامر عالية بجر الإخوان لمعركة نِخَلَّص فيها على ثلاثين.. أربعين”، وأخذ الضابط عبد الله ماهر يحتك بالإخوان بغير مناسبة ويحاول استفزازهم بكل طريقة، ويوم 29/5 شرح الإخوان لمدير السجن ما يحدث لهم، ويوم 30/5 منعت الزيارات، ويوم 1/6 حدثت المذبحة”.
يقول الأستاذ جودة شعبان –الشاهد الحي: كنا في ليمان طرة ما يقرب من 180 من الإخوان، وكان أكبر عدد منهم في الليمان من إخوان شبرا، وكانت زياراتهم هي يوم مشهود؛ فقد كان عدد الحضور في اليوم المخصص لهم كبير, وفي أواخر مايو شعرنا بأن ضباط السجن يقومون بعمليات استفزازية ضد الإخوان، خاصة الضابط عبد العال سلومة وعبد الله ماهر، فأخذنا نتواصى بالصبر وضبط النفس وحكمة التصرف أمام كل ما نتعرض له من معاملة المسئولين في الليمان، خاصة الضباط الذين كشفت الأحداث عن مدى حقدهم وكراهيتهم للإخوان أمثال عبد العال سلومة وعبد الله ماهر وعبد اللطيف رشدي، وكانت الأحكام للإخوان الموجودين في الليمان تتراوح بين العشر سنوات والخمس وعشرين سنة، وكنا نطلع الجبل مثل بقية المساجين، وكانت لنا طريحة لابد من أن ننجزها، وكان من بين وسائل الضغط النفسي علينا في الليمان عملية التفتيش المستمر، وكانت تتم بصورة مستفزة، وكادت هذه المذبحة تحدث في فبراير 1956 م لكن مدير السجن كان حكيمًا فحال دون ذلك، مما دفع زكريا محيي الدين وزير الداخلية آنذاك أن يقوم بنقله عقابًا له على ذلك، وجاء بمأمور آخر هو السيد والي والذي كان شديد الحنق على الإخوان المسلمين.
وقبل يوم المذبحة جاءت زيارة لمجموعة إخوان شبرا، وكانت من أكبر الزيارات، وكنت واحدًا من المطلوبين للزيارة، وقد جاء أهالينا ببعض الطعام، وكان من ضمن الذين أخذوا طعامًا الأخ عبد الغفار السيد، وفجأة ظهر الضابط عبد الله ماهر ودفع الأخ مما أوقعه في صورة مستفزة، ولم يقتصر على ذلك بل قام بضرب أم أحد الإخوان ثم أنهى الزيارة، وسارع إلى الإدارة وقال: إن الإخوان اعتدوا عليه، وكأن الأمر مبيت، فانتفضت الإدارة لتنفذ ما اتفق عليه مع السادة من قبل، وجاءوا وقالوا: من أخذ شيئًا فليركن على جنب، فخرجت ومعي بعض الإخوة، فأمر بأخذنا إلى عنبر التأديب، وساقوا أهلنا إلى قسم المعادي مرفق معهم مذكرة يقولون فيها: إنهم أدخلوا ممنوعات للسجن، وكان من ضمنهم والد الأخ حسن علي حسن فقال لوكيل النيابة: إننا لم ندخل ممنوعات لكنه كان طعامًا، والأمر أننا إخوان مسلمين فأفرج عنهم، وبعد أن أدخلونا عنبر التأديب لم ندر بما يحدث في الخارج، وعشنا في لحظات كلها تعذيب وتكدير, لكننا كنا قبل الحادث قد رأينا أنهم أعادوا مرضى الإخوان الموجدين في المستشفى، وشعرنا بأن شيئًا يدبر لنا فقررنا الامتناع عن الخروج للجبل حتى لا نُضرب بالرصاص بحجة أننا حاولنا الهروب، وكتبنا مذكرة نطلب فيها التحقيق معنا، ولنعرض عليهم أن حياتنا في خطر، وكنا ما زلنا في عنبر التأديب، وثاني يوم من الزيارة سمعنا صوت رصاص منهمر وصرخات الإخوان من كل مكان، وبعد فترة صَمَت صوت الرصاص وجاءت النيابة وسمعت منا وأدانت إدارة السجن لكنها تغيرت، وفي الليلة الرابعة بعد المذبحة أخرجونا إلى سجن القناطر الخيرية وبقينا فيه ثلاثة أشهر في تعذيب وتكدير، وعلمنا أن المذبحة أسفرت عن مقتل واحد وعشرين من الإخوان وأصيب مثلهم.
وقد نقل معنا عبد العال سلومة إلى سجن القناطر الذي أذاق الإخوان أشد أنواع العذاب البدني والنفسي، حتى إن ستة من إخواننا فقدوا عقولهم أثناء وجودنا في سجن القناطر.
إن التاريخ يسجل والذكريات لا تمحى وسيشهد هذا السجن على ظلم الظالمين ويشكو إلى الله رب العالمين هذا الظلم العظيم ويتبرأ إلى الله مما يفعله فيه هؤلاء الظالمين.
إن التاريخ سيشهد على كل حاكم ظلم نفسه وشعبه، ولن يرحم منهم أحد وستظل مذابح النظام لكل مطالب بالحرية والإصلاح.
وياتى بعد ذلك ما فاصل اخر من التنكيل بالاخوان وذوقهم اصناف من العذاب الى فاق حد الوصف وقد امتلئ المكاتب ودور النشر بشهادات الكثير والكثير من الاخوان الذين لاقوا العذاب بالسجون فى عهد عبدالناصر وكانت هناك فصول اخرى تنتظ الاخوان الا وهو تنظيم 1965 بقادة الاستاذ سيد قطب .
بدأت الاعتقالات في شهر يوليو 1965 بالأستاذ محمد قطب ومجموعات من الإخوان الذين سبق الحكم عليهم سنة 1954 وأفرج عنهم وعن غيرهم ، وأودعوا سجن القلعة الرهيب بإشراف المباحث العامة من الاعتقالات والتعذيب بالقلعة وبطريقة عشوائية للبحث عن شيء وشمل الاعتقال كذلك الشهيد سيد قطب بعد ذلك الذي اعتقل يوم 9 أغسطس 1965 باعتباره أحد المفرج عنهم في قضايا 1954 و 1955 وأودع معهم بسجن القلعة .
ثم شمل الاعتقال كذلك غيرهم وأودعوا بسجن أبي زعبل ، ومعتقل الفيوم دون أي سبب كذلك . ولم يودع أي أحد من الإخوان بالسجن الحربي بل أودعوا سجن القلعة ، ولكن كانت هناك قضية حسين توفيق وقضية مصطفي أمين وغيرها من القضايا التابعة للمباحث الجنائية العسكرية . وكان ضمن المقبوض عليهم في قضية حسين توفيق شخص يدعي سامي عبد القادر ويعرف الأخ يوسف القرش من الإخوان ، وأثناء تعذيبه اعترف علي يوسف القرش وقال إن عنده قنبلتين يدويتين ، وعند ذهابهم للقبض علي يوسف القرش في قريته سنفا بمحافظة الدقهلية لم يجدوه وقيل لهم إنه عند صديقه بالقاهرة حبيب عثمان ، وتم القبض علي حبيب عثمان و يوسف القرش في القاهرة .
وتحت التعذيب الشديد لحبيب عثمان ولمدة 15 يومًا اعترف علي أعضاء أسرته ، واختفي النقيب ولم يتم القبض عليه ، وانقطع الخيط ، وكان هذا النقيب هو الأخ مصطفى الخضيرى ، يرحمه الله . وكان الشهيد عبد الفتاح إسماعيل مطلوب اعتقاله ضمن من اعتقلوا عام 1954 ، فلم يجدوه في قريته ، فذهبوا إلي أخيه الشيخ علي إسماعيل – رحمه الله – ليسألوا عليه فلم يجدوه فاعتقلوا الشيخ علي كرهينة وسألوه مع التعذيب عن معارفه فدلهم علي المهندس فاروق الصاوي ، وأفرجوا عنه . وعلموا بصلة الشيخ عبد الفتاح إسماعيل بالشيخ محمد عبد المقصود العزب واعتقلوا صهره الشيخ عبد الفتاح فايد المقيم بالمطرية بالقاهرة فعذبوه عذابًا شديدًا اعترف بعدها علي بعض الشباب الذين يعرفهم الشيخ عبد الفتاح منهم ثلاثة بكلية الطب وواحد بكلية التجارة وهو محمود فخري فاعترف علي بعض الإخوان منهم محمد عواد أول شهيد عام 1965 في السجن الحربي ، وكان عنده مصطفي الخضيرى (المحامي) الذي استطاع الهرب وكان هو نقيب أسرة حبيب عثمان الهارب .
وتحت التعذيب لمحمود فخري دلهم علي شقة مرسي مصطفي مرسي ( باحث بالمركز القومي للبحوث) ، وعملوا فيها كمينًا علي القادمين للشقة التي كانت في إمبابة بمحافظة الجيزة . ومن القادمين للشقة والذين اعتقلوا عند طرق الباب الشهيد عبد الفتاح إسماعيل و مبارك عبد العظيم عياد و علي عشماوي وحملوهم إلي السجن الحربي وكان ذلك يوم 20 أغسطس 1965 . وحتى ذلك الوقت لم تتضح صورة التنظيم لهم ، وكانت الصورة أمامهم مجرد معارف ولقاءات ، ولكن علي عشماوي اعترف لهم اعترافات مذهلة بعد التعذيب المبدئي تمت علي أثرها حملة الاعتقالات الواسعة لأعضاء التنظيم وبعض معارفهم ، وأصدقائهم وأي إنسان له صلة بأي شخص بالتنظيم ، وشملت الاعتقالات جميع الإخوان علي مستوي الجمهورية من واقع ملفات المباحث العامة من عام 1948 حتى عام 1965 .
وتعدي الأمر غير الإخوان من الأنشطة والاتجاهات الإسلامية الأخرى مثل حزب التحرير الإسلامي ، جماعة التبليغ ، أنصار السنة المحمدية ، الجمعية الشرعية ، وغيرهم ، بل أي إنسان له اتجاه إسلامي ولا هوية له في أي مكان ، بل وصل الأمر لاعتقال أي ملتح أو أي شخص عليه أمارات الإسلام . وشملت الاعتقالات الرجال ، الشباب ، النساء ، وعائلات بأسرها مثل عائلة الهضيبي وعائلة سيد قطب وغيرهم . بل شملت بعض أهالي القرى حتى لم تترك إخوانًا أو غيرهم وشملت أهل القرية جميعًا مثل قرية كرداسة بالجيزة التي حوصرت بالمدافع والمدرعات والجنود وأقيمت بها المتاريس .
ويلاحظ أن اكتشاف التنظيم يتم بمهارتهم ، ولكن قدر الله ، ولعل في ذلك حكمة لا يعلمها إلا الله سبحانه ، ويلاحظ أن الاعتقالات بدأت قبل اكتشاف التنظيم بما لا يزيد علي شهر ، وكانت تقوم بعملية الاعتقال المباحث العامة ، ويتم إيداع المعتقلين في السجون والمعتقلات المدنية ، أما الذي يقوم باعتقال أعضاء التنظيم بعد اكتشافه فهم المباحث الجنائية العسكرية ويتم التعذيب والإيداع بالسجن الحربي . ولكي نعطي فكرة مبسطة عن الإجراءات العجيبة والوسائل الشيطانية التي قام بها رجال المباحث العسكرية بإشراف شمس بدران بقيادة أسياده ممن ظهر منهم علي المسرح أو من كان وراء الستار يحرك خيوط الدمى ، سوف نعطي فكرة سريعة عما تم بواسطة المباحث العسكرية بدءًا من شهر أغسطس 1965 وحتى حرب 1967 .
الاعتقال :
من المعلوم في العصر الحديث أن الدول التي تحترم نفسها وتحافظ علي كرامة شعبها وتحترم إنسانيته تقوم بوضع النظم والقواعد المنظمة لإجراءات الضبط والاعتقال والتحقيق والمحاكمات ثم ضمانات الحكم وتنفيذه . فلا يؤخذ الناس بالظن ولا يعتقلون أو يحتجزون إلا بموجب تهمة نص عليها القانون وأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته ، ولابد من استصدار أمر سابق من النيابة بالقبض علي المتهم وحقه في طلب محام لحضور التحقيق ، وحقه في الامتناع عن الإجابة وعدم ممارسة أي ضغوط عليه ولو معنوية .
أما إذا كانت دولة كمصر يحكمها طاغية مثل جمال عبد الناصر ولا تحترم نفسها ولا تحافظ علي كرامة شعبها وتهدر إنسانيته فلا قيمة لهذه النظم والقوانين حتى مع وجودها علي الورق ، مادام يحكمها قانون الغاب ودكتاتورية الحاكم وتنفيذ سياسة العبيد إرضاء لنزوات الحاكم وشهوته المتسلطة . ولا يظن أحد أن الاعتقال بمعناه التقليدي هو أن يكون بأمر مسبق من النيابة العامة من احترام حقوق المتهم والضمانات اللازمة لشخصه وسلامته والتي أصبحت من المسلمات في الدول المعاصرة . فالاعتقال في عرف عبد الناصر وزبانيته هو دخول منزل المطلوب اعتقاله في ساعة متأخرة بعد منتصف الليل والانتشار في أرجاء البيت شاهرين مسدساتهم وبنادقهم ورشاشاتهم ودخول الحجرات علي النساء والأطفال ، ثم التفتيش وقلب المنزل رأسًا علي عقب ، وحمل ما يحلوا لهم خاصة المواد الخطرة والتي في مقدمتها الكتب الإسلامية وأي مخطوطات خاصة مثل الخطابات وغيرها ، ولا بأس عندهم من حمل نقود أو ذهب أو أي أشياء ثمينة وغاليًا ما تذهب في جيوب زبانية الليل ولا تدون في الأمانات ، وقد حدث ذلك كثيرًا .
وإذا كان المطلوب القبض عليه غير موجود بالمنزل فلابد من أخذ رهينة بدلاً منه لحين القبض عليه أو تسليم نفسه ، وغالبًا ما تكون زوجته ، أو أمه ، أو أخته ، أو أسرته جميعًا وأقاربه ، والويل ثم الويل إذا رفض الأهل ذلك . وبعد ذلك تؤخذ الضحية (المعتقل) إلي مصيره المجهول دون السماح لها بحمل أي شيء معها كالملبوسات أو غيرها ، ويصطحبونه إلي ذلك العالم المجهول ، إلي السجن الحربي وما أدراك ما السجن الحربي ، أو إلي أي سجن آخر وما أكثر السجون والمعتقلات في مصر بدءًا من يوليو 1952 ونذكر مثالاً صارخًا لطريقة الاعتقال ، وقد فاقت الاعتقالات احيانا حد الوصف مثل حادثة كرداسة وكمشيش .

وصدرت الاحكام :
في صباح يوم 21/9/1966 توجه المتهمون في القضية الأولي لسماع النطق بالأحكام في نفس مبني المحكمة ، بمبني قيادة الثورة بالجزيرة ، وبعد عمل الترتيبات اللازمة في مبني القاعة تم استدعاء المتهمين واحدًا واحد إلي حجرة أخري لسماع الحكم ، ثم التوجه به إلي السيارة ، وكانت الأحكام للمتهمين السبعة الأول حسب ترتيب ادعاء الاتهام كما يلي :
1 – سيد قطب إبراهيم .. الإعدام شنقًا
2 – محمد يوسف هواش .. الإعدام شنقا
3 – عبد الفتاح عبده إسماعيل .. الإعدام شنقا
4 – علي عبده عشماوي .. الإعدام شنقا
5 – أحمد عبد المجيد عبد السميع .. الإعدام شنقا
6 – صبري عرفة الكومي .. الإعدام شنقا
7 – مجدي عبد العزيز متولي .. الإعدام شنقا
وباقي القضية أحكام متفاوتة 25 أشغال شاقة مؤبدة وعلي 11 شخصًا أشغال شاقة بين 10 و 15 سنة . وعند ركوب السبعة السيارة كان باديًا علي الجميع الشكر والرضا خاصة الأستاذ سيد الذي كانت السعادة بادية علي كل تقاسيم وجهه ، باستثناء علي عشماوي الذي كان ملحوظًا عليه الانهيار والاضطراب الشديدان . و لما جلس الجميع في السيارة ، سأل أحد الضباط أحدنا عن الحكم ، فأجابه بأنه الإعدام ، فقال له الشهيد سيد : لا تقل لهم إعدام بل قل شهادة في سبيل الله ، دعهم يسمعون ما يكرهون .
وأخذ الضباط بمختلف الرتب في ساحة المكان يتحركون ويرتبون الجنود ، ويلقون التعليمات تلو التعليمات ، وكأنهم يستعدون لمعركة حربية ، حتى سمع صوت أحدهم بجوار السيارة يعطي التعليمات لضابط أقل منه رتبة يصف له خط السير ، عن طريق صلاح سالم ، فقال الشهيد سيد : صلاح سالم أين هو صلاح سالم الآن ؟ وأين فاروق ؟ إن هؤلاء الناس لا يعتبرون …..
ثم سكت برهة وقال : الحمد لله – قالها بملء فيه – الحمد لله …شهادة في سبيل الله …. إن الله سبحانه وتعالي أراد أن يعطينا الجزاء ، ولكن الجزاء أكبر بكثير مما نستحق …. شهادة في سبيل الله – ثم سكت برهة وقال – غداً نلقي الأحبة محمداً وصحبه ، وأضاف ذكر حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم :

“أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلي تلك القناديل”
وتكلم الشهيد عبد الفتاح إسماعيل ….. راجياً من الجميع أن يشفع كل منهم للآخر عملاً بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم أن للشهيد أن يشفع لأربعين من أهله ، أما علي عشماوي فكان بادياً عليه الانهيار التام .
ثم أعيد الجميع للسجن الحربي ، السبعة المذكورون في السجن 3 انفرادي ، أي كل واحد منهم يعيش منفرداً عن الآخرين , وبعد حوالي ساعة أخذوا الأستاذ سيد للعيادة الطبية كما كان نظراً لظروفه الصحية .
أما باقي أفراد القضية فقد انضموا إلي باقي الإخوان في السجن الكبير رقم واحد واستمر الحال علي هذا المنوال حتى صباح يوم27/9/1966 ، حيث حضر أهالي المحكوم عليهم السبعة لزيارتهم بعد إخطارهم بالموعد بواسطة المباحث . وفهم الأقارب و المحكوم عليهم أنها الزيارة الأخيرة التي تسبق تنفيذ الحكم أي زيارة الوداع للأهل أو بتعبير أدق وداع الدنيا للقاء وجه الله تعالي . ولقد نشرت الصحف في اليوم التالي الموافق 22/أغسطس/ 1966 الأحكام الصادرة من المحكمة بعناوين مثيرة ، وبعد عرض أسماء السبعة المحكوم عليهم بالإعدام ومسئوليتهم في القيادة – السابق ذكرهم – قالت : ” ….. وأعلنت المحكمة قرارها بعد التصديق عليه استنادًا إلي ما ثبت خلال المحاكمة من أن :
1 – كل المتهمين في القضية حاولوا تغيير دستور وشكل الحكومة فيها بالقوة ، بأن ألفوا بينهم – وآخرون – معهم – تجمعًا حركيًا وتنظيمًا مسلحًا لحزب الإخوان المسلمين المنحل بهدف تغيير نظام الحكم القائم باغتيال رئيس الجمهورية والقائمين علي الحكم وتخريب المنشآت العامة وإثارة الفتنة ، وتزودوا في سبيل ذلك بالمال اللازم وأحرزوا مفرقعات وأسلحة وذخائر ، وقاموا بتدريب أعضاء التنظيم علي استعمال تلك الأسلحة والمفرقعات ، وحددوا أشخاص المسئولين الذين كانوا سيجري اغتيالهم ، وعاينوا محطات توليد الكهرباء والمنشآت العامة التي سيتم تخريبها ورسموا طريقة التنفيذ ، وتهيئوا للتنفيذ فعلاً ، وعينوا الأفراد الذين كانوا سيقومون به ، وأن عملية الضبط هي فقط التي حاولت دون إتمام المؤامرة .
2 – السبعة المتهمون الأول هم الذين كانوا يتزعمون التنظيم كله ، ويقودون حركته ولهذا فقد حكمت المحكمة عليهم ، طبقًا لنص المادة 87 عقوبات التي تقضي الإعدام علي كل من ألف عصابة مسلحة لقلب نظام الحكم بالقوة أو تزعمها ، أو تولي فيها القيادة .
وحكمت – علي 25 – منهم ثلاثة هاربون صدرت الأحكام عليهم غيابًا بالأشغال الشاقة المؤبدة طبقًا لأدوارهم الفرعية في قيادة التنظيم التي تلي دور مجلس القيادة مجتمعًا ، وهم عبد المجيد الشاذلي ، مبارك عبد العظيم ، فاروق المنشاوي ، فايز إسماعيل ، ممدوح الديرى ، محمد أحمد عبد الرحمن ، محمد عبد المعطي إبراهيم ، محمد المأمون زكريا ، أحمد عبد الحليم السروجي ، السيد سعد الدين شريف ، إمام عبد اللطيف غيث ، كمال عبد العزيز سلام ، فؤاد حسن علي ، محمد أحمد البحيري ، حمدي حسن صالح ، مصطفى الخضيري ، السيد نزيلي عوضية ، مرسي مصطفي مرسي ، حلمي صادق حتحوت ، عبد المنعم عرفات ، محمد عبد الفتاح شريف ، السيدة زينب الغزالي الجبيلي : التي دعت للتنظيم وعملت علي تجميعه وأمنت له اجتماعاته حتى تم تشكيله .
الهاربون : محيي الدين هلالي ، عشماوي سليمان ، مصطفى العالم . وحكمت علي الباقين كل طبقًا لدوره في قيادة التنظيم الذي يجيء في الترتيب بعد دور مجلس القيادة ودور القواد الفرعيين :
عباس السيسي .. أشغال شاقة 15 سنة
محمد عبد المنعم شاهين .. أشغال شاقة 15 سنة
محمد بديع سامي .. أشغال شاقة 15 سنة
جلال بكري ديساوي .. أشغال شاقة 15 سنة
صلاح محمد خليفة .. أشغال شاقة 15 سنة
إلهام عبد المجيد بدوي .. أشغال شاقة 15 سنة
محمد عبد المعطي عبد الرحيم .. أشغال شاقة 15 سنة
محمود أحمد فخري .. أشغال شاقة 10 سنة
محمود عزت إبراهيم .. أشغال شاقة 10 سنة
صلاح محمد عبد الحق .. أشغال شاقة 10 سنة
والأشغال الشاقة لمدة 10 سنوات علي حميدة قطب شقيقة سيد قطب ورسوله إلي التنظيم ورسول التنظيم إليه طوال فترة الاتصال التي تمت به وهو في السجن وحاملي الأوامر بتعيين نائبة وبدء الضربة الشاملة عندما أعطي إشارة تنفيذ المؤامرة ثم سافر إلي رأس البر . كذلك قامت المحكمة بمصادرة كل المضبوطات المتعلقة بالجريمة وكانت المحكمة المشكلة من اللواء / أحمد وحيد الدين حلمي عضو اليسار في الدائرة الأولي نائبًا عن رئيسها ، الرائد / عز الدين رياض نائب الأحكام والأستاذ حسن جمعة رئيس النيابة المنتدب قد دخلت غرفة الاجتماعات بجناح نيابة أمن الدولة العليا في مبني مجلس قيادة الثورة القديم في الساعة العاشرة والربع صباحًا حيث أعلن اللواء أحمد وحيد ” فتح الجلسة لإعلان الأحكام ” وبعد ذلك نودي علي المتهمين اذلين كانوا في القفص داخل قاعة الجلسات – ماعدا زينب الغزالي و حميدة قطب فكانت في غرفة المتهمين – فجاء المتهم الأول وتلا عليه الرائد عز الدين رياض الحكم وانصرف .
وهكذا تم إعلان جميع المتهمين كل علي حدة وكان نائب الأحكام يقرأ من دوسيه في يده يضم الأحكام والتوقيع عليها بالتصديق وفي الساعة العاشرة وخمس وأربعين دقيقة انتهي إعلان الأحكام فأعلن اللواء أحمد حلمي ” قفل الجلسة ” وفي نفس الوقت الذي كانت تعلن فيه الأحكام كان أمناء سر النيابة يحررون الخطابات الخاصة لكل منهم والتي تتضمن الحكم عليه ، ثم يسلمونها لرجال الأمن المرافقين له فيصحبونه إلي السيارة الخاصة .
وفي 22 أغسطس 1966 أصدرت المحكمة حكمها علي الأستاذ المرشد بثلاث سنوات ، و48 آخرين بين ثلاثة سنوات وعشر سنوات ، وفي يوم 5 سبتمبر 1966 صدرت الأحكام علي 83 بأحكام متفاوتة ، منها الشهيد إسماعيل الفيومي و الشهيد محمد عواد بالسجن المؤبد .. رغم استشهادهما تحت التعذيب ، وادعائهم هروبهما من السجن الحربي ، وبرأت المحكمة 13 شخصًا . وفي يوم 6 سبتمبر صدرت الأحكام بسجن 112 وتبرئة ثلاثة فقط ، دليلاً علي العدالة !!؟ وفي يوم 7 سبتمبر صدرت أحكام بالسجن المؤبد علي ستة أشخاص وبراءة اثنين .
وانتهى هذا الفصل بموت عبدالناصر فبدات المعاملة تتغير تدريجيا بعد تولى السادات كرسى الرئاسة وكانت اول مالانفراجاتكانت عام 1971 بالافراج عن الاستاذ المستشار حسن الهضيبى وانتهت بخروج اخر شخص من المعتقلات عا

1974.

الاخوان والسادات

فى كتاب بعنوان(بقلم أنور السادات) من تأليف د/ خالد غراب الكتاب صادر عن دار أطلس للطباعة والنشر ، يتحدث السادات فى هذا الكتاب عن بداية تعارفه بجماعة الإخوان المسلمين ،يتناول الفصل الرابع من الكتاب سلسلة المقالات التي كتبها أنور السادات في جريدة الجمهورية ومجلة التحرير عن ثورة 23 يوليو وقصته ورجال الثورة عن تلك الايام، فتكشف تلك المقالات الكثير من الاسرار عن ثورة 23 يوليو والتي نشرت بعد ذلك في كتاب “صفحات مجهولة من الثورة المصرية”، وكيف ان أنور السادات كان يلتقي مع الشيخ حسن البنا المرشد الأول لجماعة الأخوان المسلمين، فيذكر السادات في أحد مقالاته اللقاء الأول مع الشيخ حسن البنا في احد مقالاته “دخل علينا ونحن جلوس للعشاء في ليلة مولد النبي جندي من جنود السلاح الفنيين لم يكن موجوداً بيننا منذ بدء هذه الجلسة وقدم إلينا صديقاً له يلتحف بعباءة حمراء لا تكاد تظهر منه شيئاً كثيرا.
لم أكن أعرف هذا الرجل إلى ذلك اليوم ولم يثر دخوله ولا ملبسه اهتمامي ولم يلفت نظري، وكل ما هناك أنني صافحته ورحبت به ودعوته إلى تناول العشاء معنا فجلس وتناول العشاء، وفرغنا من الطعام ولم أعرف عن الضيف شيئاً إلا بشاشة في وجهه ورقة في حديثه وتواضعاً في مظهره، ولكني عرفت بعد ذلك عنه شيئاً كثيراً ،فقد بدأ الرجل بعد العشاء حديثاً طويلاً عن ذكرى مولد الرسول صلى الله علية وسلم كان هو اللقاء الحقيقي الأول بيني وبين هذا الرجل وبيني وبين هذه الذكرى ، كان في سمات هذا الرجل كثير مما يتسم به رجال الدين عباءته ولحيته وتناوله شئون الدين بالحديث ولكنه بعد ذلك كان يختلف عنهم في كل شئ …. فليس حديثه هو وعظ المتدينين، ليس الكلام المرتب ولا العبارات المنمقة ولا الحشو الكثير ولا الاستشهاد المطروق ولا التزمت في الفكرة ولا إدعاء العمق ولا ضحالة الهدف ولا الإحالة إلى التواريخ والسير والأخبار.
كان حديثه شيئاً جديداً كان حديث رجل يدخل إلى موضوعه من زوايا بسيطة ويتجه إلى هدفه من طريق واضح ويصل إليه بسهولة أخاذة وكان هذا الرجل هو المرحوم الشيخ حسن البنا مرشد [الإخوان المسلمن] …)
كما يذكر عبد اللطيف البغدادي فى مذكراته بالجزء الأول منها فيقول عبد اللطيف البغدادي: أنه عندما تم القبض على أنور السادات وحسن عزت بعد حادثة سعودي بعدة شهور عندما تعرف الجاسوس الألماني عليهما كما ذكرت سابقًا، ولم يبق في اللجنة التنفيذية بعد ذلك غير وجيه أباظة وأنا، كما أن موقف الألمان العسكري في شمال أفريقيا كان قد أصبح حرجًا بعد أن بدأوا في الانسحاب نهائيًّا من المنطقة تحت ضغط الحلفاء عليهم من الغرب من إتجاه تونس ومن الشرق من إتجاه مصر، وأصبح بذلك أملنا في الإنتقام من المستعمر لبلادنا والأخذ بالثأر منه للمهانة التي لحقت بنا يوم 4 فبراير سنة 1942م بعيد المنال، ولكننا لم نفقد الأمل كلية، وواصلنا العمل من جانبنا داخل قواتنا الجوية متوخين زيادة المنضمين للتنظيم وربطهم بمبادئنا وأهدافنا، وقد ساعد في ذلك الأمر انتقالي مدرسًا بكلية الطيران عام 1944م، وقد أتاح ذلك فرصة الاحتكاك والتعرف على كثير من الشبان الملتحقين بسلاح الطيران، وساعد على أن تزداد الرابطة بينهم وبيننا، وقد مهد هذا كله لتماسك التنظيم داخل القوات الجوية مع زيادة عدد المنضمين إليه وأصبحوا وكأنهم فرد واحد حتى قيام ثورة يوليو 1952م.
واستمرمحمد أنور السادات في الاتصال بجمعية الإخوان المسلمين رغم أن الغرض الذي كان يجمعنا في البداية قد بعد، وكان حلقة الاتصال بينهم وبيننا أنور السادات وكان هو المسئول عن الناحية العسكرية في تنظيمهم، وكنا نوافيهم بمقالات لتنشر في صحيفتهم عن كيفية إصلاح الجيش والطيران المصري والنقص الذي بهما، وهذا الاتصال الذي استمر بيننا سيكون له أهميته عندما يعلن النحاس إلغاء معاهدة سنة 1936م، التي كانت قائمة بين بريطانيا ومصر وذلك سنة 1951م فقد قمنا بتدريب الإخوان المسلمين عسكريًّا وأمددناهم بالأسلحة والذخيرة التي كان قد أمكن لنا تهريبها من مخازن الجيش، وعملنا على تشكيل كتائب فدائية منهم تحت قيادة ضباط من الطيران والجيش بغرض القيام بغارات فدائية على القاعدة البريطانية في منطقة السويس، كما أنه قد سبق أيضًا وتكونت منهم كتائب فدائية قام بتدريبها واعدادها ضباط من الجيش قبل ذهابها لمقابلة المنظمات العسكرية اليهودية في فلسطين في نهاية عام 1947م وكان ذلك بعد قرار هيئة الأمم الخاص بتقسيم فلسطين بين الفلسطينيين العرب واليهود في نوفمبر سنة 1947م.
وكان الغضب قد عم العالم العربي بأسره نتيجة هذا القرار المجحف بحق الفلسطينين وكان قد خص اليهود بنصف مساحة فلسطين وهو الجزء الخصب منها أيضا ، ولمقاومة هذا التقسيم فقد تكون جيش التحرير العربي للنضال والقتال ضد هذا التقسيم..)
وفى أوئل سبتمبر سنة 1971 ذكر د/ محمود جامع مدير مستشفى المبرة بطنطا وهو الرجل الغامض فى كواليس السادات وهو محرك الأحداث الخفى ) …)

أن السادات إجتمع مع قيادات الإخوان المسلمين فى منزلة أكثر من مرة وكانت هذه الإجتماعات بتوجيهات الرئيس عبد الناصر وإجتمع السادات بكل من اللواء محمد المدني مساعد أول وزير الداخلية السابق والمستشار محمد السعدني والدكتور محمد مصطفى عميد كلية الطب سابقاً والأستاذ عبد العزيز هلالي صحفى بالأخبار والمهندس علي محمد أحمد رئيس الغرفة التجارية والمهندس فائق أحمد القصراوي والداعية الإسلامى لاشين أبو شنب وتناولوا العشاء معا وإمتدت جلسة الإجتماع لمدة سبع ساعات نقدا لإتجاهات الدولة نقداً بناءاً وكانت هذه الإجتماعات تتم دون علم على صبرى رئيس الوزراء وشعراوى جمعة وزيرالداخلية.
وبعض الإجتماعات كانت مع بعض رجال القضاء المفصولين فى ما يعرف بمذبحة القضاء الشهيرة وكذلك مع عائلة الفقى فى قضية كمشيش الشهيرة وعائلة أبو جازية الموضوعين تحت الحراسة.
وإستطرد قائلا : وكانت أمور الدولة مرتبكة وذلك لتداعى حاله الرئيس عبد الناصر الصحية وسلم عبد الناصر خاتمه الخاص بالرئاسة للسيد سامي شرف وكان يجتمع بمكتبه يوميا كل من أنور السادات وعلي صبري وشعراوي جمعة وأمين هويدي وعبد المجيد فريد والفريق محمد فوزي ، وذلك لأصدار القرارات الخاصة بالدولة دون العرض على عبد الناصر.
وتصادف أن شعراويى جمعة وزير الداخلية كان فى زيارة عائلية لوجية أباظة بطنطا وكان منزلة أمام منزل د/ جامع أثناء إجتماع السادات مع الإخوان وكان الرئيس عبد الناصر فى زيارة السودان فى وقتها فهاج شعراوي جمعة هياجاً شديداً وقال : كيف أكون وزيراً للداخلية ولا أعلم شيئاً عن تحركات رئيس الدولة.
وما كان من كلا من وجية أباظة رئيس التنظيم الطليعى ومصطفى الجندي أمين عام الإتحاد الإشتراكى وشقيق المستشار محمد الجندي النائب العام الأسبق إلا أن قدموا تقريرا ً بالواقعة لعلي صبري مسئول التنظيم الطليعى قالا فيه : أن السادات ( لم يكن عضواً بهذا التنظيم ) يحضر بمنزل د/ محمود جامع وهو من أعداء النظام ويعمل إجتماعات مشبوهه مع شخصيات من أعداءالنظام ) ..)
وأرسل على صبرى صورة من هذا التقرير للرئيس عبد الناصر وصورة أخرى إلى السفير السوفيتى بالقاهرة وأخبر السفير الروسى عبد الناصر أن هذه الإجتماعات تسبب بلبلة فى قيادات التنظيم فأمر عبد الناصر بعدم ذهاب السادات لطنطا وتوقفت الإجتماعات ، وكان هذا سبب عداء السادات لعلي صبري فقد قبض عليه حينما تولى الحكم بدعوى التخابر مع الروس. .)
علاقة محمد أنو السادات بالإخوان المسلمين
هناك العديد من المحاور المتناقضة ما بين قائل بكراهية السادات للإخوان المسلمين ومابين قائل بمحبتة لهم وما بين قائل بتعاطفة معهم وما بين قائل بأنه كان واحدا من الإخوان المسلمين فاين هى الحقيقة بالضبط لا ندرى ، سنطرح كل المحاور وعلينا فى النهاية الإستنتاج:
المحور الأول
المحور الأول: القائل بكراهية السادات للإخوان المسلمين يتبناه د/خالد غراب فى كتابه “بقلم أنور السادات” فيتناول فى الفصل الثالث من الكتاب، مقالات أنور السادات التي كتبها عن جماعة الإخوان المسلمين خلال فترة الخمسينات من القرن المنصرم، ويكشف المؤلف من خلال استعراض تلك الجزئية المتعلقة بجماعة الإخوان المسلمين ان السادات حينما كان يتوجه بالحديث إلى الإخوان المسلمين أو عنهم كان يستشهد بآلايات القرآنية، ومثال على ذلك ، ذلك المقال الذي يرد فيه أنور السادات على مزاعم الإخوان المسلمين واتهامهم لرجال الثورة بأنهم أعداء ، فنجده يكتب على صفحات جريدة الجمهورية حين يطغى الغرض الذاتي على الهدف النبيل فمن الواجب على كل مسلم أن يجنب المسلمين شر هذه الفتنة ، وهذا ما فعلناه لا لحماية أنفسنا بل لحماية الدعوة النبيلة والقصد الكريم بل ولحماية الإخوان المسلمين أنفسهم ممن فرضوا عليهم ” السمع والطاعة ” هذا هو رأينا فليجادلنا فيه من يؤمن بقوله تعالى : ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين)…)
كما أورد الباحثون الذين تناولوا هذا الجانب الأحاديث المصورة للرئيس السابق أنور السادات وهو يهاجم الإخوان المسلمين خلال عقد إتفاقية كامب ديفيد ، كما أظهروا مقاطع فيديو يهاجم فيها السادات الإخوان المسلمون ويتهم فكرهم بأنه وبالا عليهم ، وهم يؤكدون بهذة الفيديوهات فكرتهم القائلة بكراهية السادات للإخوان المسلمين ..)
المحور الثاني
المحور الثاني: القائل بمحبة السادات للإخوان ما أعلنتة السيدة جيهان السادات حيث تحدثت عن محبة أنور السادات للإخوان المسلمين ولم يكن كلام السيدة جيهان السادات حرم الرئيس الراحل محمد أنور السادات ليمر مرور الكرام وقد تعرضت فيه بشيء من التفصيل حول رأيها في جماعة الاخوان المسلمين وهي المرة الأولى التي تتحدث فيها سيدة بحجم جيهان السادات التي كانت السيدة الاولى في مصر طوال فترة حكم زرجها للبلاد عن رأيها في الجماعة.
جاء هذا في حوارها مع الاعلامي عمرو الليثي في برنامج واحد من الناس والذي اجري معها احتفالا بذكرى حرب اكتوبر كنت أظن أن اجابة السيدة جيهان السادات على سؤال عمرو الليثي حول علاقة زوجها بالجماعة ورأيها هي شخصيا فيهم أن تلقي علينا نفس الاسطوانة المعروفة (جماعة الاخوان جماعة اتخذت من الدين ستارا لها لتحقيق اغراضها السياسية وانها جماعة محظورة وغير شرعية وغير ذلك من الكلمات التي تعودنا سماعها ممن كانوا او مازالوا في مواقع اتخاذ القرار والقريبين من النظام) إلا أن السيدة جيهان قد فاجئتني وفاجئت محاورها والمشاهدين حين تحدثت عن جماعة الاخوان ، فقد أكدت السيدة الفاضلة أن زوجها كان من المحبين لجماعة الإخوان المسلمين وأنها كانت هى أيضا من المتحمسين جدا لجماعة الإخوان المسلمين خاصة من الناحية الدينية والدعوية والاجتماعية وانها في سن الثانية عشر كانت تجمع اموالا بسيطة من أسرتها واصدقائها وتذهب بها الى منزل حسن الهضيبي أحد رموز الجماعة والذي كان مجاورا لمنزل اسرتها وتعطيه هذه الأموال دعما ومساعدة للاعمال التي تقوم بها الجماعة حيث أكدت ان جماعة الاخوان كانت من اكثر الجماعات تاثيرا في المجتمع واعلت شأن الدين واكدت على مظاهر التكافل الاجتماعي خلال هذه الفترة.
كما اشارت ايضا في كلامها الى تلك العلاقة الوثيقة التي جمعت بين الإخوان ورجال الضباط الأحرار وخاصة عبد الناصر مع عدم تأكيدها أو نفيها لعلاقة زوجها بالجماعة هذا بالاضافة الى ملاحظتها حول العمل السياسي للإخوان والتي رأت انه قد قلل من دور الجماعة المؤثر في المجتمع من الناحية الدينية والاجتماعية.
هذا الكلام ان كان ليؤكد لنا شيئا فإنما يؤكد لنا على مدى عظمة الهدف والغاية التي انشئت من اجلها هذه الجماعة وان الكثيرين من الشعب المصري كانوا من المتفاعلين مع هذه الجماعة نظرا لوسطيتها ومبادئها التي هي من مبادئ الاسلام الحنيف وكيف أن وجود هذه الجماعة بيننا حتى لو اجتماعيا فقط هو السبيل الوحيد لإصلاح هذا البلد وازدهاره .)
المحور الثالث
المحور الثالث: القائل بتعاطف السادات مع الإخوان يتبناه الاستاذ/ محمد حامد أبو النصر المرشد العام الرابع لجماعة الإخوان المسلمين من تعاطف السادات مع قضية الإخوان المسلمين وأوامرة للحرس فى المعتقلات بالمعاملة الكريمة معهم وقرارة بعد ذلك بالإفراج عنهم ،حيث قال الأستاذ المرشد محمد حامد أبو النصر : ومما يجدر ذكره، أن السادة الضباط كانوا يعاملوننا معاملة طيبة مليئة بالرأفة والرحمة، منذ أول يوم تولى فية الرئيس محمد أنور السادات مقاليد الحكم .
على مستوى الجمهورية، ومن ثم كون فريقاً رياضياً للاعبي كرة القدم، وكان جميعة من الإخوان المسلمين.
ثم يقول الأستاذ المرشد العام الرابع لجماعة الإخوان المسلمين / محمد حامد أبو النصر: في عام 1970 أمر السادات بالإفراج عنا حيث تم ترحيلنا على دفعات إلى سجن مزرعة طرة،توطئة للإفراج عنا، وهذا السجن، كانت حجراته واسعة، تسع أكثر من عشرين سجيناً، وكانت المعاملة لا بأس بها وفي هذا السجن تم لقاء بين مجموعة من ضباط المخابرات وبين جميع الإخوان المسلمين المسجونين في هذا السجن، وكان لقاءً أشبه بالحوار المفتوح بين الإخوان، وضباط المباحث، فقد عرض الإخوان أفكارهم ودافعوا عن دعوتهم وجماعتهم بصراحة ووضوح، ولم يجعلوا من أسوار السجن حائلاً دون توضيح موقفهم، وشرح رسالتهم من يوم أن أسست جماعتهم، وأنهم سيظلون حاملين راية الإسلام، ويدافعون عنها، ويحمونها بأكرم ما يملكون من أعز المهج والأرواح، وكان هذا الوضوح والبيان دون لف أو دوران محل إعجاب واستغراب ضباط المباحث وغرابتهم وانتهى اللقاء، وبدأ الإفراج عنا على دفعات بأوامر من السادات الذى كان مقتنعا بقضيتنا ونبل غايتنا.
هكذا يكون السادات قد أفرج عن جميع كوادر وقيادات الإخوان المسلمين ، والغريب أن هذا الافراج جاء مع أول عام لتولية الحكم ، مما يؤكد عند غالبية الباحثين أن السادات كان مقتنعا بقضية الإخوان قبل توليتة الحكم وهذا الإفراج السريع عن الإخوان المسلمين فى أول عام لتولى محمد أنور السادات الحكم كان علامة إستفهام كبيرة عند باحثين أخرين.
وهناك رواية للسادات تؤكد على هذا التعاطف وجأت على لسانه فيما أعلنه السادات شخصيا في مقاله الذي يحمل عنوان “نحن والإخوان المسلمون” وأعلن بوضوح الرئيس السادات:أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة سامية الأهداف نبيلة الأعراض!
ويقول محمد أنور السادات أيضا فى هذا المقال: “ونحن كمسلمين نفهم ديننا على حقيقته، وندرك حدود تعاليمه، نرى الإسلام مجموعة من الفضائل لا يكمل الدين الحق إلا بها جميعًا، وتنطوي تحت لواء هذه المجموعة من الفضائل؛ الفدائية والصدق والاستقامة والوطنية والنأي بالوطن عما يفرق كلمة بنيه، ويعرضه لنيران الفتن، ولهذا كنا أحرص الناس على بقاء جماعة الإخوان المُسلمين لاعتقادنا أنها جماعة صالحة تدعو لدين الله ولما رسمه الإسلام من أخلاق كريمة ترفع شأن المسلمين وتعزز مجدهم وهي نفس المبادئ التي اعتنقناها عن إيمان ويقين؛ لا لأنها مبادئ الإخوان المسلمين، بل لأنها مبادئ الإسلام نفسه التي يجب أن يتمسك بها كل مسلم، فإذا جاء اليوم هذا النفر الذي أراد أن ينحرف بهذه الجماعة الصالحة عن أهدافها الصالحة، وزعم أننا نحارب الإسلام حين نحاربها، فلن يجدوا من يصدق زعمهم، فنحن لسنا الذين نبيع ديننا بدنيانا، ونحن لسنا الذين نحرص على جاه أو منصب، بعد أن قدمنا رؤوسنا وأعناقنا نفتدي بها مصر.
واستطرد السادات في مقاله قائلاً: “إن جماعة الإخوان المسلمين هي جماعة سامية الأهداف نبيلة الأغراض ولكنها ــ ككل هيئة أو جماعة ــ تضم بين صفوفها بعض من تنطوي نفوسهم على دخل وليس عجبًا أن يظهر أمثال هؤلاء في هذه الجماعة الصالحة، فقد ابتلي الإسلام بمثلهم في مستهل دعوته، وأبتلي الرسول بمثلهم من الموهنين وضعاف العزائم والناكصين على الأعقاب ومُحبي الجاه والسلطان أمثال أبي سفيان، فليس عجبًا أن بين هذه الجماعة المؤمنة بعض ضعاف الإيمان أو بعض الساعين إلى الجاه والسلطان وحين يطغى الغرض الذاتي على الهدف النبيل، فمن الواجب على كل مسلم أن يجنب المسلمين شر هذه الفتنة وهذا ما فعلناه لا لحماية أنفسنا بل لحماية الدعوة النبيلة والقصد والكريم، بل ولحماية الإخوان أنفسهم ممن فرضوا عليهم “السمع والطاعة” هذا هو رأينا فليجادلنا فيه من يؤمن بقوله تعالى :( إدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن، إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) صدق الله العظيم …)
المحور الرابع
المحور الرابع: القائل بأن السادات كان واحدا من الإخوان المسلمين ابنته السيدة/ رقية السادات فى المفأجئة التى كانت من العيارالثقيل التى أعلنتها السيدة/رقية السادات نجلة الرئيس السابق محمد أنور السادات وكاتمة أسرارة في حوارها مع (ولاد البلد) تكشف رقية السادات أشياء في حياة أبيها، وكذلك تتحدث عن مذكراتها التي تكتبها منذ ربع قرن وتؤكد فى هذة المذكرات أن والدها محمد أنور السادات كان من الإخوان المسلمين .
تقول السيدة/ رقية السادات: فارق السن كان بسيطا بيننا ولم يتعد 23 عاما، ولذلك فالعلاقة التي نشأت بيني وبين والدي كانت حميمة للغاية، وكأنني اخترته واختارني، فالعلاقة ليست بنوة وفقط، وإنما كانت علاقة إخوة وصداقة، كما كان لي بمثابة الأخ والصديق والابن والحبيب، وكنت في كثير من الأحيان أشعر بأنني أمه وتوأم روحه، حيث كان يجمعنا التصاق روحي عجيب.
ومذكراتي سوف تكشف المستور في حياة الرئيس وفي مماته، وإلا كيف تكون مذكرات وهي لن تسرد جديدا؟، حياة الرئيس فيها الكثير مما لا يعلمه الناس خلاف ما ذكرت، وقد بدأت في كتابتها عندما استشهد الرئيس الراحل أنور السادات، ومازلت أدون فيها حتى هذا الوقت، وسوف تصدر قريبا في السوق وأتوقع أن ُتحدث ضجيجا فور صدورها فهذة المذكرات سوف تحمل الكثير عن علاقات والدي بالقوي السياسية الموجودة آنذاك أو ما يسمي بالجبهة الداخلية، وعلي رأسها جماعة الإخوان المسلمين.
وتقول السيدة/ رقية السادات كما أفرد في هذه المذكرات جزء كبيرا عن الرئيس المؤمن في تدينه وصومه الثلاثة أشهر الحرم، واعتكافه في مسقط رأسه بميت أبو الكوم طوال شهر رمضان، وتسجيله للقرآن الكريم بصوته علي شرائط كاسيت، علاوة عن الحديث عن انضمامه لإحدى شعب الإخوان المسلمين وحديثة بأنه كان واحدا من الإخوان المسلمين …)
حقيقة حدث خلاف بين الباحثين حول شخصية محمد أنور السادات هل كان مع الإخوان أم ضد الإخوان ، وهل كان متعاطفا معهم أم كارها لهم ،وهل كان واحدا منهم أم لها ؟
كلها تخمينات من قبل من عرضوها ولانستطيع الجزم الا بالمنطق ولنا نحن أن نستنتج حقيقة هذة العلاقة بين السادات والإخوان المسلمين ، فلربما أتى التاريخ لنا فى يوم من الأيام بالقول الفصل
يتبقى لنا أن نعرف كيف مات محمد أنور السادات وهل كانت علاقته بالإخوان المسلمين سبباً فى موته؟
وفاة محمد أنور السادات
هناك العديد من الروايات حول وفاة السادات حيث أن محمد أنور السادات تم إغتيالة فى حادث المنصة يوم 6 أكتوبر عام 1981م ، وقد ركز الباحثون على روايتين للإغتيال:
الرواية الأولى
تقول أن خالد الإسلامبولي هو المخطط والمنفذ الرئيسي لعملية الاغتيال، ترجل من سيارته أثناء العرض بعد إجبار سائقها ، والذي لم يكن مشتركا في العملية على إيقاف السيارة، ثم اتخذ طريقه بشكل مباشر نحو المنصة وهو يطلق النار بغزاره على الصف الأول مستهدفا السادات، وبالفعل استطاع توجيه رصاصات نافذة إلى صدر السادات بشكل عام وقلبه بشكل خاص وكانت من أسباب وفاته ، أصيب في ساحة العرض وتم القبض عليه ومحاكمته ومن ثم إعدامه رميا بالرصاص بعد ذلك .
عبود الزمر: شارك في تخطيط و تنفيذ في عملية الاغتيال وهو الذي اختار فكرة الهجوم بشكل مباشر على المنصة من الأمام من خلال عدة بدائل كانت مطروحة آنذاك منها مهاجمة المنصة بواسطة إحدى طائرات العرض العسكري أو مهاجمة استراحة السادات أثناء إقامته فيها ، وصدر عليه حكمان بالسجن في قضيتي إغتيال السادات (25 عاما) وتنظيم الجهاد (15 عاما)وقد قررت المحكمة في 2007 التنحي عن النظر في الاستشكال الذي تقدم به عبود الزمر.
حسين عباس: قناص بالقوات المسلحة ، كان ضمن فريق الاغتيال المنفذ للعملية وكان يجلس فوق سيارة نقل الجنود التي كانت تقل فريق التنفيذ ، وانتظر حتى حصل على فرصة اقتناص السادات وبالفعل أطلق طلقة واحدة اخترقت رقبة الرئيس الراحل وكانت من الأسباب الرئيسية لوفاته، وبعد قنص السادات ترجل من السيارة وتابع ما حدث لزملائه من خلال تسلله إلى منصة المشاهدين ثم رحل كأي شخص عادى ولم يتم القبض عليه إلا بعد ثلاثة أيام من خلال إعترافات زملاؤه تحت التعذيب وهم كلا من عطا طايل و عبد الحميد عبد السلام. ..)
الرواية الثانية
تقول بأن أغلب الكتب التي صدرت عن عملية اغتيال أنور السادات ركزت على الأسباب الظاهرة التي تتلخص فى عوامل الاحتقان السياسي الداخلي، خصوصا من جانب الجماعات الإسلامية المتطرفة التي يرجع الفضل له هو فى إطلاق سراحها من القمقم، ثم انقلب السحر على الساحر وخرجت هذه الجماعات لكي تغتال أنور السادات فى النهاية فى يوم 6 أكتوبر 1981 المشهود.
هناك عدد قليل من الكتب تعرض لحقيقة اغتيال أنور السادات، ولكن كلها لم تتمكن من رسم صورة كاملة لعملية اغتياله. إلا أن السوق الأمريكي شهد مؤخرا صدور كتابين من أهم الكتب التي تمكنت بصورة كبيرة من رسم صورة شبه كاملة لعلاقة السادات بالدوائر الأمريكية وللدور الذى لعبته فى اغتيال أنور السادات فى 6 أكتوبر 1981.
الكتاب الأول هو: كتاب “لعبة الشيطان” الذي كتبه الخبير “روبرت دريفوس” وهو المحلل السياسي الأمريكي المعروف فى شئون الإرهاب الديني فى العالم الإسلامي.

أما الكتاب الثانى فهو من أخطر الكتب التي صدرت مؤخرا فى السوق الأمريكي منذ شهر واحد فقط وانفردت بكشف أسرار مثيرة حول مشاركة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فى اغتيال أنور السادات.
اسم الكتاب هو: “مقدمة للإرهاب:أدوين ويلسون وميراث شبكات المخابرات الخاصة الأمريكية”، ومؤلف الكتاب هو “جوزيف جي ترينتو” الذى سبق له وألف واحدا من أكبر وأهم الكتب عن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وهو كتاب -التاريخ السرى لل سى. آى. إيه-. وكان المؤلف -ترينتو- يعمل قبل 35 عاما ضابطا فى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلا أنه استقال وعمل محققا خاصا وتزوج من محامية متخصصة فى شئون قضايا هذه الوكالة.
ويرى هؤلاء الباحثين فى مؤلفاتهم أن المخابرات الامريكية تخلصت من السادات لسببين:
السبب الاول:
إغتيال السادات
بصراحة يقول جوزيف ترينتو فى كتابه “مقدمة للإرهاب” إن السادات راح ضحية تحالف حفنة من أكبر السياسيين المصريين الفاسدين الذي التفوا حوله منذ منتصف السبعينيات وقربهم إليه، إلا أنهم استغلوا هذه العلاقة وكونوا شبكة فساد ونفوذ وبيزنس مع شبكة خاصة داخل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وكان قد كشف عن هذه المجموعة الفاسدة الإخوان المسلمون.
وكان اكتشاف السادات لهذه العلاقات قبل بضعة أيام من اغتياله قد أصابه بالذهول وكان ينوى التخلص من هذه الشبكة المصرية الأمريكية، إلا أنها تغدت به فى ظهيرة 6 أكتوبر 1981 قبل أن يتعشى هو بها بعد مرور هذا اليوم أو حتى فى ساعات مسائه بعد انتهاء العرض العسكري.
ويذكر جوزيف ترينتو فى كتابه أسماء مذهلة عن السياسيين الفاسدين المحيطين ب أنور السادات- ويذكر تحالفهم المشبوه مع الشبكة الخاصة التى تكونت داخل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والتي كشفها للسادات الإخوان المسلمون وقد كانت ويا للعجب هذه المجموعة من الفاسدين هي المسئولة عن النظام الأمني الخاص الذي وضعته لأنور السادات كانت هذه الشبكة ومعها السياسيون المصريون الفاسدون تعرف بخطة جماعة الجهاد لقتل السادات، فقررت استغلالها حتى تتخلص من السادات الذي كان قد أصبح فى ذلك الوقت عبئا على جهات عديدة، ويبدو أن قرار موته والتخلص منه كان قد أصبح مطروحا بقوة على أجندة عدد من العواصم العالمية فى هذه الفترة العصيبة المعقدة.
إلا أن ال -سى. آى. إيه- لم تلتفت إلى الجن الذى كانت قد أخرجته من القمقم بمعرفة أنور السادات وهو جن الأصولية الإسلامية، كان كل هم الأمريكان هو استخدام السادات كرأس حربة فى حربهم الباردة ضد السوفييت، وقد حقق لهم ما أرادوه ولكن بعد إخراج جن الأصولية الإسلامية من القمقم، وهو ما قاده إلى المنصة الدامية…(16)
السبب الثاني:
خوف ال-سى. آى. إيه- المخابرات المركزية الأمريكية صراحة من تتطور علاقة الرئيس الراحل محمد أنور السادات بجماعة الإخوان المسلمين .
حيث تم كشف الكثير من اللقاءات التي كانت تتم بين كلا من السادات وأعضاء فى جماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسهم الأستاذ / محمد حامد أبو النصر وهذه اللقاءات تم رصدها من جانب المخابرات الأمريكية .
كما تم الكشف عن أن السادات قام باتخاذ الإخوان المسلمين سفراء له يقومون بدور إيجابي فى حل مشكلة العزله التى فرضها العرب على مصر بعد معاهدة كامب ديفيد فكان الإخوان يحركون المياه الراكدة بين السادات والكثير من الدول العربية والإسلامية وكانت لمساعيهم نتائج إيجابية كثيرة ، كادت أن تحقق المصالحة بين كلا من مصر والعرب ، وهو ما خشيته الولايات المتحدة الأمريكية.
كما تم الكشف عن الكثير من دراسات الجدوى لمشاريع دستورية واقتصادية كان يتبناها الإخوان المسلمون فى برنامجهم للإصلاح ، كان السادات مقتنعا بها ويريد تنفيذها مثل مشروع تعمير الصحراء .
وهو ما جعل الولايات المتحدة الأمريكية تسعى جاهدة للتخلص من الرئيس السابق محمد أنور السادات.
وفي 6 أكتوبر من العام 1981م ، تم اغتياله في عرض عسكري كان يقام بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر، وقام بقيادة عملية الاغتيال خالد الإسلامبولي التابع لمنظمة الجهاد الإسلامي التي كانت تعارض بشدة اتفاقية السلام مع إسرائيل ولم يرق لها حملة القمع المنظمة التي قامت بها الحكومة في شهر سبتمبر .
يذكر المؤلف أن المملكة العربية السعودية ممثلة فى كمال أدهم رئيس المخابرات العامة السعودية كان يقوم بدور الوسيط مابين المخابرات المركزية الأمريكية وبين جماعة الجهاد المصرية دون علم جماعة الجهاد بأن كمال أدهم عميلا للمخابرات المركزية الأمريكية ، وقد قامت جماعة الجهاد باغتيال السادات وهى لا تدرى بالدور الامريكى !!..

 

فى عهد مبارك

بعد اغتيال السادات في أكتوبر 1981 خلفه حسني مبارك والذي اتبع في بدايات حكمه سياسة المصالحة والمهادنة مع جميع القوى السياسية ومنهم الإخوان، وفي التسعينيات ظهرت حركات معارضة لحكم مبارك، ومعارضة لأعتراف حكومة مبارك مثل حكومة السادات بالصلح مع كل الدول مثل أمريكا وروسيا وإسرائيل
ويذكر أن الاخوان المسلمين خاضوا الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر عام 2005، وقاموا بالحصول علي 88 مقعد بالبرلمان رغم اتهامهم الموجه للحكومة “بأن الانتخابات شهدت تزوير” مثل بعض اتهامتهم الاخري في الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس الشورى.
وحينها قال عصام العريان أحد قادة الجماعة أنه في حال حكم الإخوان مصر “فانه سيتم تعزيز الحريات العامة بمختلف أشكالها، وتحقيق أكبر قدر من التماسك والتضامن الاجتماعي” كما ذكر أنه سيتم الحرص على تقوية ماسماها “الوحدة الوطنية ونزع فتيل التوترات الطبقية والحفاظ على المساواة الكاملة وتكافؤ الفرص بين الجميع على قاعدة المواطنة الكاملة والوقوف بكل قوة ضد ماوصفها الليبرالية المتوحشة” كما أشار إلى حماية من سماهم “الضعفاء اجتماعياً” خاصة المرأة والأقباط والأطفال وغيرهم على قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات أمام الدستور والقانون]
تقوم أجهزة الامن المصرية من آن لآخر بالقبض على مجموعات وأفراد من الإخوان المسلمين ومصادرة أموال وأجهزة الكومبيوتر الخاصة بهم وغلق شركات ومحال تجارية المملوكة لمنتمين للجماعة ووضعهم تحت الحبس الاحتياطي أو رهن الاعتقال وذلك وفقاً لقانون الطوارئ الذي تم العمل به منذ تولي مبارك السلطة في 1981، والذي يتيح للأمن المصري متابعة المشكوك بهم ووضعهم تحت المراقبة الي الوصول للجاني الحقيقي. يتعرض الأخوان لحملات اعتقال موسمية ومنتظمة من قبل أجهزة وزارة الداخلية في مصر، وهي الحملات التي يصفها الاعلام الرسمي بأنها ضربات إجهاضية[بحاجة لمصدر].
نجح الإخوان المسلمون في مصر في الحصول على 88 مقعدا في مجلس الشعب (البرلمان المصري) في الانتخابات النيابية التي جرت في ديسمبر من عام 2005م حيث اشتركوا في الانتخابات بصفتهم مستقلين وليسوا أعضاء في التنظيم، بالرغم مما شاب هذه الانتخابات من أعمال عنف أدت إلى مصرع 12 شخصا على الأقل وتدخل أمني عنيف لإسقاط المرشحين خصوصا من مرشحي الجماعة وهو الأمر الذي شهدت به منظمات المجتمع المدني والهيئات القضائية المشرفة على الانتخابات. وجدير بالذكر أن هذا الرقم يعادل 5 أضعاف العدد الذي حصلوا عليه في برلمان عام 2000م، إلا أنه في الوقت نفسه يعادل أكثر من 6 أضعاف الفائزين من كل أحزاب المعارضة في نفس الانتخابات ليصبحوا بذلك أكبر قوة معارضة في البلاد للحزب الحاكم بنسبة 20% من مقاعد البرلمان. ومن المثير أن الاخوان لم يرشحوا أعضاءا لهم في كل الدوائر بل أكتفوا ب 150 مرشحا إلا أنهم حصدوا 35% من إجمالي الأصوات في البلاد، ونجح بهذا أكثر من نصف قائمتهم. والجدير بالذكر أنهم دخلوا هذه الانتخابات دونما تحالف مع أي من الأحزاب تحت لواء جماعة الأخوان المسلمون صراحة وشعار (الإسلام هو الحل)، وهو ما أثار جدلا واسعا في الشارع السياسي المصري خصوصا بين نخبة المثقفين.
وكأحد صور المشاركة السياسية اللاحزبية ترشح الإخوان لنيل عضوية مجالس النقابات المهنية في مصر رافعين شعار (الإسلام هو الحل). وقد إكتسحوا نقابات المحامين والمهندسين والأطباء والصيادلة والعلميين إلا أن الدولة جمدت معظم أنشطة هذه النقابات ووضعتها تحت الحراسة أو منعت فيها الانتخابات مما أدى إلى استمرار مجالسها النقابية بلا تغيير مثلما حدث في نقابة الأطباء والتي يديرها الآن مجلس توفي نصف أعضائه تقريبا بسبب تهديد الدولة بوضع النقابة تحت الحراسة ان أجرى مجلسها أي انتخابات فيها على أي مستوي
..
تعداد الإخوان
ذكر د.عبد الحميد الغزالي المستشار السياسي للمرشد أن عدد الإخوان في مصر وصل إلي 15 مليون إخواني منهم 10 مليون يسمون إخوان عاملين والخمسة مليون الآخرون مؤيدون لأفكارها وذلك في حوار له مع صحيفة المصري اليوم بتاريخ 29 أكتوبر 2009م :«نحن في مصر، والحمد لله، وصلنا إلى رقم 15 مليون إخوانى، حيث يوجد 10 ملايين يسمون «إخوان عاملين» قي الجماعة، بينما الخمسة الآخرون مؤيدون لأفكارها، وهذه ليست أمانى ولكنها إحصائيات، أما عن عدد الإخوان خارج مصر فلا أعرف الرقم بالضبط.]»
وفي حوار المرشد العام د.محمد بديع مع التلفزيون المصري بتاريخ 29 مايو 2011رفض المرشد الإفصاح عن عدد أعضاء جماعة الإخوان، واعداً بالإعلان عنها “عندما يكون هناك سجلات يُسمح بها ولا يكون جراء تقديمها ضرر لأحد”، مشيراً إلى أن العدد يفوق بكثير رقم 750 ألفاً الذي أعلنته جريدة الأهرام قبل الثورة.]
وفي تقرير لجريدة الشروق المصرية بتاريخ 30 مايو 2011 قالت أن مصدر إخواني مطلع ذكر أن عدد المنتسبين للجماعة إلى 861 ألف عضو بين درجتى عامل ومنتظم، مشيرا إلى أن هذا الرقم لا يشمل عدد الإخوان من درجات تنظيمية أخرى، وهى المنتسب (الذي يحق له التصويت في الانتخابات الداخلية ولكن لا يمكنه الترشح، ولا يستوجب عليه دفع الاشتراك الشهرى)، كما لم يشمل تحديد ما يعرف بالمحبين الذين تصل أعدادهم إلى مئات الآلاف، مشيرا إلى أن عدد أعضاء الجماعة بجميع درجاتها التنظيمية قد يصل إلى مليونى عضو.]
وقد ذكر المحامي مختار نوح القيادي السابق المنشق عن الجماعة في حوار مع صحيفة المصريون بتاريخ 29 يونيو 2011 أن أعضاء الإخوان يقدرون ب 500 ألف عضو].
يوجد اختلاف في إحصاء عدد الإخوان في مصر نظرا لأنه لا يوجد في الوقت الحالي تعداد رسمي لأعضاء الجماعة، والتي يتعرض أعضاؤها للاعتقال والمحاكمة بتهمة الانتماء إليها، ولكن تشير دراسة قام بها ضياء رشوان من مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية إلى أن عدد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في مصر يتراوح حاليا “ما بين 2 مليون و2.5 مليون شخص”، وقال رشوان “أنه حدد هذا الرقم بناء على المقارنة بين الإحصائيات التي كانت متاحة لعدد أعضاء الاخوان في الأربعينات ونسبتها مع عدد السكان وقتها وعدد السكان حاليا”.]
وفي تقرير عن رصد قوة القوى السياسية في مصر لجريدة الأهرام المصرية بتاريخ 8 أكتوبر 2005 والذي اتخذ من انتخابات دورة 2000 مقياسًا لهذا الرصد؛ حيث أوضح أن حجم أنصار الإخوان يصل إلى 750 ألف عضو].

من جهة أخرى ذكر الدكتور عبد الستار المليجي وهو قيادي سابق بجماعة الإخوان المسلمين تم فصله من الجماعة في حوار صحفي أجراه مع جريدة المصري اليوم في 25 يوليو 2008، أن مجموع عدد جماعة الإخوان المسلمين لايتجاوز 100 ألف شخص “بالمحبين والمتعاطفين وجيران المحبين والمتعاطفين” حسب وصفه، كما أكد أن الإخوان العاملين لايتجاوزون 5 آلاف من الإخوان، منهم 85 أعضاء في مجلس شوري الجماعة. كما ذكر أن هناك نحو 10 محافظات مصرية لايوجد بها إخوان على الإطلاق
وقد اتى على قيادة الجماعة مرشدون قادوا الجماعة الى الان كل منهم له فترته التى تميزت عن اخراها بكل احداثها :
) حسن البنا: المرشد الأول ومؤسس الجماعة (1928 – 1949)
) حسن الهضيبي: المرشد الثاني للجماعة (1949 – 1973)
) عمر التلمساني: المرشد الثالث للجماعة (1973 – 1986)
) محمد حامد أبو النصر: المرشد الرابع للجماعة (1986 – 1996)
) مصطفي مشهور: المرشد الخامس للجماعة (1996 – 2002)
) مأمون الهضيبي: المرشد السادس للجماعة (2002 – 2004)

) محمد مهدي عاكف: المرشد السابع للجماعة (2004 – 16 يناير 2010)

هو حزب مصري تم قبول تأسيسه في 6 يونيو 2011 ، ويتبنى أيدولوجية الاسلام السياسي، فبعد أيام قليلة من تنحي الرئيس المصري السابق حسني مبارك إثر ثورة 25 يناير أعلن الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين عن تأسيس الجماعة لهذا الحزب كما أعلنوا أن ذلك الحزب مفتوح لكل المصريين مسلميه وأقباطه .
تاريخ نشأة الحزب :
تعود أولي إشارات الجماعة لتأسيس حزب سياسي إلى عام 1996 إلا أنه تلت تلك الإشارة عملية اعتقالات في صفوف الجماعة ومحاكمات عسكرية لأعضائها. وبعد فوز الجماعة بنسبة 20% من مقاعد مجلس الشعب المصري عام 2005 قامت جماعة الإخوان المسلمين في عام 2007 بالإعلان عن برنامج لحزب سياسي -لكنها لم تعطه اسما في ذلك الوقت- وتم توزيع مسودة لبرنامج الحزب على عدد من الشخصيات السياسية بمصر والخارج، وقد أثار ذلك البرنامج ردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض ومتحفظ لأن الحزب هو امتداد سياسي لحركة الاخوان المسلمين الغير مؤيدة عند بعض الناس ولكن يبقى لها مؤيدوها الكثيرين والمنتشرين في جميع أنحاء العالم.
وبعد ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك أعلنت الجماعة تأسيس حزب الحرية والعدالة واختارت الدكتور محمد سعد الكتاتني -رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين في مجلس الشعب 2005- وكيلا للمؤسسين.
وبعد ذلك تم اختيار محمد مرسي رئيساً للحزب، وعصام العريان نائباً للرئيس، ومحمد سعد الكتاتني أميناً عاماً. كما تم اختيار المفكر المسيحي رفيق حبيب نائبا لرئيس الحزب.
الأسس التى قام عليها الحزب
1. مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسى للتشريع مما يحقق العدل في سن القوانين وفى التطبيق وفى الأحكام مع الإقرار لغير المسلمين بحقهم في التحاكم إلى شرائعهم فيما يتعلق بالأحوال الشخصية.
2. الشورى هي جوهر الديمقراطية وهي السبيل لتحقيق مصالح الوطن حتى لا يستبد فرد أو فئة بالتصرف في الأمور العامة التي تتأثر بها مصالح الشعب.
3. الإصلاح الشامل مطلب مصري والشعب هو المعنى أساسًا بأخذ المبادرة لتحقيق الإصلاح، الذي يهدف إلى إنجاز آماله في حياة حرة كريمة ونهضة شاملةوحرية وعدل ومساواة وشورى.
4. الإصلاح السِياسي والدستوري والإصلاح الأخلاقى هما نقطة الانطلاق لإصلاح بقية مجالات الحياة كلها.
5. المواطن هو هدف التنمية الأول، وهذا البرنامج يستهدف بناء الإنسان المصري الذي يمتلك مقومات وأدوات التقدم. ولذلك فهو حجر الزاوية وأداة التغيير فبإصلاح الإنسان يتم الإصلاح.
6. الحرية والعدالة والمساواة منح من الله للإنسان، لذا فهي حقوق أصيلة لكل مواطن بغير تمييز بسبب المعتقد أو الجنس أو اللون مع مراعاة ألا تجور حرية الفرد علي حق من حقوق الآخرين أو حقوق الأمة، وأن تحقيق العدل والمساواة هو الهدف النهائي للديموقراطية في النظام السياسي الذي نطالب به.
7. كفالة كافة حقوق المواطن وخاصة حق المواطن في الحياة والصحة والعمل والتعليم والسكن وحرية الرأى والاعتقاد.
الأهداف التى يرجو الحزب تحقيقها :
1. تحقيق الإصلاح السياسي والدستوري وإطلاق الحريات العامة وخاصة حرية تكوين الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وإقرار مبدأ تداول السلطة طبقًا للدستور الذي يقره الشعب بحرية وشفافية.
2. اعتبار الأمة مصدر السلطات، والشعب صاحب الحق الأصيل في اختيار حاكمه ونوابه والبرنامج الذي يعبر عن طموحاته وأشواقه.
3. نشر وتعميق الأخلاق والقيم والمفاهيم الحقيقية لمبادئ الإسلام كمنهج تعامل في حياة الفرد والمجتمع.
4. تحقيق دولة المؤسسات التي تعتبر سيادة القانون عنوان الحياة الإنسانية المتحضرة الرشيدة.
5. النهوض بالاقتصاد المصري بإحداث عملية تنمية اقتصادية متوازنة ومستدامة.
6. توفير الحياة الكريمة للمواطن وتأمين الاحتياجات والخدمات الأساسية له (المأكل – الملبس – المسكن الصحة- التعليم – وسائل الانتقال)
7. الارتقاء والاعتناء بالتعليم والبحث العلمى باعتباره أحد أهم الوسائل في بناء المواطن والنهوض بالاقتصاد والتنمية.
8. الاهتمام بقطاع الشباب بالعمل على حل مشكلاته وإكسابه الخبرة وتوظيف طاقاته التوظيف الأمثل وإشراكه في إدارة شئون الدولة.
9. بناء الإنسان المصري بناء متكاملا روحياً وثقافياً وعقلياً وبدنياً بما يحفظ عليه هويته وانتماءه.
10. تعزيز الأمن القومي ببناء وتطوير القوة الشاملة للدولة في النواحي السياسية والاقتصادية، والعسكرية والاجتماعية والثقافية، بما يؤهلها للقيام بأدوار فاعلة على المستويين الإقليمي والدولي، وفق هويتنا الحضارية، وباستجابة لما تفرضه التطورات الدولية من تحديات.
11. الحفاظ على البيئة وحمايتها من مصادر التلوث ومن استنزاف الموارد والعمل على تحسينها وضمان استدامتها، حفاظا على حقوق الأجيال القادمة.
12. بناء نسقٍ من العلاقات الدولية يُحقق التواصل الإنساني، بين الشعوب بعيداً عن كل أشكال الهيمنة. ويحقق تفاعل وتكامل الحضارات لصالح البشرية.
13. استعادة الدور الريادي لمصر في محيطها الإقليمي والعربي والإسلامي والعالمي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق