أبوالصواريخ...القصة الكاملة لـ«أبوخليل» الرجل المجهول في التنظيمات الجهادية بجبل الحلال
«جبل الحلال» بسيناء فقط هو الذي باح بأسراره التي سننشرها لأول مرة وكيف عاش وما دوره في العمليات العسكرية بليبيا قبل سقوط القذافي وكيف نقل الرجل مسرح العمليات من ليبيا غرباً إلي شبه جزيرة سيناء شرقاً وأخيراً كيف مات ولماذا لم تعلن الأجهزة الأمنية حتي الآن عن تصفيته؟!.. رغم أن التخلص من شخص مثل أبوخليل يمثل «ضربة قاصمة» للتنظيمات الجهادية نظراً لأهمية وخطورة الرجل والمهام المعقدة التي أجاد تنفيذها.
نقطة الانطلاق مع الرجل المجهول «أبوخليل» لن نبدأها بشكل تقليدي عن نشأته وكيفية دخوله إلي التنظيمات الجهادية وما إلي ذلك من المقدمات الأرشيفية المملة ولكن يكفيك عزيزي القارئ أن تعلم أن أبوخليل يلقب داخل التنظيمات الجهادية بـ«أبوالصواريخ» وبالتأكيد فإن الاسم له مدلول واضح وعميق فقد أتقن الرجل منذ وقت مبكر كيفية صناعة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدي ونبغ في ذلك ومن هنا كانت الضرورة لدي هذه التنظيمات أن يظل أبوالصواريخ شخصية «هلامية» يجب إخفاء كل شيء عنه بل ويحظر ذكر اسمه والأخطر من ذلك فإن من يتورط داخل التنظيمات في ذكر اسمه حتي بعد وفاته فإنه يستحق القتل ولا نخفي سراً علي قرائنا الأعزاء أن لدينا أسماء مهمة كنا نرغب في ذكرها خلال هذه السطور لولا خشيتنا عليهم من عمليات التصفية الانتقامية من داخل التنظيم.
«أبوخليل» تعرض لإلقاء القبض عليه من قبل الأجهزة الأمنية في مصر رغم كل هذه الإجراءات الاحترازية إلا أنه تم إلقاء القبض عليه دون أن يعلم أحد أنه «أبوالصواريخ» الذي يبحث الموساد عنه بأي وسيلة وبأي ثمن.
دخل «أبوخليل» أحد السجون شديدة الحراسة قبل الثورة كانت صحته قد تدهورت وظهرت علي ملامحه علامات الزمن من الشحوب والارهاق والتعب وظن الرجل أن نهايته ستكون خلف القضبان ولن يري النور مرة أخري.
خشي الرجل علي تنظيمه الجهادي أكثر من خشيته علي حياته ظل يفكر في زنزانته كيف يكون له رجل يخلفه ليكمل مشواره في صناعة الصواريخ التي لا يعرفها غيره في التنظيم فانطلق الساحر الكبير ليعلم إخوانه في زنزانته السحر.. نعم شهدت جدران زنزانته محاضرات مكثفة لبعض رفاقه علمهم فيها كيفية صناعة الصواريخ وكشف لهم عن سر خطير وهو أنه استطاع خلال السنوات الأخيرة تصنيع صواريخ تحمل رؤوساً نووية وهو ما أثار الرعب في قلوب الإسرائيليين الذين يعدون المناورات وبروفات العمليات الكارثية في كل يوم وليلة تخوفاً من تعرض الموانئ الصهيونية لقصف بأحد صواريخ «أبوخليل».
ضعفت ذاكرة الرجل داخل السجن فحاول أن يكثف من محاضراته وكان يأمر كل رفاقه بتمزيق أي أوراق أو أي دليل علي ما يتدارسونه خلف القضبان حتي دقت عقارب ثورة 25 يناير وانطلقت جماعات جهادية مدربة وقامت بتحرير «أبوخليل» من زنزانته هو ورفاقه لتحدث المعجزة التي لم يتخيلها أبوالصواريخ.. ها هو رجل حر يعود إلي ساحات الجهاد -حسب اعتقاده- دون مطاردات من أباطرة الأمن الذين غابت شمسهم إلي الأبد.. وها هي الساحة أمامه ورجاله مفتوحة لتنفيذ عمليات علي نطاق واسع.
ولكن فور نزول الجيش المصري إلي الشارع صدرت الأوامر لـ«أبوخليل» ورجاله بأن مسرح عملياتهم سينتقل إلي ليبيا لأن هناك ثورة مسلحة لإسقاط القذافي تنال دعماً دولياً وبالفعل كان لخلية أبوالصواريخ دور بارز في إدارة ترسانة السلاح هناك وعرف «أبوخليل» خريطة الأسلحة داخل الأراضي الليبية الشاسعة بل وحفظها عن ظهر قلب.
وبعد إسقاط القذافي والقضاء عليه لم يعد أمام «أبوخليل» ورجاله سوي سيناء ملاذاً آمناً لنقل مسرح العمليات إليها خاصة أن المناخ بات مهيأ أكثر من ذي قبل.
وإلي أرض الفيروز انتقل الرجل وبرفقته كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة ولم يتكبد في ذلك أي عناء بسبب الانفلات الأمني الذي انتشر في تلك الفترة.
ولأن «أبوخليل» كان عليماً ببواطن سيناء وخبيراً بدروبها وجبالها فلم يجد منزلاً أفضل من جبل الحلال الحصين فهو مكان ذو طبيعة خاصة ولا يحتاج إلي إجراءات احترازية لأن طبيعة الجبل توفر لـ«أبوخليل» ورجاله الحماية إلي جانب أن هذا الجبل تتوافر بداخله عدة مراكز استراتيجية ونقاط متميزة يمكن استغلالها في اطلاق صواريخ علي العدو الأول «إسرائيل» خاصة موانئ «حيفا وإيلات» وعندما فشلت إسرائيل في مواجهة هذه الهجمات لم تجد أمامها بداً من استغلال بعض فرق المخابرات الإسرائيلية المستعربة التي تجيد اللغة العربية وتتحدث بطلاقة وتجيد أيضاً تجنيد بعض العناصر الفلسطينية لاختراق سيناء وإثارة الفوضي بداخلها ودفع الجيش المصري للتدخل وتخليصها من شبح أبوالصواريخ ورفاقه.
نجح المخطط الإسرائيلي واختلط الحابل بالنابل علي أراضي سيناء الشاسعة ما بين تنظيمات جهادية وأخري تكفيرية وثالثة سلفية معتدلة وما بين هذا وذاك توجد قبائل بدوية تدفع فاتورة هذه الصراعات خاصة بعد دخول الفرق الإسرائيلية الاستخباراتية المستعربة التي تستهدف تكثيف عمليات التخريب في سيناء وإثارة الفوضي بها.
لم يعد أمام مصر سوي العملية «نسر» لإنهاء عصور الظلام في سيناء واعادة الأمن لأهلها الذين تحملوا الحروب والتهميش والحرمان من جميع حقوق المواطنة.
ولكن مع العملية «نسر» وما حملته من أهداف نبيلة أدخلت الطمأنينة لقلوب المصريين علي مستقبل البوابة الشرقية لمصر كان المشهد مختلفاً بالنسبة للجماعات الجهادية التي نصبت من نفسها جيوشاً واطلقت الفتاوي التي تستبيح بها كل شيء.
ووسط هذه المشاهد المختلفة والمتباينة في كل شيء كان هناك مشهد متفرد وأكثر دراماتيكية وهو نهاية أسطورة أبوالصواريخ الذي لا يعرف أحد عنه شيئاً سوي عدد قليل من رجاله الثقات الذين تم تدريبهم ليخلفوه.
ففي إحدي الغارات الجوية لرجال القوات المسلحة البواسل تم قصف ممرات جبل الحلال لتسقط إحدي القذائف علي أبوالصواريخ «أبوخليل» فيسقط الرجل جثة متفحمة ويوفر علي رجاله عناء تغيير ملامحه أو التخلص من جثته حتي لا يتم التعرف علي شخصيته أو كشف النقاب ولو عن خيط رفيع يدل علي ما وصلت إليه خليته من تقنيات في عالم التسليح خاصة أن هذه الخلية مازالت نشطة وتعمل في سيناء.
رحل «أبوخليل» دون أن يشعر به أحد ورغم أن تفاصيل حياته مليئة بالمشاهد المثيرة والخطيرة وعامرة بالأسرار والألغاز فإنه من المؤكد أن يكون هناك العديد من النماذج الأخطر والقصص الأكثر اثارة داخل هذه التنظيمات ولكنها مازالت تحمل ختم «سري للغاية» باعتبار أن هذه الخلايا والتنظيمات باتت تعمل بلغة الأجهزة الاحترافية والمؤسسات القتالية في أحيان والاستخباراتية في أحيان أخري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق