في عام 1940 اختفى 20 الف عسكري بولندي بلا اثر في اراضي الاتحاد السوفيتي و بقيت قصة هذه الماساة محاطة بالكتمان على امتداد عشرات السنين كان يخاف ان يتحدث عنها حتى اقرباء المفقودين. من اعطى امرا بابادة العسكريين البولنديين و متى اعدموا على وجه التحديد و ماذا يستطيع ان يقول الان اولئك اللذين بقوا صامتين اكثر من 50 سنة و لماذا احيطت بالكتمان الظروف المتعلقة بكارثة كاتين كل هذه المدة. هذا الفيلم الوثائقي يتحدث عن المأساة التي حصلت في غابة كاتين.
الادارة الاجنبية- الاراضي الواقعة ضمن روسيا
الحرب العالمية الاولى
المسألة البولندية
التدخل البولندي الجديد
كاتين
قبيل الحرب العالمية الثانية
الحرب العالمية الثانية
بولندا ما بعد الحرب
المشاكل الحالية بين موسكو ووارشو
التعاون التجاري-الاقتصادي
روسيا وبولندا – دولتان جارتان لهما صفحات من التاريخ المشترك، مأساوية كانت او مضيئة. ونسرد ادناه المراحل الاساسية في تاريخ العلاقات الثنائية.
في مطلع التاريخ كانت هناك علاقات بين القبائل السلافية كالتبادل التجاري والزواج، كما حصلت بينها صدامات، تؤكدها الحفريات الاثرية. وكما تقول الوثائق التاريخية الروسية و البولندية. وتعززت العلاقات الثقافية مع ظهور الدول السلافية في القرنين التاسع والعاشر.
وكانت بداية القرن السابع عشر فتره مظلمة بالنسبة لروسيا، وذلك بسبب موضوع وريث العرش. فبعد
وفاة القيصر ايفان الرهيب ظهر من ادعى بأنه ابنه – دمتري، الذي فعليا توفى وهو طفل. وحصل بعض من هؤلاء على دعم اجنبي وخاصة من بولندا. وتوغلت القوات البولندية في روسيا بذريعة تقديم المساعدة لدمتري الاول - الكذاب (المزيد من التفاصيل عن دميتري الاول الكذاب على موقعنا) ، و من ثم لدمتري الثاني- الكذاب واحتلت موسكو. ولكن المقاومة الشعبية الروسية تمكنت من تحرير العاصمة وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1612 وقع البولنديون وثيقة الاستسلام.
الحرب الروسية-البولندية -1654-1667 . خسرت بولندا كييف و كل المناطق شرقي نهر الدنيبر.
وفي نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر كانت بولندا مقسمة بين الدول الاوربية. وفي سنة 1764 تمكنت يكاتيرينا الثانية امبراطورة روسيا من فرض انتخاب محسوبها (حبيبها) ستانيسلاف افغوست بونياتوفسكي ملكا لبولندا (1764-1795). وكما تبين كان بونياتوفسكي اخر ملوك بولندا.
القرن الثامن عشر- تقسم بولندا بين بروسيا وروسيا والنمسا. واخيرا في 24 اكتوبر/تشرين اول 1795 اختفت بولندا من خارطة اوروبا كدولة مستقلة.
.
الادارة الاجنبية- الاراضي الواقعة ضمن روسيا
بعد هزيمة نابليون وافق مؤتمر فيينا على تقسيم بولندا. واعلنت كراكوف مدينة حرة –جمهورية تحت الحماية الثلاثية للدول التي قسمت بولندا (1815-1848) : حيث سلم الجزء الغربي من امارة وارسو الى بروسيا واصبحت تسمى امارة بوزنان العظيمة(1815-1846)، اما الجزء الاخر فاعلنت مملكة (المملكة البولونية) وربطت بالامبراطورية الروسية . وفي شهر نوفمبر/تشرين ثاني عام 1830 انتفض البولنديون ضد روسيا ولكنهم لم يفلحوا. والغى نيكولاي الاول قيصر روسيا دستور المملكة البولونية وبدأ عمليات الاضطهاد. وفشلت ايضا انتفاضات سنوات 1846 و 1848 و1963. ومع تطور الرأسمالية في روسيا ازداد ت روسنة المجتمع البولندي. وتحسنت الاوضاع بعض الشئ بعد ثورة 1905 في روسيا. واشترك النواب البولنديون في اربعة دورات للدوما الروسية (1905-1917) مطالبين بالحكم الذاتي لبولندا .
الحرب العالمية الاولى
قسمت الحرب العالمية الاولى الدول التي انهت بولندا، فروسيا حاربت ضد المانيا و الحلف النمساوي - الهنغاري. لقد فتحت هذه الوضعية امكانية تقرير المصير للبولنديين.
المسألة البولندية
لقد وعد القيصر نيقولاي الثاني في 14 اغسطس/اب عام 1914 في وثيقة رسمية بانه بعد نهاية الحرب سوف يوحد اجزاء بولندا الثلاث في دولة ذات حكم ذاتي، ضمن الامبراطورية الروسية. ولكن في خريف عام1915 احتلت المانيا والنمسا-هنغاريا الجزء الاكبر من بولندا الروسية ،وفي 5 نوفمبر/تشرين ثاني عام 1916 اعلن ملكا الدولتين عن قيام المملكة البولندية في الجزء الروسي من بولندا. وفي 30 مارت/مارس عام 1917 بعد ثورة شباط في روسيا اعترفت الحكومة المؤقتة بحق بولندا في تقرير المصير. وفي 6 اكتوبر/تشرين اول عام 1918 اعلن مجلس الوصاية البولندي عن تشكيل الدولة البولندية المستقلة، وفي 14 نوفمبر/تشرين ثان منح يوسف بيلسودسكي كل السلطة في البلاد. وفي هذا الاثناء كانت المانيا قد استسلمت و انحل حلف النمسا وهنغاريا وفي روسيا كانت الحرب الاهلية.
التدخل البولندي الجديد
في 21 ابريل/نيسان عام 1920 عقد بيلسودسكي اتفاقا مع بيتلورا قائد اوكراينا وبدأ هجوما بهدف تحرير اوكراينا من البلاشفة . وفي 7 مايو/ايار احتل البولنديون كييف، ولكنهم في الثامن من يونيو/حزيران بدأوا بالانسحاب امام الجيش الاحمر. وفي نهاية يوليو/تموز كان البلاشفة على اطراف وارشو. الا ان البولنديين تمكنوا من الدفاع عن عاصمتهم ورد البلاشفة، وبهذا انتهت الحرب. في 18 مارت/مارس عام 1921 حصل اتفاق ريغا الذي تضمن مساومة حول الاراضي والذي اقره مؤتمر السفراء في 15 مارت/مارس عام 1923(المزيد من التفاصيل عن الحرب السوفيتية البولندية على موقعنا).
قبيل الحرب العالمية الثانية
احتل هتلر في مارت/مارس عام1939 جيكوسلوفاكيا وقدم ادعآت حول حدود بولندا. وفي 23 اغسطس/اب 1939 تم توقيع اتفاق عدم الاعتداء بين المانيا و الاتحاد السوفييتي، وتضمنت الوثائق السرية الملحقة تقسيم بولندا بين المانيا و الاتحاد السوفييتي. وبعد ان ضمن هتلر حياد الاتحاد السوفييتي بدأ في 1 سبتمبر/ايلول 1939 هجومه على بولندا فكانت بداية الحرب العالمية الثانية.
كاتين
.
في ربيع 1940ابيد بأمر من وزارة الداخلية السوفيتية اكثر من 4 آلاف ضابط بولندي ادخلوا الى الاراضي السوفيتية خريف 1939 واقتيدوا الى غابة كاتين. لقد كشف عن هذه الوثائق من الارشيف الخاص بالحزب الشيوعي السوفييتي عام 1992 وسلم قسم منها الى الجانب البولندي من قبل الرئيس الروسي بوريس يلتسين. وتفيد هذه الوثائق بأنه في مناطق مختلفة من اراضي الاتحاد السوفييتي السابق ومن ضمنها كاتين (مقاطعة سمولينسك) تم اعدام اكثر من 20 الف جندي و ضابط بولندي رميا بالرصاص.
كانت اراضي مقاطعة سمولينسك بحلول فبراير/شباط عام 1943 محتلة من فبل القوات الالمانية. وشكل الألمان فريقا للتحقيق اعلن انه عثر عن 10 آلاف عسكري بولندي اعدمهم منتسبو المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية في الاتحاد السوفيتي.
وبعد تحرير سمولينسك عام 1943 بدأ الجانب السوفيتي بتحقيقه الخاص. وعلقت اللجنة الخاصة بالتحقيق بملابسات ما حدث المسؤولية عن جرائم ارتكبت في غابة كاتين على الجانب الالماني.
ونشرت صحيفة "برافدا" السوفيتية في ابريل/نيسان عام 1940 الاسف العميق الذي يعبر عنه الاتحاد السوفيتي بصدد مأساة كاتين ووصفتها بانها احدى الجرائم الفظيعة التي ارتكبها نظام ستالين. يوجد في روسيا ساسة وصحفيون يميلون الى التأكيد على فرضية طرحتها الحكومة السوفيتية آنذاك. وبينهم فريق المؤرخين "حقيقة كاتين" الذين يؤكدون واقع اعدام المخابرات السوفيتية ل 3 آلاف فقط من الاسرى البولنديين .ويرى اولئك ان الكثير من الاسرى قتلوهم الهتلريون. اما قسمهم الاكبر فماتوا في معتقلات الاسرى.
قد قدمت مجموعة من اقارب الضحايا الذين اعدموا في كاتين الدعاوي الى المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان بطلب اعتراف بكونهم ضحايا للاضهادات السياسية وحمل روسيا على دفع تعويضات لقاء ذلك. ويتخذ الكثير في روسيا موقفا سلبيا من محاولة الجانب البولندي لحمل روسيا على تولي المسؤولية عن مأساة كاتين بسبب ان المواطنين السوفيت هم ايضا سقطوا ضحايا للاضطهادات. وان روسيا المعاصرة لا يمكن ان تعتبر نفسها مسؤولة عن جرائم نظام ستالين.
وتطالب وارشو بالسماح لها بالاطلاع الكامل على وثائق الارشيف الخاصة بهذا الموضوع الموجودة في روسيا، وتطالب مجموعة من السياسيين البولنديين موسكو بتقديم اعتذار رسمي بخصوص كاتين.
وفي كاتين ايضا تم اعدام حوالي 10 الاف مواطن سوفييتي. وهؤلاء كالبولنديين هم ضحايا الاضطهاد الستاليني. وتم اقامة نصب تذكاري في ضواحي كاتين، حيث تزوره وفود من الجانبين لاحياء ذكرى هؤلاء الضحايا.
.
في حين لم يتم اقامة اي نصب تذكاري للجنود الروس الذين قتلوا اثناء الحرب العالمية الاولى و اثناء الحرب السوفيتية – البولندية 1919-1920 على الاراضي البولندية. كما ان بولندا لم تعتذر عن مقتل اسرى الحرب الروس في معسكرات بيلسودسكي في تلك الفترة.
وقع يوم 10 ابريل/ نيسان عام 2010 مصرع الرئيس البولندي ليخ كاشينسكي وعقيلته والوفد المرافق له وجميع ركاب الطائرة البالغ عددهم 88 شخصا بالاضافة الى 8 افراد للطاقم في تحطم طائرة من طراز "تو- 154" عند هبوطها في مطار "سيفرني"العسكري في ضواحي سمولينسك غرب روسيا.
وكان الرئيس البولندي يقوم بزيارة خاصة للمشاركة في الذكرى السبعين لضحايا مأساة كاطين ، وبرفقته على متن الطائرة كبار موظفي الدولة والسياسيين البولنديين من ضمنه رئيس أركان الجيش فرانشيسك غاغور وحاكم البنك المركزي سلافومير سكجيبك.
يذكر ان أن ظروف الرؤية كانت ضعيفة بسبب الضباب الكثيف و أن الطائرة القادمة من العاصمة البولندية وارسو ارتطمت بقمم الاشجار اثناء هبوطها قبل ان تصل الى مدرج المطار بـ 500 متر،مما ادى الى سقوطها وتحطمها الى اجزاء. وقد بذلت السلطات الروسية كل ما في وسعها للتحقيق في ملابسات هذا الحادث المأساوي وسلمت كل ما يخص هذا الحادث من الادلة الى السلطات البولندية الامر الذي ساعد كثيرا في تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين.
وقامت اللجنة الفنية التابعة للجنة الطيران الدولية بالتحقيق في ملابسات الحادث الجوي. واتخذ الجانب الروسي خطوات لم يسبق لها مثيل في اطارعملية التحقيق في حادث الطائرة، وسلم الجانب البولندي 60 مجلدا للوثائق ومعطيات سجلتها اجهزة التسجيل في الطائرة المنكوبة.
.
وافادت رئسة لجة الطيران الدولية بان السبب المباشر لوقوع الحادث الجوي هو عدم اتخاذ الطاقم للقرار بالهبوط في مطار احتياطي في الظروف الجوية السيئة. واضافت اللجنة ان هبوط الطائرة جرى في ظروف عدم رؤية اشارات التوجيه الارضية. ولم يرد طاقم الطائرة كما يجب على تحذيرات منظومة "Taws " للانذار المبكر، الامر الذي ادى الى وقوع الكارثة.
الحرب العالمية الثانية
بعد هجوم المانيا على الاتحاد السوفييتي في 22 يونيو/حزيران 1941 قامت حكومة بولندا في المهجر تحت ضغط بريطانيا بتوقيع اتفاق مع الاتحاد السوفييتي. وعلى اساس هذا الاتفاق تم اعادة العلاقات الدبلوماسية بين بولندا و الاتحاد السوفييتي، الغاء الاتفاق السوفييتي –الالماني بخصوص تقسيم بولندا، اطلاق سراح جميع الاسرى والمهجريين البولنديين وسماح الاتحاد السوفييتي استخدام اراضيه لتشكيل الجيش البولندي. الا ان الحكومة السوفيتية لم تنفذ جميع بنود الاتفاق، اذ لم تعترف بالحدود البولندية – السوفيتية ما قبل الحرب واطلقت سراح جزء من البولنديين المحتجزين في المعسكرات السوفيتية.
في 26 ابريل/نيسان عام 1943 قطع الاتحاد السوفييتي العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة البولندية في المهجر معترضا على طلب الاخيرة من منظمة الصليب الاحمر الدولي التحقيق في مقتل الضباط البولنديين في كاتين. لاحقا قامت السلطة السوفيتية بتشكيل نواة للجيش والحكومة الشيوعية لبولندا. واثناء مؤتمر طهران المنعقد في نوفمبر/تشرين ثاني- وديسمبر/كانون اول عام 1943 بحضور كل من القائد السوفييتي ستالين والرئيس الامريكي روزفيلت و رئيس وزراء بريطانيا تشرتشل تم الاتفاق على ان الحدود الشرقية لبولندا يجب ان تمر بخط كيرزون (تقريبا تطابق الحدود المقرره في الاتفاق السوفيتي – الالماني عام 1939).
في يناير/كانون ثاني عام 1944 عبر الجيش الاحمر الحدود البولندية ملاحقا القوات الالمانية المتقهقره ،وفي 22 يوليو/تموز تم في ليوبلين بدعم من الاتحاد السوفيتي تشكيل اللجنة الوطنية لتحرير بولندا، وفي 5 يناير/كانون ثاني عام 1945 اصبحت تسمى الحكومة المؤقتة لجمهورية بولندا.
في مؤتمر يالطا المنعقد للفتره من 4- 11 فبراير/شباط عام 1945 اعترف كل من تشرتشل و روزفلت بضم الجزء الشرقي من بولندا الى الاتحاد السوفييتي، متفقين بذلك مع ستالين بان بولندا سوف تحصل على تعويضات على حساب الاراضي الالمانية غربا. وفي اغسطس/اب 1945 اثناء مؤتمر بوتسدام تم الاتفاق على ان الجزء الجنوبي لبروسيا الشرقية واراضي المانيا الواقعة شرق نهري اودر ونييس تصبح تحت الادارة البولندية. كما ان الاتحاد السوفييتي قدم 15% من مجموع 10 مليار دولار التي على المانيا المنهزمة ان تدفعها كتعويضات .
بولندا ما بعد الحرب
وفي ظروف تواجد قطعات من الجيش الاحمر على الارض البولندية تمكن الاتحاد السوفييتي بدون اية مصاعب من تسليم السلطة الى الشيوعيين البولنديين. والاتحاد السوفييتي، كما في زمن ستالين، كذلك فيما بعد كان له تأثيرا قويا على السياسة الداخلية في بولندا. وفي السنوات الاولى التي تلت الحرب (زمن ستالبن ) كان وزير الدفاع البولندي المارشال السوفييتي قسطنطين روكوسوفسكي، كما شغل عسكريون سوفييت اخرون مناصب مهمة في الجيش البولندي.
.
وانضمت بولندا عام 1949 الى مجلس التعاون الاقتصادي الذي انشأه الاتحاد السوفييتي . وفي سنة 1955 اصبحت بولندا عضوا في معاهدة وارسو العسكري. وفي السنوات الاخيرة للاتحاد السوفييتي ظهرت، كما في بولندا، كذلك في جميع بلدان اوربا الشرقية امزجة معادية للشيوعية والتي ادت الى وصول قوى سياسية جديدة الى السلطة. بعد انهيار الاتحاد السوفييتي تشكلت علاقات معقدة بين بولندا و روسيا و هذا مرتبط بشكل اساسي بعدم تمكن الطرفين من اجتياز صفحات الماضي.
المشاكل الحالية بين موسكو ووارسو
.
منذ سنة 1991 حيث اعترفت جمهورية بولندا بروسيا كوريثة شرعية للاتحاد السوفييتي ، شهدت العلاقات البولندية -الروسية ازمات مختلفة. ففي سنوات التسعينات تمثلت بازمة تاشيرات الدخول (الفيزا) وطرد الدبلوماسيين الروس من بولندا و دخول بولندا حلف الناتو . وبعدها الخلافات حول مسألة كاتين( حيث يطلب الجانب البولندي فتح ملفات الارشيف الخاصة باعدام اكثر من اربعة الاف ضابط بولندي ) و دور بولندا في الحرب العالمية الثانية. وتأزمت العلاقات بسبب منع روسيا استيراد اللحوم و الخضروات من بولندا (لان نوعيتها لاتطابق المواصفات الدولية). مقابل هذا في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2006 استخدمت بولندا حق النقض(الفيتو) ضد المباحثات بين روسيا و الاتحاد الاوربي حول الاتفاقية الاساسية ، واقترحت على الاتحاد الاوربي فرض عقوبات على روسيا. كما انها في شهر مايو/ايار من سنة 2007 عارضت دخول روسيا الى منظمة التعاون و التطور الاقتصادي.
و في عام 2007 اصبحت مسالة نشر عناصر منظومة الدفاع الامريكية للصواريخ في بولندا موضوعا جديدا في العلاقات الثنائية,حيث عارضت روسيا بشدة هذه المسألة. و خلال سنوات 2005-2007 رفضت بولندا دعم العلاقات الثنائية مع روسيا على مستوى عال.
وحصل تحسن في العلاقات عام 2007 بعد تعيين دونالد توسكا رئيسا للوزراء في بولندا ، حيث سحبت بولندا الفيتو على توقيع اتفاقية التعاون بين موسكو و الاتحاد الاوربي وكذلك غيرت موقفها الرافض للمباحثات لدخول روسيا الى منظمة التعاون و التطور الاقتصادي .وفي عام 2007 رفعت روسيا الحظر المفروض على استيراد اللحوم البولندية .و جرت الجولة الاولى من المباحثات الروسية-البولندية في شهر يناير/كانون الثاني عام2008 في وارسو حول موضوع منظومة الدفاع. و خلال زيارة دونالد توسكا الى موسكو في شهر شباط /فبراير عام 2008 تم التوصل الى اتفاق مبدئي حول اعادة عمل اللجنة الخاصة بمسألة التعاون الستراتيجي بين روسيا و بولندا التي يترأسها وزيرا خارجية البلدين وتشارك فيها مجموعة مختصة بالمسائل المعقدة النابعة من تاريخ العلاقات الروسية-البولندية .و تتطابق وجهات نظر الطرفين حول مواضيع ضمان استقرار المنطقة و التطور الاقتصادي و امن الحدود و محاربة الجريمة المنظمة.
قام الرئيس الروسي دميتري مدفيديف بزيارة بولندا في 6 ديسمبر/كانون الاول عام 2010 واجرى المحادثات مع نظيره برونيسلاف كوموروفسكي. وقال مدفيديف في اعقاب المحادثات ان روسيا قدمت منذ وقت قريب لبولندا مجلدات كبيرة جديدة تضمت ملفات ارشيفية حول "قضية كاتين" في الوقت الذي اتخذت الدوما الروسية بيانا وصفت فيه هذه الواقعة بـ "جريمة النظام الستاليني". واكد مدفيديف على "استمرار هذا النهج" و "عدم الحياد عنه.
التعاون التجاري-الاقتصادي
تدخل بولندا ضمن الدول العشرة ذات العلاقات التجارية الضخمة مع روسيا على المستوى العالمي ، اما على المستوى الاوروبي فتحتل المرتبة الرابعة. وتحتل روسيا المرتبة الثانية بعد المانيا في العلاقات التجارية مع بولندا .ويتطور التبادل التجاري بين البلدين بشكل ديناميكي ، فخلال سنوات 2002-2007 ازداد تقريبا ثلاث مرات ووصل الى 18 مليار دولار, وفي عام 2008 وصل الى 27,2 مليار دولار (تصدير-20,2 مليار دولار واستيراد -7 مليارات دولار)
وتستورد بولندا من روسبا قبل كل شئ النفط و الغاز (اكثر من 90%) وبلغت كمية النفط المصدرة الى بولندا عام 2008 اكثر بقليل من 20 مليون طن, و الغاز - 8 مليارات متر مكعب. وسوف يزداد هذا الحجم بمقدار 2-3 مليار متر مكعب عام 2010. وشركة "غازبروم" الروسية هي المستثمر الرئيسي، اضافة الى ذلك هناك شركات عاملة في بولندا ذات رأسمال روسي مئة في المئة مثل "لوك اويل-بولسكا" ، و "ليدا" لانتاج اشرطة التغليف الرقيقة، و شركة "سنيشكا" لانتاج الحلويات و شركة "انتال بولسكا" لانتاج شاحنات ذات حموله صغيرة .
.
و مؤخرا اصبح تصدير الماكنات و المعدات من بولندا لروسيا موقعا متميزا حيث بلغ اكثر من 46%من حجم الصادرات ، وقبل كل شيء على حساب منتجات بناء ماكنات النقل، الصناعات الكيمياوية و صناعة الادوية (اكثر من 20%),والمواد الغذائية (اكثر من 10%).كما تصدر بولندا الى روسيا المعادن والمنتجات المعدنية والاقمشة والاخشاب والورق والمواد ذات الاستخدام الواسع. وتم في روسيا تسجيل اكثر من 1200 شركه ذات رأسمال روسي - بولندي مشترك. وتستمر بولندا في استثماراتها في الاقتصاد الروسي حيث ان 95% منها هي استثمارات مباشرة. و حسب معطيات البنك الوطني البولندي بلغ مقدار الاستثمارات البولندية في روسيا 525 مليون دولار خلال الربع الاول من سنة 2009 . واكبر مشروع تمويلي بمشاركة شركات بولندية حققته شركة (غرايفو) حيث تم بناء مصنع لانتاج صفائح الخشب المضغوط في مدينة فيليكي نوفغورود, وبلغ حجم الاستثمارات 130,1 مليون دولار.
وتتطور بشكل ديناميكي علاقات بولندا مع مقاطعة كالينينغراد حيث سجلت حوالي 600 مؤسسة روسية-بولندية مشتركة .وبلغ التبادل التجاري بين مقاطعة كالينينغراد وبولندا في السنوات الاخيرة 700 مليون دولار ، منها حوالي 100 مليون تصدير و حوالي 600 مليون دولار استيراد.
وتم في سنة 1992 تشكيل لجنة روسية- بولندية مشتركة في مجال التعاون الاقتصادي و التجاري (كان اخر اجتماع لهذه اللجنة في شهر مارس-اذار سنة 2009 في وارشو) اضافة الى هذه اللجنة تعمل اللجنة الدائمة في مجال النقل، و كذلك مجالس التعاون بين مقاطعة كالينينغراد و سانت- بطرسبورغ مع المقاطعات (الولايات) البولندية ، كما تعمل غرفة التجارة و الصناعة الروسية-البولندية المشتركة.
وقعت روسيا وبولندا في اعقاب المحادثات التي اجراها الرئيسان مدفيديف وكوموروفسكي يوم 6 ديسمبر/كانون الاول عام 2010 في وارسو على 7 اتفاقيات تعاون من بينها اتفاقية تعاون بهدف تحديث الاقتصاد، وقعت عليها وزارة التطوير الاقتصادي الروسية ووزارة الاقتصاد البولندية، واتفاقية حكومية للتعاون في قطاع مكافحة تلوث بحر البلطيق بالنفط وغيره من المواد المضرة، كما وقع الجانبان على بيان للتعاون بين دائرتي النيابة العامة في البلدين وكذلك على تكثيف التبادل الشبابي بين روسيا وبولندا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق