أحمد عثمان يكتب :تساؤلات حول اتهام أحمد شفيق بإهدار المال العام
-
- الثلاثاء , 18 سيبتمبر 2012 12:14
وذلك بتسهيله استيلاء جمال وعلاء مبارك - نجلي الرئيس السابق - على أرض تملكها الدولة. وأمر القاضي بضبط شفيق الموجود الآن بإمارة دبي وإحضاره وحبسه احتياطيا على ذمة القضية. ولما كان قرار الاتهام لم يقدم دليلا واحدا على صحة أي من هذه الاتهامات، فقد ثارت التساؤلات عن وجود سبب سياسي وراء اتهام شفيق بسبب ترشحه لانتخابات الرئاسة. صحيح أن جمال وعلاء حصلا بالفعل على أرض تابعة للجمعية التعاونية لضباط الطيران، لكن شفيق لم يكن هو الذي منحهما هذه الأرض، التي هي ملك لتعاونية الطيارين وليست ملكا للدولة بل، لم يستول عليها ولدا مبارك بل قاما بشرائها بعقد قانوني جرى تسجيله.
ففي ثمانينات القرن الماضي قامت شركة «قناة السويس» بحفر قاع القناة لتعميق مجراها، فكونت الرمال التي أخرجتها الكراكات مساحة من الأرض على حافة القناة، تمتد على شكل لسان طويل إلى جانب مطار كبريت الحربي. ووجد الضباط الطيارون في هذه الأرض فرصة لبناء مساكن خاصة لهم. كوّن الطيارون جمعية تعاونية فيما بينهم تقدمت بطلب إلى وزارة الزراعة لشراء الأرض، وتم تسديد قيمتها بعد موافقة الوزارة. فحصل الضباط على الأرض وفقا لعقد مبرم بين الجمعية التعاونية لبناء مساكن الضباط الطيارين بالقوات الجوية وأسرهم وبين الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة، فأصبحت ملكا لجمعية الضباط وليست ملكا للدولة.
وبصفته قائدا سابقا لسلاح الطيران، كان حسني مبارك – الرئيس المصري السابق – هو وولداه أعضاء في هذه الجمعية، كما كان الفريق أحمد شفيق عضوا فيها. وعندما طرحت الجمعية الأرض أمام أعضائها للشراء في تسعينات القرن الماضي، تقدم علاء وجمال لشراء 30 ألف متر مربع في الجزء الواقع عند الحافة البعيدة عن المطار. في هذه المرحلة عندما قام ولدا الرئيس السابق بشراء أرضهما كان اللواء نبيل شكري هو رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية وهو الذي تولى التعاقد معهما، وعندما أصبح شفيق رئيسا للجمعية في 1995 وافق على إضافة عشرة آلاف متر مربع – مساحة الأرض المتبقية – لتكون مقرا للحرس الجمهوري في حال قام علاء وجمال ببناء مسكنيهما وأقام الرئيس معهما في نفس الموقع.
إذن الأرض التي حصل عليها ولدا الرئيس السابق لم تكن من المال العام، كما لم يكن أحمد شفيق مسؤولا عن إتمام عملية الشراء ولم يحصل على أي ربح منها. ولما كان باقي أعضاء الجمعية التعاونية لم يعترضوا على تصرفات رئيس مجلس الإدارة، فلا يحق للحكومة التدخل في إجراءات البيع والشراء. وفي حال وجود مخالفة في تصرفات مجلس الإدارة، فإن الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان هي الجهة المختصة بالتحقيق في هذه المخالفات وليست النيابة العامة. وعلى هذا لا يكون هناك ما يستدعي إحالة أحمد شفيق أو غيره لمحكمة الجنايات بسبب هذه العملية، حتى لو خالفت اللوائح التي تحكم عمل الجمعيات التعاونية.
ومما يشير الى الطبيعة السياسية لهذا الاتهام أن مجلس الشعب المنحل أصدر قانون العزل السياسي في 24 أبريل (نيسان) الماضي بهدف واحد، هو منع شفيق من الترشح لرئاسة الجمهورية. وعندما سمحت لجنة الانتخابات لشفيق بالمشاركة في الانتخابات على الرغم من صدور هذا القانون، تقدم عصام سلطان - عضو مجلس الشعب السابق - ببلاغ يتم فيه شفيق بتسهيل استيلاء ولدي مبارك على 40 ألف متر من أراضي الدولة، من دون وجه حق. ويعتبر سلطان – على الرغم من استقالته من جماعة الإخوان لتكوين حزب سياسي باسم الوسط – أكثر المتشددين في محاربة التيار المدني في السياسة المصرية.
كان الفريق أحمد شفيق رئيسا لأركان القوات الجوية ثم أصبح وزيرا للطيران المدني لمدة تسع سنوات، وبعد نشوب ثورة 25 يناير (كانون ثاني) اختاره الرئيس مبارك رئيسا لوزراء مصر لمدة 35 يوما. وبينما يعترف الجميع بنجاح شفيق في عمله بوزارة الطيران، لم يصدر أي اتهام له بالقيام بأعمال تربحية أو تصرفات خارجة على القانون في تسيير أعمال وزارته. وكما يقول المثل المصري: «ما لقوش في الورد عيب قالوا أحمر الخدين».
كان من الممكن أن ينتهي الأمر عند حد الصراع السياسي دون أن تؤخذ الاتهامات على محمل الجد؛ حيث إن النائب العام نفسه لم يتمكن من تحديد الجريمة التي يوجهها إلى شفيق، فطلب من وزير العدل انتداب محقق يتولى تقييم الأدلة. وعندما اختار وزير العدل المستشار أسامة الصعيدي للتحقيق في الموضوع، تمكن سيادته من اعتبار عملية بيع أرض الطيارين جريمة قام بها أحمد شفيق وآخرون، وأحالها لمحكمة الجنايات لتحديد موعد لنظر الدعوى. فهل يعود شفيق من دبي لمواجهة القضاء في مثل هذه الظروف؟!
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق