عبيط القرية
بفتكر الموضوع ده كتير اوي وبشوف انه بيلخص حاجات بتحصل حوالينا كتير برضه .وانا لا اقصد
شخص معين احسن تفهمونى صح
. بدون الخوض في التفاصيل
هو نجم كل القرى والشخص الاشهر فيها هو اهم معلم من معالمها يعرفه الجميع ويصادقه الجميع حبيب الاطفال واضحوكة الكبار انه ذلك
الشخص المهم الهائم على وجهه فى فضاءات الكون الفسيح والقابع على حافة المجتمع , هو انسان بلا بداية ولا نهاية حين يضحك يضحك
الناس وحين يبكى يزداد ضحكهم يتفلسفون عليه وهم لا يعلمون ان الحكمة كل الحكمة تخرج من راسه الاشعث!! لابد وانكم حظيتم بلقائه
من قبل فقريتنا مليئة بأمثاله, فهم فاكهة المجالس واضحوكة الحمقى, انه (عبيط القرية) والعبيط عبارة عن وكالة انباء متنقلة فهو ينقل
اخبار البيوت الى البيوت ويحمل فى راسه ذاكرة الظل وعنده دوما الخبر اليقين فهو صاحب الابواب الخلفية والاذن المرهفة والابتسامة
الساخرة
والعبط (ان جاز التعبير)انواع فهناك صاحب العصاب والحالات النفسية وهذا الشخص عاقل لكنه معقد نفسيا غير ان الناس لا يصدقون
انه عاقل فيعاملونه على انه مجنون ومن ثم يتحول الى مجنون لكى يرضيهم ويستريح باله ولكى يستطيع ان يأكل خبزهم وطعامهم
والنوع الثانى هارب من نفسه ومن قدراته فهو انسان ضعيف لا يستطيع العمل او الزواج (او هو لايريد) وهو لا يريد ان يكون ماكينة
تشقى فى دروب الحياة فيدعى الجنون ليعيش عالة على الناس يضحك عليهم وهم يظنون انهم يضحكون عليه وبالتالى يعيش بلا مسئولية
فهو يشتم هذا ويلعن هذا وربما تحرش بالنساء وهتك الاعراض لكنهم دائما يتركونه لانه عبيط
والنوع الثالث نوع مجنون كليا ومتخلف عقليا, راسه ممسوح تماما واطرافه تتحرك بعيدا عن افكاره وهذا النوع هو الذى يلاقى اقبالا
كبيرا من الناس لانهم يظنونه ولى من اولياء الله , وفى ظنهم بعض الصحة فهو انسان عاجز لا يستطيع الكلام او المشاجرة ومثل هذا
النوع يكون دائما فى معية الله فالله سبحانه وتعالى يتكلم له ويضرب من اجله والبركة الوحيدة لهذا النوع هى اكرامه والرفق به حتى
يرضى الله عنا فان كان الناس يدخلون الجنة لانهم سقوا كلبا جرعة ماء فكيف بروح بشرية مضطربة
هذا هو العبيط بطل الشوارع وشبح الليل, يهيم على وجهه ليل نهار لاتؤذيه الذئاب ولاتخرج له العفاريت وينام جوار جحور الافاعى
والعقارب ويمشى حافيا صيفا وعارى شتاءا وجائع طوال الوقت ,لايعرف المرض ولا النوم وابتساماته دائما حاضرة بلا معنى وان كان
المعنى المختبئ فى بطنه اكبر من كل السطور الفلسفية المعقدة
من اين جاء والى اين يسير واين يختفى ثم يعود من جديد بعد غياب هذه امور يعلمها الله فيكفى ان نضحك عليه ونمنحه سجائرنا ونسرق
الحياء من وجهه الابله,دون ان نعلم انه نفس معذبة وروح مقبورة داخل جسدها لكننا حولناه لاراجوز ومصدر متجدد للاخبار يحمل
غسيلنا القذر الى الاخرين وياتى الينا برماد القدور وحين نجلس معه نتعرى من وقارنا ونخلع هيبتنا فنصير كالقرود ترقص وتقفز وهو
ينظر الينا وعلى وجهه ابتسامة بلهاء غامضة وعيناه تقلبنا من الاسفل الى الاعلى وحين تنتهى المسرحية الهزلية نخرج من جيوبنا نصف
جنيه ونضعه فى يد العبيط المتسخة ومعها سيجارة ونتنهد بقوة ونعتصر وجوهنا وتختنق الكلمات وتخرج متحشرجة حين نربت على
كتف العبيط قائلين بخشوع المجرم(ادعيلى يا بركة)
عبيط القرية
في قصة قصيره للكاتب المبدع احمد بهجت تدور احداثها في احد قرى الريف ...
في القرية عاش شاب غريب الاطوار .. غريب الملامح .. لا تخطيء العين سمات البلاهة او التخلف العقلي البادية عليه ..
يعيش في القرية منذ متى ؟ لا احد يدري لكنه دائما ماكان هناك ..
من اين جاء والى من ينتمي؟ لااحد يدري ولم يكلف احد نفسه عناء السؤال ..
اعتاد اهل القرية على وجوده كما اطلقوا عليه اسم الـ ( عبيط )
عاش العبيط في القرية ومنذ سنين .. ومنذ كان فهو يهيم في شوارعها بلا هدف محدد . . قد يقضي من وقت لآخر بعض الاعمال البسيطة للفلاحين الذين كانوا يجودون عليه احيانا بما يكفيه مؤونة السؤال .. وقد يمضي بقية وقته يلعب في ازقتها مع الصبيان .. او يساعد احدى النسوة التي يدخل بيوتهن بلا موعد او استأذان فهو للكل معروف ومامون ..وهو للحق خدوم وان طلب فهو لا يطلب الكثير ..
و بالاختصار .. فالبرغم من كونه ليس من اهلها الا انه وبالتقادم والاعتياد اصبح واحدا من القرويين هو ذلك العبيط ..
كانت الايام تمضي باهل القرية آمنة هادئة .. فما يبيتون فيه ليلهم هو ذاته مايصبحون عليه .. الى ان جاء يوم ..
استيقظت القرية باكملها على خبر مدوي ..
قتيل .. نعم قتيل ..
وتجمع اهل القرية ..
كانت جثة لاحد الفلاحين قد تمدتت على الارض فيما احاط بها مأمور المركز .. العمده .. الطبيب .. وعدد كبير من رجال القرية ونسائها
لا احد يعرف متى او كيف قتل .. لا احد يدري .. من الذي فعلها ..
وفجاه شق جموع المتجمهرين شاب اتى يركض من بعيد .. ميزته الاعين .. انه العبيط ..
دخل مابين الجموع المتناثرة حول الجثة ليخترقها ويصل الى الرجل الممدد في المنتصف ..
وبلكنة متكسره وجرأة يحسد عليها بادر الواقفين بمفاجأة افقدتهم التركيز للحظات ..
انا ( جتلته ) .. ( انا عملتهِه ) ..
ساد الصمت للحظات قبل ان تصدر ضحكة عن معاون القسم يتبعها ضحكات من بعض الواقفين ثم انفجر بركان الضحك من جميع الحضور ..
ابتسم العبيط في ( عبط ) ..
بادره المامور سائلا وهو يكتم ضحكة كادت تفلت منه ..
طيب قتلته ؟ فين الدليل ؟
دليل ؟
اهوه .. قالها العبيط وهو يرمي بطاقيته على الجثة ..
وانفجر الجيمع بالضحك رغم الموقف فيما رد عليهم العبيط بابتسامة اكثر بلاهة من سابقتها ..
في مساء ذلك اليوم لم يكن من الصعب تحديد هوية الجاني, كل من في القرية يعرف بامر الخصومة بين القتيل وبين احد الفلاحين وكان من السهل اثبات التهمه خاصه بعد ان اعترف القاتل الحقيقي بجريمته وانتهى الامر . .
مرت الايام او الشهور ويقال انها سنين التي انقضت حتى استيقظت القرية مرة اخرى على حادث جديد ..
ولم يكن بمستغرب حين تدخل عبيط القرية ليلقي بطاقيته ويكرر ذات المشهد الذي قام به في المرة السابقة .. وكما حدث سابقا كاد البعض يصدق بمسؤوليته عن الحادث لولا ان تم اكتشاف الفاعل الحقيقي هذه المرة ايضا ..
ومرت الايام وتبدل حال القرية ..
تكررت حوادث القتل حتى بات حدوثها امرا مالوفا لايثير الذعر كما كان يحدث سابقا .. واعتاد اهل القرية على اصرار العبيط الصاق تهمه القتل بنفسه في اي من هذه الحوادث حتى باتوا يعيدون له في هدوء طاقيته التي يجدونها في موقع الحدث ليستطيعوا معاينة الجثة وجمع الادلة بحثا عن الفاعل ..
وإلى الآن .. مازالت الحوادث التي تقيد ضد مجهول في القرية مستمره .. ومازال اهل القرية يتسائلون عن مصدر هذه الاحداث .. الكل مشغول .. الرجال تتسائل والنساء تتحدث فيما يمضي عبيط القرية غير عابيء او مدرك لماحوله يضحك في بلاهة يقفز في شوال دقيق قديم مكتوب عليه بحروف اجنبية ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق