الجمعة، 18 مارس 2011

لماذا غضب السادات من مبارك قبل اغتياله في العرض العسكري؟

لماذا غضب السادات من مبارك قبل اغتياله في العرض العسكري؟


من أهم المناطق المجهولة في قصة حكم حسني مبارك لمصر 30 عاما هي قصة علاقته مع رجل الأعمال حسين سالم. رغم الجدل الشديد الذي أثير لفترة طويلة حول هذه العلاقة إلا أنه لم يتمكن أحد من كشف أسرارها بالكامل. وتتفق الصحافة الغربية على أن حكام العالم الثالث الذين يبقون في مناصبهم لفترات طويلة ويحتفظون بنفوذ هائل غالبا ما يلجأون لعدد من رجال الأعمال ويجعلون منهم مجرد واجهة يتخفون وراءها لتحقيق الثروات. يقوم الرئيس بتمكين رجل أعمال بعينه الاستيلاء على العديد من عقود البيزنس ويكون هو في الواجهة ثم يحصل منه مقابل ذلك على عمولات مالية كبيرة تسير على هذا الأسلوب. مبارك قام بتمكين حسين سالم من العديد من المشاريع في السياحة والبترول علاوة على احتكار تصدير الغاز لإسرائيل وفي المقابل ومن وراء الستار يتم استقطاع أموال وتحويلات مالية كبيرة مقابل هذا.
ومن أهم الكتب التي صدرت في الغرب هذا الكتاب الذي صدر في الولايات المتحدة في عام 2006 والذي تعرض للكثير من الأسرار في مصر. الكتاب أساسا يتعرض لوكالة المخابرات المركزية «سي إيه أيه» الأمريكية والفساد داخلها والذي أدي إلى نشوء حركات تجسس خاصة من عناصرها تسمي بـ «العناصر المارقة» وقامت هذه الحركات والعناصر بتنفيذ مصالح خاصة بها مع حكام ورجال أعمال من العالم الثالث وكانت «العربي» قد نشرت أجزاء مبسطة جداً من هذا الكتاب عند نشره لأول مرة عام 2006 واقتبست أجزاء منه عند حلول الذكري الخامسة والثلاثين من حرب أكتوبر في 2008 لأنه كان يتعرض لمسائل غامضة بدور المخابرات الأمريكية في اغتيال أنور السادات واليوم ننشر جزءا كاملا من هذا الكتاب المثير الذي قام بتأليفه «وزيف ترنيتو» وهو صحفي محقق كان يغطي وكالة المخابرات المركزية ووزارة العدل الأمريكية وقام بإجراء مقابلات مع عدد كبير من كبار المسئولين الأمريكان حول العناصر المارقة من المخابرات الأمريكية وكيف أدت لمشاكل كثيرة للولايات المتحدة كان على رأسها أحداث 11 سبتمبر وفي الجزء السابع والعشرين من الكتاب والذي جاء تحت عنوان «مقتل السادات» يكشف الكتاب العديد من الأسرار عن حسني مبارك وحسين سالم وأشرف مروان والمشير عبدالحليم أبو غزالة.
ويقول هذا الجزء في الصفحة 245 أن أنور السادات لم يكن على الدوام صديقا لأمريكا، لقد كان السادات أحد الضباط الأحرار في حركة جمال عبدالناصر التي أطاحت بالملك فاروق عام 1952 وظل قريبا من عبدالناصر طوال سنوات تحالفه مع الاتحاد السوفيتي السابق، ولكن بعد وفاة عبدالناصر كانت هناك محاولات محمومة لإزاحته من السلطة من قبل رجال عبد الناصر لشكهم في ولائه لمبادئ الرئيس الراحل. وفي هذا الوقت كانت محطة المخابرات المركزية الأمريكية في القاهرة مازالت قائمة رغم قطع العلاقات مع واشنطن بعد 1967 وكانت تعمل من السفارة الأسبانية.
ويقول الكتاب إنه عندما أصبح السادات رئيسا لمصر بعد أن كان نائبا لعبد الناصر في 15 أكتوبر 1970 بدأت محطة المخابرات الأمريكية «سي آي ايه» الموجودة في السفارة الأسبانية محاولاتها للاتصال به وكان يدير هذه المحطة اثنان من أنشط عناصر المخابرات وهما «يوجين ترون» و«توماس تويتون» ويكشف الكتاب أن «ترون» و«تويتون» كانا قد نجحا في هذه الفترة في تجنيد أشرف مروان الذي كانت له ميول غربية أمريكية وخصوصا بعد أن أصبح مقربا من أنور السادات وقد قام أشرف مروان بإمداد محطة المخابرات برئاسة «ترون» بثروة من المعلومات عن السادات وكل من كانوا يتآمرون للإطاحة به. وفي الحال قامت المحطة بإرسال برقيات لمقر وكالة المخابرات في منطقة «لا نجلي» في ولاية فرچينيا القريبة من واشنطن وأخبرتها عن طريق «أشرف مروان» باستعداد السادات للتعاون مع الأمريكان وأنه راغب في السلام ولكن الوكالة تجاهلت هذه البرقيات ثم ينتقل الكتاب بعد ذلك إلى نجاح السادات في الانقلاب على خصومه الناصريين في 11 مايو 1971 ثم قام بعد ذلك كمال أدهم رئيس المخابرات السعودية بحث السادات على التعاون مع الامريكان وقد قام السادات فعلا بالاستماع لكمال أدهم وقام بإعادة هيكلة الأوضاع حوله وبعد حرب أكتوبر أصبحت المخابرات الأمريكية ذات نفوذ هائل وفي مصر وحسب نص الكتاب فإن المخابرات الأمريكية كانت تقوم بدفع مبالغ منتظمة لعدد كبير من كبار الوزراء حول السادات علاوة على نائبه حسني مبارك الذي تعين في منصبه في ابريل 1975 وكانت وجهة نظر المخابرات والحكومة الأمريكية أنه من المهم أ لا تفقد أمريكا مصر مرة أخري مثلما حدث في عهد عبدالناصر وكلفها ذلك غاليا وانه من المهم أن تكون القيادات حول السادات وعلى رأسها نائبه مبارك على رأس من ينتفعون من الولايات المتحدة.
ويقول الكتاب إن المخابرات الأمريكية كانت تعلم أن شعبية السادات لم تكن مثل شعبية سابقه عبدالناصر في الشارع المصري ولكن في أروقة تل أبيب والرياض وكان السبب في ضحالة شعبية السادات زوجته «چيهان» بسبب تصرفاتها المنفتحة التي أغضبت الأصوليين الاسلاميين. ولذلك وضعت المخابرات الأمريكية إمكانياتها لحماية السادات من السقوط وأنفقت المخابرات الأمريكية أموالا هائلة لتوفير الحماية والحراسة الشخصية له. وفي ذلك الوقت قامت عناصر من المخابرات الأمريكية بتكوين شركة خاصة باسم «ويلسون كومباني» لتوفير الحراسة للسادات وكانت تقدم له تقريرا يوميا عن الوضع الأمني والعسكري في مصر والعالم. إلا أن هذه الشركة فشلت بالكامل في حماية السادات من محاولة الاغتيال التي تعرض لها أثناء العرض العسكري في 6 أكتوبر 1981 وتذكر أسباب كثيرة لذلك لا داعي لذكرها الآن» وكانت المخابرات تعتقد أن خليفة السادات «حسني مبارك» سيفتح تحقيقا موسعا حول عملية اغتيال السادات إلا انه لم يفعل ذلك ولم يثر الموضوع بالمرة.
ويقول مؤلف الكتاب إن مبارك لم يفتح تحقيقا في مقتل السادات ببساطة لأن مبارك كان غارقا لأذنيه في شركة «أيتسكو» ومعناها «الشركة المصرية الأمريكية لنقل والخدمات» وهي شركة كونتها عناصر من المخابرات المركزية الأمريكية والموساد الإسرائيلي علاوة على كمال أدهم رئيس المخابرات السعوديةللقيام بعليات نقل المعونات والأسلحة الأمريكية للعديد من الدول مثل أفغانستان وكانت هذه الشركة هي التي تقوم ايضا بتدريب عناصر المخابرات الأمريكية التي تقدم الحراسة الشخصية للسادات.
ويقول الكتاب إن السادات قبل إغتياله علم بأمر انخراط مبارك وعدد آخر من المسئولين حوله في هذه الشركة وانه غضب من مبارك لهذا السبب وطلب فتح تحقيق إلا أن القدر لم يمهله.
ثم يكشف الكتاب عن أن حسني مبارك ـ وعندما كان نائبا للسادات ـ كان ضالعا أيضا ومن وراء الستار في شركة كونها مصري يسمي .. «حسين سالم» وهو ضابط سابق بالمخابرات المصرية وكان اسمها «تيرسام» وهي شركة اختارتها الحومة المصرية في ذلك باعتبارها الشركة الخاصة الوحيدة المحتكرة لشحن المعونات العسكرية الأمريكية التي بدزت تتدفق على مصر بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد. ويبدو أن «مبارك» قد لعب دورا في مساعدة «حسين سالم» في تكوين هذه الشركة واحتكارها نقل المعدات العسكرية الأمريكية لمصر. وعندما ذهب حسين سالم لأمريكا للحصول من البنتاجون على ترخيص بأن تكون شركته هي شركة شحن الأسلحة الأمريكية لمصر رفض «ثون ماربود» المسئول الأمريكي عن هذا الترخيص واشترط وجود مشاركة أمريكية معه. ويقول الكتاب أن «ثون ماربود» كان قريبا جدا من حسني مبارك وكان يعرفه شخصيا كما كان على علاقة بالمشير عبدالحليم أبو غزالة الذي ان يشغل في ذلك الوقت منصب الملحق العسكري في واشنطن. ونجحت هذه العلاقات في ايجاد شريك أمريكي لحسين سالم هو «توم كلاينز» والذي كان مسئولا عن شركة «ايتسكو» وتكونت المشاركة بـ 51% لحسين سالم من خلال شركة «تيرسام» و49% شركة «ايتسكو!
وفي منتصف عام 1981 طلب السادات إجراء مراجعة حسابية لشركة حسين سالم ديترسام/أيتسكو» واكتشف المراجعون أن هناك عمليات نهب واسعة وعمولات بملايين الدولارات وأن نائبه حسني مبارك كان شريكا سريا ويتلقي عمولات من حسين سالم من وراء ظهره وغضب السادات بعدما علم أن شركة حسين سالم ومبارك قامت بعمليات نقل أسلحة لأفغانستان بدون علمه ثم جاء اغتيال السادات لكي يغلق كل الملفات الخاصة بشركة حسين سالم وحسني مبارك.
ويقول الكتاب إن وكالة لأمن القومي الأمريكية «ان اس ايه» استطاعت كشف رسائل متبادلة بين رجل مبارك الأول «حسين سالم» والذي انتقل من المخابرات مباشرة لتكوين شركة تيرسام / أيتسكو - والأكثر من ذلك اكتشفت الوكالة أن اتصال مبارك بحسين سالم كان يتم من خلال نسيبه «منير ثابت» أخو زوجته «سوزان ثابت» وكان منير ثابت رئيس سلاح التوريدات في الجيش المصري في ذلك الوقت.
ويضيف الكتاب أن حسني مبارك عندما كان نائبا للسادات عقد لقاءات عديدة مع عناصر شركة «أيتسكو» وعلى رأسهم «توم كلاينز» الذي أصبح شريكا مع حسين سالم في شركة «تيرسام» التي كانت تنقل شحنات الأسلحة الأمريكية لمصر، ويكشف الكتاب عن أن المخابرات السوفيتية «كي چي بي» والموساد الاسرائيلي والمخابرات العامة السعودية كانت على علم بصلات مبارك بعناصر شركة «أتيسكو» وهي عناصر مارقة من المخابرات الأمريكية وبدوره في تمكن صديقه حسين سالم في تكوين شركة الشحن تيرسام مع شركة «أيتسكو».
ويعتبر الكاتب أن تولي مبارك السلطة بعد السادات والتركيز في التحقيقات حول اغتيال السادات على دور الأصوليين الاسلاميين قد صرف أي أنظار عن علاقته بحسين سالم والبيزنس المشترك بينهما في نقل الأسلحة الأمريكية، ويختتم الكتاب هذا الفصل قائلا.. لقد علم السادات بفساد حسني مبارك من خلال علاقاته مع شركة «أيتسكو» وطلب التحقيق معه في هذا الأمر «كما انه من الواضح أن علاقة مبارك بشركة «أيتسكو» جعلته على علم بكافة الاجراءات الأمنية التي اتخذتها المخابرات الأمريكية لحراسة السادات من خلال شركة «ويلسون».
وفي الفصل الثامن والعشرين من الكتاب «مقدمة للإرهاب» يقول الكاتب أن المباحث الفيدرالية الأمريكية «اف بي آي» فتحت تحقيقات في أنشطة «ايتسكو» وكان هناك اعتقاد بأن المخابرات الأمريكية والشركة الأمريكية الخاصة بحراسة السادات الشخصية قد تآمرت وتساهلت من أجل قتل واغتيال السادات وأن شركة تيرسام/ ايتسكو كانت من أكبر المستفيدين من اغتيال السادات.. إلا أن المباحث الفيدرالية قررت إغلاق كل هذه الملفات حتى لا تتسبب في أي حرج لحسني مبارك الذي أصبح في ذلك الوقت رئيسا لمصر. ويختتم الكتاب قائلا أنه منذ سنوات قليلة وفي عهد بيل كلينتون حاول بعض المحققين الأمريكان بموجب قانون حرية المعلومات الحصول على الوثائق الخاصة بتعاملات شركة يترسام/ أتيسكو التي كونها حسين سالم بمساعدة حسني مبارك مع الأمريكان، إلا أن ريتشارد أرميتاج مساعد وزير الدفاع لشئون الأمن الدولي في ذلك الوقت رفض رفضا مطلقا الكشف عن هذه الوثائق لأنها كانت ستمثل حرجاً بالغاً لحسني مبارك وتخلف وعدا قطعته وزارة الدفاع على نفسها بأن لا تكشف سرية هذه المعاملات التي قام بها مبارك.
ومازالت هناك فصول من علاقة حسني مبارك وحسين سالم سوف يكشف عنها لاحقا

هناك تعليق واحد:

  1. شكرا للمعلومات القيمة
    وبداية أنا أعلم منذ زمن ان مبارك شريك فى قتل السادات حتى بمنطق المباحث دور على المستفيد
    ومبارك هو أول المستفيدين بأختفاء السادات

    ردحذف