هل يتحول ثوار 25 يناير إلى طغاة؟سعيد شعيب
اليوم السابع
أظن وبعض الظن ليس أثماً فى ظروفنا الحالية، أن أخطر ما يقع فيه الشعوب المقموعة أنها تتشبه بقامعها وأن الثوار يتشبهون بمن ثاروا ضدهم، فتجد رغبات استبدادية لا تقل عما كان يفعله المستبد. وتجد رغبات انتقامية لا حد لها، كلها فى الحقيقة تريد انتهاك القانون، وهى ذات الكارثة التى كان يعانى منها المصريون لسنوات وسنوات. فهل كانت ثورة 25 يناير هدفها ترسيخ القيم الديمقراطية التى كانت غائبة أم ترسيخ استبداد من نوع آخر؟
لا يمكننى الإجابة ولكن هناك مؤشرات مزعجة، أريد أن أشارك فيها القارئ الكريم منها ما يلى:
1- النظام الحاكم كان يتحدث باسم الشعب، وهذا ما تفعله القوى السياسية وما يفعله ثوار ميدان التحرير، وغيرها من الميادين، رغم أن السلطة الحاكمة لم تأتِ بانتخابات نزيهة، وكذلك الثوار، وأنا معهم، فلم يقام استفتاء حتى ندعى أن الشعب المصرى كله يريد إزاحة هذا أو ذاك من الحكم. وإذا تحدثنا عن الشرعية الثورية كما يقول البعض، فهل يقبل الثوار بعد أن يعتلوا كرسى الحكم أن يتظاهر ضدهم عدة ملايين ويزيحوهم من السلطة بـ"الشرعية الثورية" الجديدة؟
2- كنا نعانى من أن بعضاً من أفعال السلطة السابقة تنتهك القانون، والآن تجد مزاجاً عاماً يريد أن تقدم له السلطة الحاكمة قرابين من شخصيات لم تكن تحظى بقبول جماهيرى، دون أن يكون الفيصل هو مخالفتهم للقانون. ويجب أن يكون الفيصل بيننا وبين خصومنا هو مخالفة القانون، فلابد أن نسأل أنفسنا هل نريد محاكمة المهندس أحمد عز على سيبل المثال بالقانون، أم نريد التشفى من الحزب الحاكم فى شخصه، أم نريد التشفى منه هو شخصياً لأنه كان مكروهاً فى أوساط المعارضة لأسباب سياسية، وهل من حقنا معاقبة المختلفين معنا سياسياً؟
3- كثير من الدعوات تريد اختفاء الحزب الوطنى من الحياة السياسية، رغم أن هناك مؤيدين له وللرئيس مبارك من بين المصريين وحتى لو كانوا أقلية، وهذا مخالف للحرية التى يريدها الثوار وقطاعاً كبيراً من الشعب، فهل نريد الحرية لأنفسنا ونريد حرمان الآخرين منها؟
4- أصبح تأييد الحزب الوطنى والرئيس مبارك خيانة، رغم أن أبسط قواعد الحرية تجعلنا نقر بحق الآخرين فى الاختلاف، أم أننا سنفعل مثل خدام السلطة الحاكمة الذين يخونون نبلاء أعظم ثورة شهدتها مصر؟
5- خصومنا السياسيين دائما ما يلجئون للأحكام الجماعية للتشويه، فيقولون مثلاً إن ثوار 25 يناير عملاء لجهات أجنبية، وينفذون أجندة إيرانية وأمريكية.. ونحن نفعل مثلهم، نتهم كل أعضاء الحزب الوطنى بخيانة الوطن وبالفساد، ونلصق بهم كافة الجرائم. فى حين أن منهم شخصيات محترمة لم تستفد من هذا الحزب، وكانت تسعى لخدمة البلد من خلاله، وكانت تتبنى آراء تقارب آراء الثوار، وكانوا يقولونها داخل دوائر الحزب وكانوا يعلنونها للمجتمع قبل 25 يناير، منهم على سبيل المثال وليس الحصر الدكتور حسام بدراوى، والدكتور على الدين هلال، والدكتور عبد المنعم سعيد، وغيرهم كثيرين.
6- حتى لا يزايد على أحد، أنا لست عضواً فى الحزب الوطنى، ومن الذين انتقدوا ممارساته بعنف، وانتقدت ممارسات الرئيس وكثيراً من أعضاء الحزب والحكومات المتوالية وكل كتاباتى موجودة فى الصحف وعلى الإنترنت. كما أننى مع معظم مطالب ثورة 25 يناير، وأقبل رؤوس نبلائها، وأطالب بالقصاص للدماء الطاهرة التى سالت لنحصل على الحرية، وأراها أعظم ثورة فى تاريخ مصر الحديث منذ عام 1919، وسأقاتل مع ثوارها لكى نجعل مصر وطناً للحرية والعدل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق