مصير مجهول .. ورعب في إسرائيل
أضحت الثورة المصرية مثلا يحتذي به العالم بأسره، امتازت بكونها تعبيرًا عن إرادة وطنية قوية تطمح إلى حياة نقية من الظلم والفساد، رافضة كل معالم الطغيان، ثورة أعادت روح الوطنية للقلوب، ودبت الرعب في قلوب أعدائها، جاءت لتنتقل مصر من حالة إلى حالة أفضل.. هكذا حظيت الثورة باهتمام وإشادات الكتاب والمفكرون العرب، فضلا عن إشاراتهم إلى التحديات التي تنتظر مصر بعد ثورتها المجيدة.
الثورة بداية لمرحلة انتقالية تعيشها مصر
أكد الكاتب جميل مطر في صحيفة الخليج الإماراتية، أن مصر الآن تمر بمرحلة انتقال من نظام قديم إلى نظام جديد، وبخاصة في حالة مصرية، حيث النظام القديم لم يسقط تمامًا والنظام الجديد لم ينشأ ولا أحد يعرف على وجه الدقة، أو حتى التقريب، شكله ومعالمه وتوجهاته، لذا أعرب عن تخوفه من أن ينتهز أصحاب المصالح في النظام القديم، أو أصحاب الأحلام المشروعة، والطموحات غير المشروعة، المصطفون في انتظار النظام الجديد، فرصة المرحلة الانتقالية، فيحاولون تمرير سياسات تخدم أغراضهم، ولا تخدم بالضرورة أهداف هذه الأمة التي ثارت لتغيير أوضاع سئمت فسادها، أو ينفذون خططًا لقيام أوضاع جديدة تنشئ نظامًا أشد قمعًا من سابقه وأكثر تبعية للخارج.
وأوضح الكاتب الدكتور صالح سليمان عبدالعظيم بصحيفة البيان الإماراتية أن من أهم الجوانب التي يجب أن يتداركها شباب الثورة المصرية الآن، هو ضرورة الدمج بين الثورة والسياسة وعدم الفصل بينهما، فقد نجحت الثورة بالـتأكيد، وحققت بعض ما تريد، لكن أمامها جوانب كثيرة لم تتحقق بعد، ولتتحقيق هذه الجوانب، فإنه من الضروري ممارسة السياسة والوعي الناضج بالمصالح ومتطلبات التحول، خصوصًا في ظل وجود العديد من التيارات السياسية المختلفة، سواء الوطنية أو الانتهازية.
فيما أشار الكاتب خلف عبد الفتاح بصحيفة الثورة السورية إلى أن من أخطر التحديات التي يمكن أن تواجهها الثورة المصرية والتونسية أيضا، حاضرًا ومستقبلاً تعرضهما لمونتاج أمريكي إسرائيلي يحرفهما عن مقاصدهما الأساسية وخلق انطباع بأنهما حركتا احتجاج لأجندة داخلية فقط أي تصحيح لأوضاع داخلية تتعلق بالمستوى المعيشي أو فضاء الحرية أو أحواض السياسة الجافة في البلدين، ولكن الصحيح أيضًَا أنهما تعبير عن رفض جماعي لسياسات خارجية أعدمت وألغت الإرادة الشعبية في تمظهرها السياسي عبر أداء مرتهن لقوى خارجية تتناقض كليًا مع نبض الشارع العام بمعنى آخر كانت الكرامة الوطنية حاضرة تمامًا، وشكلت وقودًا إضافيًا لكلتا الثورتين الشعبيتين.
وقد أكد الكاتب الدكتور عبدالمحسن حمادة في صحيفة القبس الكويتية أن هذه الثورة الشبابية المليئة بالمبادئ النيرة، استطاعت أن تحارب الفساد والطغيان والمناداة بأن الدولة هي الباقية والأفراد زائلون، حيث استطاعت خلال أيام قليلة أن تنتزع مكاسب سياسية لم تتجرأ الأحزاب السابقة على طرحها، خوفًا من انتقام النظام البوليسي المستبد، والهدف هو الوصول إلى حياة ديمقراطية حقيقية تحافظ على حقوق الإنسان وكرامته في وطنه، لافتا إلى أن هذا التحول إلى الديمقراطية في مصر لاشك سوف يؤثر عظيم الأثر على سائر المنطقة العربية.
تحديات النظام الجديدة في مصر
أشار الكاتب حسام فتحي بصحيفة الوطن الكويتية إلى التحدي الكبير الذي تواجهه الحكومة الوليدة في مصر، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة معًا، ألا وهو الحفاظ على حياة مليون ونصف المليون مصري، وأسرهم، وأطفالهم، ممن يعملون في الجماهيرية الليبية، التي قرر ملك ملوك أفريقيا أن يحولها إلى جحيم، متسائلاً في أول أزمة حقيقية تواجه «روح مصر الجديدة»؛ كيف سيتعامل النظام الجديد مع المواطن المصري؟!.. وهل سيكون على مستوى التحدي، ويتمكن من مواجهة أزمة بهذا الحجم بتحرك سريع، وتصرف حاسم يعيد للمغترب المصري ثقته في بلاده، ويعيد للمواطن المصري احترامه لجنسيته، واعتزازه بوطنيته، ويمحو من الأذهان المشهد البشع لمئات التوابيت التي كانت تعود بأشلاء أبنائنا من العراق أيام الطاغية صدام حسين دون أن يرمش لحكومتنا جفن؟!
وأشار الكاتب مأمون فندي بصحيفة الشرق الأوسط إلى أن ثورة 25 يناير كانت مثالا للثورة التي تكاتف فيها الجيش المصري مع الثورة الشعبية، لافتا إلى أن الرئيس السابق مبارك لم يستقل، بل تم عزله من قبل الجيش الذي أعلن انحيازه إلى جانب المطالب المشروعة للشعب، وجاء هذا القرار بعد جمعة الغضب يوم 28 يناير، حيث كان عدد المتظاهرين كافيا لكي تحسم القوات المسلحة المصرية أمرها، وعلى إثره قام مبارك بتعيين عمر سليمان نائبًا له، كخطوة لإرضاء الجيش وربما الشعب، ولكن مع تزايد المظاهرات المليونية في أسبوع الصمود، تم الإعلان عن تنحي الرئيس عن منصبه، لكن من يراقب سلسلة الأحداث التي مرت بها مصر الفترة الماضية يلاحظ أن مبارك تم عزله فعليا قبل إعلان تنحيه من قبل الجيش والثورة الشعبية في الشارع.
الاتجاهات الدينية في الثورة المصرية
استنكر الكاتب علي سويدان بصحيفة الرأي العام الكويتية أن تكون الثورة المصرية قد اتخذت من الدين شعارا لها في تلك الثورة، مشيرا إلى أن الشعب المصري وإن كان في غالبيته شعب مسلم، لكنه لم يُمسك بقشور الدين، وعرفَ أن الدين وعيٌ وفهم وليس شكلاً وشعارًا وتعصُّبًا، وكلُّ هذا الاتزان في الفهم تعيشه مصرُ، وتسعى له، ولم تقمْ ثورتُها على خطى الثورة الإيرانية عام 1979م.
محمد بديع مرشد الاخوانوفي شأن آخر، يتساءل الكاتب حسن عصفور في صحيفة الدستور الأردنية حول مصير "جماعة الإخوان" خاصة في مصر.. هل ستكون حركة دعوية فقط لا شأن لها بالسياسة أم ستحل كونها تشكل تعارضًا مع البُعد الديمقراطي الجديد، وهل حقيقة سيكون هناك تحول في عقلية وسلوك الحزب الجديد وانقطاع عن ممارسات سابقة إقصائية، لا تكرر مشهد المنصة، خاصة وأنهم كحركة لم تُقدِم يومًا على إحداث مراجعة نقدية لممارستهم ومواقفهم، رغم اختلافها من محطة لأخرى.. ومن بلد لآخر، سلوك سياسي يخضع للمصلحة، ولعل الموقف من الأقباط والمرأة والدولة الدينية والمعاهدة مع إسرائيل التي أعلن إخوان مصر احترامهم لتوقيع مصر عليها، مواقف جديدة لكنها لا تعني القطيعة مع القكر السابق، مع تجارب الماضي للإخوان في مصر وغير مصر.. وعليه بات السؤال الأكبر هو هل هناك تغيير جاد وجذري لإخوان مصر أم مرحلة تكيّف مع المتغيرات إلى حين.
فساد النظام القديم لايزال يفرض هيمنته
وزير الخارجيه المصري احمد ابو الغيطيرى الكاتب فهمي هويدي في صحيفة الشروق القطرية أن ثمة خللاً في قواعد المشهد السياسي يحتاج إلى تصويب، وسط مبررات ساذجة تُساق حول أسباب سبب استمرار وجود السيد أحمد أبوالغيط في منصبه كوزير لخارجية مصر، واصفا هويدي له بأنه وزير خارجية مبارك ونظامه وليس وزيرا لخارجية مصر، وأشار إلى أنه لم يسبق له أن رأى وزيرا حظي بتلك الدرجة من الرفض والمقت التي تلاحق اسم السيد أبو الغيط وسيرته، فربما- كما سيق- قُصد من بقائه طمأنة الأمريكيين والإسرائيليين في الظروف الراهنة التي لم تستقر فيها الأوضاع بعد، أو أن ثمة معونات مالية كبيرة جاهزة للإرسال إلى مصر، وإذا تم تغيير وزير الخارجية في الوقت الحالي فقد يؤدي ذلك إلى تعثر وصول المعونات.
من جهة أخرى، انتقد الكاتب حسام فتحي بصحيفة الوطن الكويتية ما فعلته وزارة الداخلية خلال اشتعال الثورة الشبابية، مشيرا إلى حجم الفساد المستشرى في وزارة الداخلية، فبدلاً من العمل على تحسين صورة ضباط وأفراد جهاز الشرطة، والعمل على إعادة تأهيلهم، ليتمكنوا من التعامل مع شعب مصر ما بعد 25 يناير، فاجأنا رجال الشرطة بإحراق جزء من وزارتهم!.. نافيا أن يكون لشباب 25 يناير يدًا في أعمال العنف والتخريب، أما متظاهرو الشرطة ممن يطلبون تعديل رواتبهم وعودة المفصولين لأعمالهم فسارعوا إلى إحراق وزارتهم!!
الأوضاع في مصر تثير تخوفات إسرائيلية
أوضح الكاتب سليم عبود بصحيفة الثورة السورية أنه على الرغم من تأكيدات المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة المصري في بيانه على احترامه لكل الاتفاقيات الإقليمية والدولية، إلا أن هذا البيان قوبل بارتياح ظاهري من قِبل قادة إسرائيل، ولكن الإعلام الإسرائيلي لم يبد ارتياحه للوضع الجديد في مصر، والشارع الإسرائيلي وفي معظمه شارع متطرف أقلقته التغييرات الجديدة الحاصلة في مصر وتونس وانعكاسها على وضعها القادم، وعلى أي حال يرى الكاتب أن مصر ما بعد سقوط مبارك غير ما كانت عليه قبل سقوطه، ومصر الحافلة بتاريخها العربي وبروح المقاومة لن تعود إلى وضع الاستسلام الذي جرها إليه نظام أنور السادات وحسني مبارك.
قناة السويسمن جانب آخر، وعن مرور سفينتين إيرانيتين من قناة السويس، والتخوفات الإسرائيلية من سماح مصر لمرورهما، ترى صحيفة القدس العربي أنه حسب اتفاقية القسطنطينية تسمح السلطات المصرية لأي سفينة ترفع علم دولة ليست في حال حرب مع مصر بالمرور عبر أي "قناة السويس"، وإيران ليست في حال عداء مع مصر، وهناك علاقات دبلوماسية وزيارات متبادلة بين المسئولين في البلدين، وعدم استجابة النظام المصري الجديد للضغوط الإسرائيلية قانوني ومشروع، وليس من حق إسرائيل أو الولايات المتحدة المطالبة بإجراء استثنائي يمنع دخول السفن الحربية الإيرانية، ويُعرّض مصر وحكومتها لإحراج دولي كبير، خاصة أن السفينتين، ليستا في مهمة قتالية وتزوران سورية للمشاركة في مناورات عسكرية مشروعة.
فيما رأى الكاتب زهير أندراوس في صحيفة القدس العربي أنه خلال الفترة المقبلة سوف يعاني المجتمع في مصر من دوامة من المكائد السياسية وعدم الاستقرار، والأحداث التي ستشهدها مصر ستوفر عناوين مقلقة للغاية، وبالتالي على حكومات العالم أن تكون في حالة تأهب وفي حال من اليقظة حيال التطورات القادمة بمصر، هذه التطورات التي يمكن أن تهدد قناة السويس، والسلام مع إسرائيل والاستقرار الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط.
ولفت الكاتب فيصل جلول في صحيفة الخليج الإماراتية إلى أن القاهرة شهدت ثورات كلها اندلعت خلالها الحرائق بالمدينة، ولم تعرف حتى الآن هوية من يشعلها، أما ما هو واضح ومعروف أنها تمت في سياق انتفاضة شعبية، ومن أجل قلب حكومة قائمة، وكأن التغيير السياسي الجذري في مصر يمر بإشعال الحرائق في العاصمة، ويرى أن الحرائق التي طالت مقر الحزب الوطني ومقار الشرطة ورموز الدولة المصرية ما كان لها أن تتم لولا نظرية “الفوضى الخلاقة”، التي اعتمدها الأمريكيون من أجل زعزعة استقرار دول مؤيدة لهم وحملها على تجديد طاقمها الحاكم؛ لتصبح أكثر قدرة، وأكثر جدارة، بالتحالف مع واشنطن وتل أبيب، فما من شك أن المصريين عوضوا حريق القاهرة الأول بالحصول على الناصرية التي بعثت آمالاً عريضة في مصر وفي العالم العربي، أما في الحريق الثاني فمن المتوقع أن تتضاعف الأضرار المادية والسياسية الآن معًا خصوصًا عندما يكون بديل النظام من الضفة السياسية الأمريكية نفسها.
قضايا أخرى
لفت الكاتب غازي صلاح الدين العتباني بصحيفة الشرق الأوسط إلى أن الثورة المصرية وإن لم تكن أولى الثورات العربية إلا أنها تميزت بكونها تعبيرا عن إرادة وطنية جامعة تخطت الخطوط الفاصلة بين الطوائف والملل والتصنيفات السياسية والاجتماعية فاستحقت بذلك أن تكون مقدمة لثورة أصلية.
وأشارت الكاتبة ديانا مقلد بالصحيفة ذاتها إلى المصري جمال إبراهيم الذي أطلق على رضيعته التي ولدت بعد ثورة 25 يناير اسم "فيس بوك" تكريما للثورة المصرية وشبابها الذين بات موقع الفيس بوك الإلكتروني رمزهم ورمز الانتفاضات التي أعقبت الثورتين التونسية والمصرية، وأضافت أنه مع مجريات الأحداث الراهنة في ليبيا والبحرين واليمن قد نشهد مسميات لأطفال عرب آخرين فقد يولد "تويتر" و"يوتيوب"، وترى أن ما يحدث الآن على الساحة العربية إنما هو مسار جديد مليء بالأحلام ومسئوليات، يمكن أن يثمر عدالة اجتماعية وسياسية منشودة، بينما يحمل مكنونات الانفجار، يحتاج إلى الانتباه والاهتمام ورعاية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق